ليان عاصي تكتب: "رمضان بين الركام والأمل .. من نابلس و الشتات إلى غزة "
نبأ الأردن -
ها هو رمضان قد أطلّ علينا، يحمل بين طياته بركة السماء وعطر الإيمان، يفتح أبواب الرحمة على مصراعيها ...
يتهادى إلينا محمّلًا بالخير والبركة، يكسو ليالينا بنفحات الإيمان، ويعيد ترتيب أيامنا على وقع الأذان وموعد الإفطار. في "نابلس" كما في كل عام، يتردد السؤال المعتاد في الأحياء والأسواق "أبيض ولا أخضر؟" فالأول من رمضان لا يمر دون "عكوب" أو "ملوخية" ، عادةٌ نابلسية لا تحيد عنها العائلات مهما اختلفت الظروف.
الليل بارد، لكنه دافئ بالتجمعات العائلية، بالضحكات المتناثرة بين زوايا البيوت، بالمائدة التي تمتلئ بكل ما لذ وطاب، برائحة القطايف التي تغمر الأزقة، وبأكوام العصائر المصطفة على الطرقات تنتظر أيادي الصائمين. الجميع يتحلق حول المدفأة في انتظار أذان المغرب، تتعانق الأيدي بالدعاء، وترتفع الأعين نحو السماء طمعًا في الرحمة والقبول.
وفي غزة، للسنة الثانية على التوالي، رمضان يحل بين الركام، بين أطلال البيوت المنهارة، وبين أنقاض الذكريات التي كانت يومًا عامرة بالحب والأمان. هناك، على الضفة الأخرى من المشهد، تجاهد العائلات لتجمع ما تبقى من طعام، تبحث عن أي شيء يمكن أن يدفئ صغارها في ليلٍ قارس البرد. الإفطار هناك ليس مجرد موعد مع الأذان، بل مع الأمل، مع الصبر، مع التحدي الذي لا ينطفئ في عيون الغزيين.
وفي الضفة، وفي الشتات، نحتسي قهوتنا قرب المدافئ، نتبادل الأحاديث حول وجبة الغد، نخطط لمائدة أخرى عامرة، بينما في قلوبنا غصة، وفي عيوننا تساؤلٌ مرير: أهي وحدة وطنية أم مفارقة قدرية؟

























