نشأت الحلبي يكتب : عندما "هددني" نظام الأسد .. "خِف يا نشأت"!
نبأ الأردن -
عندما اندلعت الثورة السورية، دبّ فينا الحماس، نحن معشر الصحفيين والكتاب، فتلك كانت لحظة فارقة تدب في شرايين الأمة التي "جفّت"، فحين تحولت "صفعة البوعزيزي" في تونس إلى "ربيع عربي"، حسبنا أن "نسائم" الحرية قد بدأت تهب على كل بقاع الأرض العربية، فالحناجر تصدح بالحرية، وزعماء يتطايرون إما هرباً بالطائرات الخاصة تحت جنح الظلام، أو تحت حراب الشعوب التي قالت، أخيراً، لا.
بدأ الخوف إذن يتلاشى، أو ربما انتهى إلى غير رجعة، وتلك كانت الصورة في سوريا، وعلى نغمات أغنية سميح شقير "يا حِيف"، التي اشتهرت بعد اندلاع الأحداث قي درعا على وجه خاص، وبدء قمع الاحتجاجات بالسلاح، كنت أكتب سلسلة من المقالات، أيام العمل في "صحافة الاغتراب"، دعماً لحق السوريين في حياة كريمة،
فمن مقالة إلى مقالة، ومن تحليلٍ وراء آخر، كنت أتخيّل رؤية الحلم وقد لاح في أُفق "المستحيل"!
فيما مضى، في نهاية التسعينيات وبداية الألفية الثانية، كنت أتشوّق لزيارة سوريا، لكن صديقاً نصحني أن آخذ الحذر، فقد كنا قد نشرنا في جريدة "شيحان" بالأردن، عدداً من التقارير عن سوريا، وبعضها تناول ملف المعتقلين الأردنيين في سوريا، وبالأحرى "المختفين".
وبالفعل، سمعت كلام صديقي، ولمزيدٍ من الأمان، توجهت مع صديقٍ إلى السفارة السورية بعمان، وأخبرنا السفير بأننا نريد أن "نُشيّك" على إسمي وإن كان هناك ما يمنع زيارتي إلى سوريا، فقام السفير بإجراء مكالمة مع دمشق بعد أن أخذ اسم "أمي" من أجل "التشييك الأمني، على ما يبدو، وطلب مني الانتظار، وبعد حوالي نصف ساعة جاء الرد بأن لا مشاكل بخصوصي.
زرت سوريا، رغم الرعب الذي تملكني خاصة بعد الوصول إلى الحدود السورية، فلم أقل أساساً إنني صحفي، ومضت الأمور "على خير".
وفي الماضي القريب، وعودة على بدء، فعبر قناة "مُقرّبة"، وصلني تحذير، أو لربما "تهديد غير مباشر" أو "ناعم"، من نظام الأسد، وبجملة واحدة : "خف يا نشأت"، فعلى ما يبدو أنهم كانوا يتابعون كل ما يُنشر عن سوريا، وعليه فقد أزعجتهم مقالاتي وأوصلوا لي ذاك التحذير، وبعد عودتي إلى الأردن، فقد طَلبتُ، لا سيما من الناس القريبة مني، بعدم التوجه إلى سوريا مهما كان الظرف، فما كنا نسمع عن نظام الأسد، من "فرع فلسطين" إلى "صدنايا"، فضلاً عن "الوشايات الكيدية"، ما يجعلك "تفكر ألف مرة" قبل أن تنوي زيارة سوريا، فما بالك إن وصلك "تحذير"!
هذه القصة تذكرتها وأنا أرى جرائم تتكشف لم يخطر على بال بشرٍ أن يراها!
في سوريا قصة كبيرة ما زالت تفاصيلها تُكتب، وأول حرف رأى النور كان في العام 2012، ولعلني آمل وأتمنى، أن يكون آخر فصول القصة "دولة" متصالحه مع شعبها بكل فسيفسائه الديني والثقافي والعِرقي، ودولة تكون من أعمدة هذه الأمة، وسوريا الفن والحضارة والثقافة والتسامح، ووطنٌ لكل أهله، وسوريا "أم الفقير"، فلا جائع فيها، ولا مظلوم.