بين تشجيع الاستثمار وهراوة ضريبة الدخل

{title}
نبأ الأردن -
تفاجأت خطوط الشحن البحري العالمية ووكلائها في الاردن بقرار دائرة ضريبة الدخل والمبيعات القاضي بالمطالبة بسداد كامل الضريبة المقررة على أجور الشحن الصادر والتي كانت الحكومات الماضية قد خفضتها من 10% الى 3% لدعم الصادرات الاردنية وبالتالي انعكست على اسعار الشحن على تلك الصادرات.
الضريبة على أجور الشحن الصادر بنسبة 10% والتي فرضت على شركات الشحن البحري ووكلاء الملاحة، كانت تزيد كلف الشحن على المصدر الاردني لكونه سيدفع هذه النسبة لشركات الملاحة، وبالتالي بعد تخفيضها الى 3% اصبحت شركات الملاحة تخفض اسعار الشحن وفق النسب الجديدة.

لتفاجئ شركات الملاحة ووكلائها بمطالبة ضريبة الدخل وبأثر رجعي بتسديد نسبة 10% ضريبة أجور الشحن الصادر، وهي التي كانت تتقاضى من المصدرين نسبة 3% وفقا لقرار رئاسة الوزراء، وهو الامر الذي يضعها امام التزامات مالية غير محسوبة وتؤثر على مركزها المالي ، وليس بإمكانها في الوقت الحالي الرجوع على المصدرين للمطالبة بفرق الضريبة التي تطالب بها دائرة ضريبة الدخل والمبيعات بعد سنوات من العمل بالضريبة المخفضة الى نسبة 3%.


والان الخطوط الملاحية يترتب عليها ضريبة اجور الشحن البحري والتي كانت نسبتها 3%، واعادة المطالبة بكامل النسبة أي 10% والمطالبة بها بأثر رجعي من عام 2019.

وهو ما يتعارض كليا مع قرار مجلس الوزراء رقم 816 تاريخ 9-3-2010 الذي نص على اعفاء 70% من ضريبة الدخل المقتطعة على الدخل للشخص الطبيعي او الاعتباري "غير المقيم" وهو بطبيعة الحال ينطبق على الخطوط الملاحية العالمية، حيث تم تحديد نسبة الضريبة المستحقة على اجور الشحن الصادر بنسبة 3% بدلا من 10% ولم يرد لاحقا اي قرار يلغيه وهو في حقيقة الامر قرار اتخذ لتشجيع الصادرات الاردنية وتوسيع حجم الاستثمار.

دائرة ضريبة الدخل وجهت مطالبات للخطوط الملاحية ووكلائها للمبادرة بتسديد قيمة الضريبة الكاملة دون تخفيض ، وتطالبها بذلك بأثر رجعي من عام 2019 لتسديد المستحق عليها ، والعديد من الخطوط البحرية لم تعد تعمل على خط العقبة منذ سنوات بسبب الاوضاع الاقليمية ، وبالتالي فإن المطالبة اصبحت توجه لوكلاء الخطوط العالمية ، بدون مبرر ، والتلويح برسوم وغرامات.

لا سيما وان العودة الى تطبيق القرار بأثر رجعي له تأثيرات سلبية وبطبيعة الحال اي كلف اضافية على وكلاء الشحن الذين سيتكبدون مبالغ مالية لم يتم استيفاؤها من المصدرين في حينه.

كما وان اصرار دائرة ضريبة الدخل على تطبيق استيفاء نسبة الضريبة الكاملة سوف ينعكس على كلف الصادرات وهو ما يؤثر على تنافسية الصادرات الاردنية في الاسواق العالمية فيما يتعلق بسعر المنتج النهائي، وبطبيعة الحال المصنعين سوف يعكسون هذه النسبة على السعر النهائي للسلعة .

كتاب دائرة ضريبة الدخل والمبيعات الذي يناقض ما تطالب به الان وهو كتاب موجه لوكلاء الشحن في الكتاب رقم 9/6/4607 تاريخه 31/8/2021 تضمن ان ضريبة الدخل يجب ان تقتطع على الشحن البحري الصادر نسبة 3%.

وهي ذات الدائرة التي تطلب الان من وكلاء الشحن وخطوط الشحن البحري تسديد نسبة 10% من اجور شحن الصادرات وبأثر رجعي من عام 2019.

