حمـــادة فـراعنة يكتب : ماذا بعد الاحتفال السوري؟
نبأ الأردن -
احتفل السوريون، يوم الجمعة 13 كانون أول ديسمبر 2024 بسقوط النظام السابق، وهذا حق لهم، وهم بهذه الاحتفالات التي شملت المدن الرئيسية، من العاصمة دمشق إلى حمص وحماة وحلب واللاذقية، أعطوا الشرعية الشعبية لعملية التغيير، وعبروا عن الانحياز لها، والتخلص مما يبدو أنه كان متسلطاً عليهم، و لا يعكس التعددية السورية: القومية، الدينية، السياسية، بل يقتصر على الحزب الواحد، والرئيس الواحد، والأسرة الواحدة، والطائفة الواحدة، وبذلك ولهذه الأسباب، وهي تعكس فشل النظام لأن يكون تعددياً، ديمقراطياً، يحتكم لنتائج صناديق الاقتراع، وإفرازاته، ولهذا وقع التغيير السريع مثيلاً لما حصل في تونس وليبيا ومصر واليمن والسودان، والبلد العربي المنسي الصومال.
احتفل السوريون بانحسار دور إيران، بعد الضربات الموجعة التي وجهتها قوات المستعمرة للمقاومة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني ولا تزال، والضربات المماثلة لحزب الله التي أرغمته على قبول معادلة الانسحاب مقابل الانسحاب، انسحاب خلايا حزب الله من الحدود الفلسطينية إلى ما بعد نهر الليطاني، مقابل انسحاب قوات الاحتلال إلى الحدود الدولية المتفق عليها بين لبنان وفلسطين، بضمانات أميركية فرنسية، وها هي تستكمل المستعمرة أهدافها الاستراتيجية بالهيمنة والتسلط وفرض مشروعها التوسعي على سوريا، كما فعلت وتفعل في فلسطين ولبنان.
احتفل السوريون بتغيير النظام، وهذا بمثابة استفتاء لما جرى، ولِما كانوا يتطلعوا إليه، ولكنهم لم يحددوا بعد ماذا يريدون، لم يشاورهم أحد، وفُرض عليهم، كما النظام السابق ولهذا احتفلوا وأعطوا شرعية لعملية التغيير، ولكنهم لم يُستفتوا عن اللاحق.
ما يتطلع له الشعب السوري، حقاً، هو كرامتهم التي يستحقونها، وحريتهم التي يحتاجون إليها، وقرارهم نحو الاختيار، عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وإفرازات صناديق الاقتراع بشأنها.
الفترة الانتقالية مهمة، حيث تستعيد المعارضة الشعبية وتبرز، نحو صقل وصعود قياداتها المدنية، السياسية النقابية التمثيلية المعبرة عن التعددية الطائفية والقومية والطبقية والحزبية والسياسية، كي تكون عابرة للحدود المحلية والمناطقية، تعكس روح المواطنة المندمجة المترابطة مع بعضها البعض نحو وطن حُر للجميع، لا يُستثنى أحد ولا يُعاقب، ولا يعزل أحد بسبب دينه أو قوميته أو مواقفه وخياراته السياسية.
سوريا ليست بلداً حديث العهد بل لها تاريخ وحضور وقوة وشعب واقتصاد، ولهذا فرضت قضيتها واهتمام الآخرين بها، بدءاً من الإدارة الأميركية واتصالاتها، إلى الأطراف الإقليمية المختلفة، وها هي الأحزاب الشيوعية العربية التسعة من الأردن والبحرين والسودان والعراق وفلسطين ولبنان ومصر والمغرب وسوريا، تصدر بياناً موحداً يوم 13/12/2024، تضامناً مع الشعب السوري ضد تطاول وعدوان المستعمرة وتوغلها وتوسيع احتلالها لأراضي الجولان، وإلغاء مضامين اتفاقية وقف النار لعام 1974، ولهذا دعت الأحزاب الشيوعية العربية إلى «تكاتف السوريين وقواهم الوطنية لمواجهة التحديات» وضرورة: «إرساء دعائم نظام حكم مدني ديمقراطي تعددي أساسه المواطنة» وأن تعمل الأمم المتحدة على «ضمان إلزام المستعمرة بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، ووقف عدوانها على سوريا وسحب قواتها من الأراضي السورية المحتلة».
كما عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً يوم 13/12/2024، لصياغة موقف عربي موحد إزاء احتلال المستعمرة لأراض إضافية بالجولان السوري المحتل، والمطالبة بتنفيذ قرار مجلس الأمن 350 الصادر عام 1974، المتضمن وقف إطلاق النار بين الطرفين، والقرار 497 الصادر عام 1981، الذي يُطالب قوات المستعمرة بالانسحاب من الجولان السوري المحتل، واستكمال الاهتمام وذروتها اجتماع العقبة العربي الدولي، بدعوة من الأردن يوم السبت 14 كانون أول 2024.