هبة الحبش تكتب: يوم المرأة العالمي في عصر الإدمان الإلكتروني

{title}
نبأ الأردن -
في عصرٍ تهيمن فيه التكنولوجيا على حياتنا اليومية، لم تعد الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية مجرّد أدوات للتواصل والترفيه، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا، تؤثر على أوقاتنا وصحتنا وعلاقاتنا. ومع حلول يوم المرأة العالمي، نجد أنفسنا أمام سؤالٍ ملح: كيف تتعامل النساء مع الضغوط الرقمية المتزايدة؟ وكيف يمكنهن الحفاظ على استقلاليتهن ووقتهن في ظل هذا الإدمان الإلكتروني المتسلل؟

في هذا اليوم المميز الذي يحتفي بقوة النساء ودورهن في بناء المجتمعات، تُطرح قضية الإدمان الرقمي كأحد التحديات الحديثة التي تواجه المرأة في عالم متصل بلا انقطاع. إنه عالم يسرق الوقت والطاقة، ولكن يمكن للمرأة أن تثبت قوتها ليس فقط بإنجازاتها المهنية أو الاجتماعية، بل أيضًا بقدرتها على تحقيق توازن صحي بين الواقع الافتراضي والحياة الحقيقية.

كمرشدةٍ أسرية، ألتقي بنساءٍ يعانين من الإرهاق الرقمي، دون أن يُدركن أنهنَّ عالقات في دوامة الإدمان الرقمي. يأتي يوم المرأة العالمي كلَّ عام ليذكرنا بقوة النساء ودورهن في بناء المجتمعات، لكنه يأتي اليوم في عصرٍ مختلف، حيث أصبح الهاتفُ هو الحاسةَ السادسةَ لنا. من امرأةٍ عاملةٍ تحت ضغوط العمل، إلى أمٍ ذات مسؤولياتٍ عائلية، ثم إلى ناشطةٍ على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتجد نفسها أسيرة عالمٍ رقميّ يسرق منها وقتها، انتباهها، وحتى صحتها النفسية.

هنا، تكمُنُ قوة المرأة وتحدياتها بين الواقع الوهمي والحياة الحقيقية، بين حريتها الرقمية والفخ الإلكتروني. فمن منصةٍ تلوَ الأخرى، وإشعاراتٍ لا تتوقف، وتصاعدٍ لثقافةِ الإنجازِ والحياة المثالية المصوَّرة، أصبح من الصعب عليها أن تنفصلَ عن هاتفها أو حاسوبها.

تشير الدراسات إلى وجود فروقٍ بين الجنسين في أنماط الإدمان الإلكتروني. فبينما يميل الرجال إلى إدمان الألعاب الإلكترونية، تكون النساء أكثر عرضةً لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي. فعلى صعيد وسائل التواصل الاجتماعي، النساء أكثر عرضةً للإفراط في الاستخدام بنسبة 71%، مقارنةً بـ 64% للرجال، حيثُ يكون الدافع في كثير من الأحيان هو الشعور بالانتماء والتواصل.

لكن هل هذا هو التمكين الحقيقي؟ أم أننا دخلنا في دائرة من الاستهلاك الإلكتروني الذي يستنزف طاقتنا بدلًا من تعزيزها؟

إنّ هذا ما يسمى بالإدمان الرقمي تحت مظلة الإنتاجية، محاصرة المرأة بين الرغبة في التواصل الاجتماعي والضغوط المجتمعية أو العملية، أي أنهنَّ يشعرن بالحاجة للبقاء متاحات طوال الوقت، سواء في بيئة العمل، العائلة، أو حتى في الصداقات.

جاء يوم المرأة العالمي هذا العام في الشهر الكريم ليمنحنا الفرصة بتطبيق الاستقلال الرقمي عن طريق استخدام برنامج "الصيام الإلكتروني"، لاستعادة السيطرة على وقتها وعقلها. فالمرأة القوية ليست فقط من تحقق إنجازاتها المهنية، بل هي التي تدير وقتها بذكاء، وتقرر متى تكون متصلة رقميًا ومتى تنفصل بوعي.

جاء الصيام الإلكتروني بخطوات بسيطة لتمكين الذات عن طريق تحديد ساعات معينة من غير تواصل رقمي، وإدارة المنصات الاجتماعية بذكاء، والتشجيع على ممارسة أنشطة واقعية، ومنح نفسكِ وقتًا حقيقيًا للراحة. فالمرأة ليست آلة إنتاج، وليست مضطرة للانخراط في سباق رقمي لا ينتهي.

فلنجعل هذا اليوم نقطة تحول، خذي خطوة للوراء، راقبي كيف تستهلككِ التكنولوجيا، وابدئي بتحديد حدود صحية لاستخدامها. تحرري من ضغط التواجد الدائم، واستعيدي وقتكِ لنفسكِ، لعائلتكِ، ولحياتكِ الحقيقية بعيدًا عن العالم الافتراضي. لنحتفل ليس فقط بإنجازاتنا، بل أيضًا باستقلالنا عن الإدمان الإلكتروني، وامتلاكنا لزمام وقتنا، وحياتنا، وعقولنا.

تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير