تواصل مهرجان الأردن للإعلام العربي بقراءة دور المؤسسات الإعلامية والإسلامية في دعم القضية الفلسطينية(صور)
نبأ الأردن -
تواصلت جلسات مهرجان الأردن للإعلام العربي، بجلسة "المؤسسات الإعلامية العربية والإسلامية ودورها في دعم القضيّة الفلسطينية، التي شارك فيها كلٌّ من الأستاذ الدكتور محمد سالم حمادي أستاذ العلاقات الدولية بالجزائر، و ناصر أبو بكر نقيب الصحفيين الفلسطينيين، وسعد العنزي الأمين العام المساعد للمجلس الوطني للثقافة والفنون بالكويت، وأدارها وزير الإعلام الأسبق المهندس صخر دودين.
وأكّد حمادي دور الأردن في الدفاع عن قضايا العرب وفلسطين، معربًا عن تقديره للجنة القائمة على المهرجان، ومتحدثًا عن الظلم الواقع على الإنسان، كخبرة لبلده الجزائر في هذا المجال، ومن هذا المنطلق فإنّ دعم الأشقاء الفلسطينيين هي عقيدة راسخة للجزائر والعرب في الشق الإعلامي.
وألقى الضوء على الإعلام في الجزائر الذي هو تتويج لمعركة حامية الوطيس تخوضها الدبلوماسية الجزائرية من مجتمع دولي ظالم وأهوج لا يؤمن إلا بمنطق القوة، لإيصال صوت فلسطين الذي تسحقه آلة الظلم الإسرائيلي.
واعتبر حمادي الصحفي الفلسطيني مقاتلًا من أجل الكرامة والعدالة وحقه، باعتبار هذا الصحفي رئيس تحرير مقدّر في العرف الجزائري الإعلامي، حيث تمكن الصحفي الفلسطيني بإصراره من نقل الحقيقة بأمانة حتى في عز الأزمة، فهو إنسان يقتدى به، ويعتبر مرجعًا إعلاميًّا لكلّ العالم، إذ استطاع قلب طاولة الإعلام على مرتزقة الإعلام في الغرب.
وقال إنّ العنوان الإعلامي الجزائري قبل 7 أكتوبر ظلّ يأخذ النصيب الأكبر، تقديرًا لهذا الحضور الكبير في المعركة الحقيقية لكلّ من يدعم الإعلام المضادّ، فنحن العرب أهل الكلمة، وكلّ الصحفيين والإعلاميين العرب تمترسوا وتخندقوا وراء الإعلام الفلسطيني الذي استطاع وبجدارة أن يؤكّد ويفرض ذاته، ويفضح المخططات، باتجاه المحاكم والمؤسسات الدولية، حيث الصور الفظيعة التي هي محبطة بامتياز.
وأكّد حمادي أهمية دحض السردية الوهمية الكاذبة، عن طريق الإعلام العربي الذي يجب أن يعيد تشكيل صفوفه، ويأخذ الحقوق كاملةً غير منقوصة، لا سيما وأنّ الفلسطينيّ يدافع عن العرب جميعًا، وعلينا دعمه والوقوف معه، كجزء من أمتنا الشريفة التي تشعر مع الألم الفلسطيني وأبلت بلاءً حسنًا ودافعت عن القضيّة بكلّ الوسائل.
كما ألقى حمادي الضوء على تاريخ الجزائر المليء والحافل بالشهادة والدم الزكيّ الذي يتماثل اليوم مع الدم الفلسطيني الطهور على أرض فلسطين.
وفي ورقته، ثمّن الأمين العام المساعد للمجلس الوطني للثقافة والفنون في الكويت سعد العنزي، الدور الأردني في إقامة مهرجان الإعلام العربي تحت شعار (نصرة فلسطين).
كما أكّد العنزي على مسألة لا تقبل التشكيك أو الجدل، وهي موقف الكويت التاريخي الثابت والراسخ لدعم ونصرة القضية الفلسطينية منذ ما قبل النكبة الأولى عام 1948، حيث تدلنا الوثائق والمصادر التاريخية على دعم الكويت للمقاومة الفلسطينية منذ عشرينات القرن الماضي، عندما كان يتم تهريب الأسلحة على ظهور السفن من الكويت إلى العراق ومنها إلى فلسطين لدعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، وموقف الكويت الرسمي والشعبي لم يتغير تجاه دعم القضية الفلسطينية معنويا وماديا وإعلاميا وشعبيا وبكافة الوسائل الممكنة..