علماً بأن الرئاسة قد قامت بإرسال كتاب الى مكتب رئيس الديوان الخاص بتفسير القوانين في عام 2022 للاستفسار عن هذا الموضوع في كتاب الى رقم 13/11/1/13057 وكان رد الديوان في كتابهم رقم 2/1/23/3616 وباختصار:


" فان المشرع الأردني أخذ بمبدأ سنوية الضريبية كأساس للفترة التي يحاسب عليها المكلف على مصادر دخله الخاضعة للضريبة ومفاده أن الضريبة تفرض على الدخل المتحقق في سنة الاستحقاق بصورة مستقلة عن باقي السنوات الأخرى وهو من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القانوني في قانون ضريبة الدخل.


وعلى الرغم من أن نص المادة (٧٨/ج) من القانون المعدل رقم (٣٨) لسنة ٢٠١٨ يتضمن بأنه لا يحق لمجلس الوزراء منح أي إعفاءات ضريبية على الضريبة المستحقة بعد نفاذه الا للحالات المحددة حصراً في القانون ذاته، إلا أن ذلك لا يلغى مبدأي الأثر المباشر للقاعدة القانونية وعدم رجعية القوانين وان القانون الجديد لا يسري إلا على الوقائع والاحداث التي تقع بعد سريان أحكامه ولا يسري على الماضي سواء اكان ذلك بشأن القوانين العامة أم الخاصة ما لم يرد نص صريح على ذلك وبالتالي فإن القانون الجديد لا يمس المراكز القانونية التي تكونت قبل نفاذه ما لم يتضمن نصاً صريحاً على رجعية نفاذ أحكامه.


وحيث أن قانون ضريبة الدخل رقم (34) لسنة 2014 وتعديلاته لم يرد به ما يفيد بسريان أحكامه بأثر رجعي، لذا فإنّه لا يجوز إلغاء أية امتيازات سبق أن تم منحها جراء صدور قانون جديد ينظم الية احتساب الضريبة، والأمر ذاته بالنسبة للإعفاءات الناجمة عن اتفاقيات ثنائية او متعددة الأطراف سبق للحكومة أن ابرمتها مع جهات مكلفة ضريبياً وتم منحهم بموجبها إعفاءات وامتيازات ضريبية حيث يبقى هذا الاعفاء قائماً إلى نهاية المدة المحددة بالاتفاقية ذاتها ما لم يرد نص صريح على الغائها."

ان زيادة تكاليف شحن الصادرات في هذه الفترة الصعبة على الاقتصاد الاردني توجه ضربة قاضية للصادرات الاردنية وتنافسيتها، لا سيما مع تراجع خطوط الشحن البحري القادمة للعقبة لكونه ليس ميناء عبور انما ميناء داخلي يحتاج لوقت اضافي وكلف اضافية للوصول اليه، يترافق ذلك مع ارتفاع اضافي على تكاليف الشحن في ضوء التوترات في الاقليم والعالم.

وهو ما يتطلب من الحكومة التدخل لوقف مثل هذه الاجراءات التي تضر بتوجهات الحكومة الحالية التي اتخذت عدة قرارات لتشجيع الصادرات عبر تخفيض كلف الشحن ، لتأتي قرارات ضريبة الدخل هذه لتمحو اي اثر لتلك الاعفاءات التي اقرتها الحكومات وفق رؤيتها وبعد دراسة مستفيضة لما يمكن ان تنعكس على تشجيع الصادرات الاردنية وتنافسيتها مع صادرات الدول الاخرى وتحقيق الاهداف الاقتصادية في دعم الصناعة المحلية.

كما ان هذا القرار يفقد ميناء العقبة تنافسيته التي باتت اضعف في ظل الظروف الاقليمية والتوترات في المنطقة، اضافة الى ان قرار الضريبة سوف يشجع المصدرين للتحول نحو موانئ مجاورة لتقليل كلف الشحن والاستفادة من الموقع الجغرافي للموانئ المجاورة المطلة على البحر المتوسط والبحر الاحمر وقناة السويس.

وبذلك تكون فوائد تطبيق قرار ربما في ظاهره يوفر للخزينة اموال اضافية ولكنه على ارض الواقع سوف يضر بالاقتصاد الوطني وتحصيلات الضريبة من هذا البند على المدى البعيد ويؤثر على تنافسية الصادرات وكذلك كما قلنا تنافسية ميناء العقبة وفق ما سبق.

المطلوب من الحكومة ان توقف الاجتهادات في هذا الموضوع والالتزام بقرارات حكومية سابقة كان الهدف منها تشجيع الصادرات الاردنية ومنحها اعفاءات ضريبية لا تزال بأمس الحاجة لها في ظل ظرف اقليمي ومحلي ضاغط على الاقتصاد والصادرات الاردنية ، يدعمها عدم قانونية المطالبة بأثر رجعي بضريبة مخفضة لم يصدر اي قرار لاحق يفيد بوقف العمل بها.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير