عبدالله بني عيسى يكتب : هذا ما يجري في شوارعنا .. والعنوان "التناقض"!
نبأ الأردن -
تسأل نفسك وأنت تسير في شوارع الأردن وسط الفوضى المرورية العارمة، عن سر الفجوة الكبيرة بين ما ندعيه في من قيم ونُنَظّر به على بعضنا في الصالونات والمجالس وفي صفحات فيس بوك، وبين ما نمارسه في الواقع. إذ لماذا نبدو متناقضين على هذا النحو!
المثير للاستغراب هو أننا مهووسون بالتعبير عن "أخلاقنا" أو "هوياتنا الفرعية" أو ايدولوجياتنا التي يفترض أننا نحملها، لكننا لا نبذل أي جهد لتمثُّل القيم التي تحملها تلك الهويات، بل بالعكس نشوهها بطريقة غريبة.
أحدهم يكتب على مؤخرة سيارته : "ومن يتق اللَّهَ يجعل لهُ مخرجا" ومع ذلك يدوس على حقوق عشرات المركبات التي تصطف قبل الإشارة، ويتجاوزها جميعاً ليحشر مقدمة مركبته عنوة قبل الإشارة مباشرة". مثل هذا الشخص بالتأكيد لديه اشكالية عميقة في فهم المقصود إما من "التقوى" أو من طبيعة "المخرج" المقصود في الآية.
خذ مثالاً آخر، لشخص يستخدم رسما كاريكتورياً أضحى رمزاً للنضال الوطني الفلسطيني للتحرر من الاحتلال الاسرائيلي، يمارس البلطجة المرورية بكل أشكالها، ما يطرح حول شكوكاً عميقة حول صدق ايمانه بقضيته ما دام لا يتمثل قيمها، بالقيم لا تتجزأ، من يؤمن يعدالة قضية ما لا يمكن تكون لديه بقية القيم مختلة على هذا النحو.
خذ شخصاً ثالثاً يضع خارطة الأردن أو صورة لشخصية قيادية كبيرة على مركبته لكنه لا يتردد في إلقاء علبة سجائرة الفارغة من نافذة المركبة، دون أن يدور في ذهنه حجم الإساءة التي يلحقها بتلك الرمزيات الوطنية بسلوكه البدائي المتخلف ذاك.
ورابعاً بلحية طويلة وثوب قصير يوقف مركبته على الدوار فتتكدّس خلفه عشرات المركبات وتعلو أصوات المنبهات بطريقة مزعجة للغاية، من أجل أن يشتري كيلو موز من بائع بسطة!.
نفس الأمر ينطبق على من يضع اسم عشيرته بالبنط العريض اعتزازاً وفخراً وفي الوقت نفسه يتعمد إزالة لوحة أرقام المركبة أثناء سيره في موكب حتى يمكنه ارتكاب ما يحلو له من مخالفات ويضمن الإفلات من العقوبة. فإية قيم لتلك القبيلة أو العشيرة يعكسها ذالك الشخص. ما الذي يريدنا نفهمه من هذا السلوك الذي يرقى لمستوى الشروع في الإجرام.
طبعاً ما يحدث في الشوارع يمكن أن ينسحب على طريقة تعاطينا مع قضايانا السياسية والاجتماعية والمعيشية، وعندها يجب ألا نسأل أنفسنا: لماذا نحن في القاع؟.