وتابع العنزي: "بينما نحن نجتمع اليوم هنا، يقام في الكويت المعرض الـ60 للتراث الفلسطيني بعنوان "خيوط الصمود" وسط حضور دبلوماسي كبير من مختلف دول العالم شرقا وغربا، ويحظى هذا المعرض بتفاعل وتغطية إعلامية واسعة من مختلف وسائل الإعلام الكويتية".
وقال إنّ التاريخ زاخر بالمواقف السياسية والشعبية الكويتية لدعم القضية الفلسطينية، وليس أدل على ذلك من احتضان الكويت لرموز العمل السياسي والمقاومة الفلسطينية، ففي الكويت تأسست منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 ، كما أنّ المحطة الأولى لياسر عرفات وإقامته وتأسيسه لحركة «فتح»، في الكويت كانت بين عامي 1957 و1958.
وقال العنزي إنّ بدء التواجد الفلسطيني في الكويت يعود إلى عام 1936 حين وصلت أول بعثة تعليمية إلى الكويت، وكانت بقرار من المفتي الحاج أمين الحسيني، وضمت الطلائع الأولى من المدرسين، وكان من أشهرهم درويش المقدادي الذي وصل عام 1950 وعُيّن مديرًا لدائرة المعارف الكويتية آنذاك.
وعن دور المؤسسات الإعلامية في بناء الرأي العام وتوعية الجمهور بالقضية الفلسطينية، قال العنزي إنّه مما لا شكّ فيه أنّ الآلة الإعلامية وقت الحرب تُعدّ بمثابة الآلة العسكرية، وقد ساهمت وسائل الإعلام الخليجية والعربية والعالمية في بناء الرأي العام وتوعية الجمهور وجعله على اطلاع مباشر بحقيقة ما يحدث في فلسطين من حالة إبادة جماعية في مختلف مناطق قطاع غزة والضفة الغربية، لاسيما من خلال شبكة المراسلين الذين ينقلون الأحداث على الهواء مباشرة أو من خلال البرامج التحليلية التي تغزو عقل المشاهد وتكشف له حقيقة المعركة وتفاصيل المذبحة على أرض الواقع، وتدحض بما لا يقبل التشكيك مزاعم الكيان الصهيوني المحتل.
وأكّد العنزي ما لعبته وسائل الإعلام من دور مهم في معركة صمود الشعب الفلسطيني المحتل، إذ كان الإعلام حاضرًا وكان سلاحًا لا يقل قوةً عن البارود.
و على الوجه الآخر، قال العنزي إنّ وسائل الإعلام ساهمت في توعية جمهور المحتل الذي ظل سنوات واقعا تحت زيف وسائل إعلام المحتل والموجَّهة نحو جمهوره بما يود هو إيصاله، لكن اليوم ومع تنامي وسائل الإعلام العربية، استطاعت هذه الوسائل الإعلامية أن تغزو المجتمع الإسرائيلي نفسه وتوضح للرأي العام هناك حقيقة ما يدور من معارك وموقف قادته من الحرب، وساهم في ذلك شهادات الأسرى الإسرائيليين الذين تم الإفراج عنهم وهم يودعون القادة الفلسطينيين بالابتسامات والدموع، وينقلون لأسرهم وذويهم مساحة الحب والتسامح التي رأوها في الجنود الفلسطينيين، وحسن معاملتهم لهم.
وقال العنزي إنّ كل هذا وغيره كشف الدور المهم لوسائل الإعلام المختلفة، وساهم في توعية الجمهور الغربي أيضا، الذي خرج بالآلاف في ساحات الجامعات الأوروبية والأمريكية والشوارع والميادين مناصرا للحق الفلسطيني ومنددا ببشاعة ما يرتكبه العدو الصهيوني من مجازر تجاه النساء والأطفال والأبرياء العزل في مختلف مناطق فلسطين.
وتحدث العنزي عن التحديات التي تواجه الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، حيث يندى الجبين عندما نتحدث عن التحديات والتضحيات التي قدمها الصحفيون والإعلاميون الفلسطينيون، ونحن نطالع قائمة الصحفيين الذين قتلوا في الحرب الدائرة الآن وفقًا لما ذكرته لجنة حماية الصحفيين منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر وحتى 7 يونيو 2024، حيث توفي ما لا يقل عن 108 صحفيين وغيرهم من العاملين في وسائل الإعلام. وكان من بين القتلى 103 صحفيين فلسطينيين.
وقال إنّ التحدي وسط نيران الهدف يكون من أجل البقاء على قيد الحياة أو الموت برصاص القناصة الذين يستهدفون الصحفيين والإعلاميين تحديدا من أجل قتل صوت الحق وعدم إيصاله إلى الجماهير في الداخل والخارج، وأن يبقى الرأي العام على جهالته وبمستوى ما يريد المحتل وآلته الإعلامية إيصاله من جانب هذه الآلة فقط، ولنا في مشهد قنص "الصحفية شيرين أبو عاقلة" خير شاهد ودليل على استهداف الصحفيين الفلسطينين بدم بارد من قبل المحتل، والعديد من الصحفيين قبل شيرين وبعدها، والمشاهد لا تحصى من آلاف الصحفيين وفقدهم عائلاتهم بالكامل، حيث كان "الصحفي وائل الدحدوح" نموذجا للاستهداف والصمود.
والقائمة تطول حول مشاهد استهداف الصحفيين والإعلاميين الفلسطينين، والحديث عن التحديات يبدو بسيطا أمام استهداف حياتهم، فهم يواجهون الموت في كل لحظة من أجل منع وصول الحقائق إلى العالم وإلى الرأي العام.
ولفت العنزي إلى الأمر المهم في الحرب الأخيرة التي وصل صداها إلى العالم أجمع وبعدة لغات، وهو موضوع التوثيق، فكل جرائم الاحتلال ضد الصحفيين والإعلاميين موثقة، وبعض المؤسسات الإعلامية الفلسطينية والخليجية والعربية التي فقدت مراسليها برصاص المحتل قامت بتوثيق هذا الجرائم وأعلنت في غير موضع عن ملاحقة الجناة ورفع القضايا الدولية ضدهم، تلك الجرائم التي لا تسقط بالتقادم مهما مضى الزمن ومهما تبدلت القيادات أو تبدّل المسؤولون عن هذه الجرائم.
وحول دور الإعلام الجديد ومنصات التواصل الاجتماعي في نشر المعلومات حول القضية الفلسطينية، قال العنزي إنّ الإعلام الجديد لعب الدور الأبرز في نشر المعلومات حول القضية الفلسطينية، لاسيما خلال الحرب الدائرة الآن، وعلى الرغم من تحديات المنع والتعليق وملاحقة أي منشورات على كافة وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بالقضية الفلسطينية، إلا أنّ الشباب العربي والمغردين كانوا أذكى من "الخوارزميات" واستطاع التحايل على وسائل المنع الإلكترونية التي تدعم العدو الصهيوني بطبيعة الحال، ومن دون التصريح بكلمات "إسرائيل"، "فلسطين" تحايلوا على تقطيع الكلمات أو تغيير التسمية وإدخال حروف انجليزية بين الكلمات العربية، ونجحوا في اختراق هذه (الخوارزميات) ووصلت رسالتهم إلى كل المؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية حول العالم.
كما أكد العنزي الدور الأبرز الذي لعبته (الصورة، ومقاطع الفيديو) في دعم القضية، عندما عكست حقيقة المأساة بما لا يحمل التشكيك أو التأويل، وساهمت هذه الوسائل التفاعلية في إيصال الرسائل بشكل أوسع وأسرع إلى الجمهور الغربي قبل العربي، ولذلك كان جليًّا غضبة الشباب الغربي في مختلف دول العالم، ورفع أعلام فلسطين في معظم الدول التي تدعم الكيان الصهيوني نفسه، ولكن كان للرأي العام ولشباب الجامعات رأي آخر ربما يتعارض مع المواقف السياسية لبلادهم.
وقال إنّ القضية الفلسطينية لا تزال تتصدر صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، وتفعيل (الهاشتاغ) حول جرائم المحتل والقصص الإنسانية من قلب المقتلة والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تنسف مناطق وسلسلة عائلات بأكملها من سجل الأحياء في فلسطين.
ولذلك لم يأتِ من فراغ قيام المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق كل من بنيامين نتنياهو (رئيس الحكومة الإسرائيلية) ويوآف غالانت (وزير الدفاع السابق).
وعن مسؤولية المؤسسات الإعلامية في تقديم تغطية عادلة وشفافة حول الأحداث في فلسطين، قال العنزي: تحت هذا العنوان، يتأكد لكل متابع أو مشاهد مدى الإنحراف المهني الذي وقعت فيه بعض المؤسسات الإعلامية حول الأحداث في فلسطين، مع الأسف المؤسسات الإعلامية بوسائلها المختلفة لم تكن حيادية ولا منصفة أو حتى مهنية في تغطية الأحداث ونقل الصورة الحقيقة للحرب ضد فلسطين.
وتساءل العنزي: .. فهل يعقل أن نقف أمام وسيلة إعلامية عربية مسلمة تدين الفلسطينيين، وتصور العدو الصهيوني بأنه الضحية وصاحب؟! معربًا عن أسفه إزاء ما حدث ويحدث، حيث التغطية للحرب والأحداث في فلسطين لم تكن عادلة ولم تكن شفافة ولا مهنية، وإنما خضعت لأجندات خاصة وأوامر ملاكها ورأس المال الموجه.
وقال إنّ الأمر يدفعنا لمزيد من المراجعات حول دور الإعلام العربي، ومسؤولياته المهنية والأخلاقية، وآليات المحاسبة، ومن يحاسب من؟ وهل تحتمل المسألة إبداء وجهات النظر أمام الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتزييف الذي يمارسه المحتل؟
وطرح العنزي أسئلة كثيرة أولها "أخلاقيات المهنية"، متمنيًا أن يطرحها المؤتمر ويبحث عن إجابات لها، وأن نعيد إحياء "ميثاق الشرف الإعلامي العربي" تجاه قضية العرب المركزية الأولى.. القضية الفلسطينية.
وختم العنزي بالحديث عن عدد من إصدارات المجلس الوطني للثقافة والفنون في الكويت، ملقيًا الضوء على عناوين بارزة خدمت القضية الفلسطينية، وأهداها للجنة العليا لمهرجان الأردن للإعلام العربي، مثل مجلة العربي وعالم المعرفة والفكر، رسّخت قضيّتها في عيون الكويت والعرب والعالم.
واستهل ناصر أبو بكر نقيب الصحفيين الفلسطينيين ونائب رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين، بالحديث عن أهمية المؤتمر، مؤكدًا أهمية الدفاع عن فلسطين، كما تناول خطورة المنظومات الدولية التي وجّهت الرأي ضدّ فلسطين، بما لها من تاريخ طويل في خدمة الحركة الصهيونية. وقال إنّ تطورًا واضحًا كان في وسائل الإعلام التي اشتغلت على هذا الاتجاه.
وقال أبو بكر إنّ الحرب العسكرية ضد الفلسطينيين بدأت معها حرب التضليل الإعلامي للمجتمع الدولي، وذكر نصف الحقيقة عالميًّا، بما أسماه حرب التدوير الإعلامي.
وكاشف أبو بكر بوسائل التواصل الاجتماعي والصفحات المكرّسة إسرائيليًّا لهذا الموضوع، والتأثير عبر ذلك، والبثّ المتواصل لإثبات صدق هذه الرواية، لاستمرار الدعم الغربي الذي لولاه لن تبقى دولة الاحتلال.
كما أكّد أهمية تماسكنا كأمّة عربية، دون ثنائيات أو مذهبيات يلعب عليها الآخر وتثنينا عن الهمّ الأكبر وهو الدفاع عن قضيّة فلسطين.
وذكر أبو بكر بالأرقام حجم الاعتداءات والقتل الذي مارسته إسرائيل ضدّ الصحفيين تاريخيًّا، وهو ما رآه استهدافًا قابلته شجاعة الصحفي الفلسطيني الميدانية وإيمانه بدوره ضد كلّ هذه المجازر والتضحيات.
وتحدث عن الحرب الشاملة، التي دمّر منها عدد كبير من المؤسسات الإعلاميّة، ما يعكس حجم الإبادة الكبير والقتل الممنهج الذي تكشفه الدراسات والتوثيق في هذا الجانب، حيث تدمير بيوت الصحفيين وقصف منازلهم في غزة، وقال إنّ الصحفي الفلسطيني يعرف مسبقًا أنّه مشروع شهيد، فهو يمارس مهنته دون خوف.