د.تيسير أبوعاصي يكتب : في الأردن فقط
نبأ الأردن -
الأردن هذا البلد الناشئ الذي ما زلنا نتداول الاحتفاء بالمئوية الاولى من عمره هو جزء من بادية الشام قبل ان تدخل الى المنطقة مفردات سايكسبيكو ، اصبح بعدئذ وطنا نفخر به نصونه ونفتديه بالمهج والأرواح فهو صرحنا وحلمنا وحضن اسرارنا وخابية عزنا وشفق آمالنا فهو لنا نحن الذين نتقاسم معه ذكريات الطفولة والصبا ، عدونا معا وترعرعنا حتى اصبح واحدنا يتجلى في الآخر .
. هذا هو الاردن الذي يبلغ قرنا من العمر يتكئ على حواضر وحضارات غابرة دونت صولاتها نقشا على الصخور والسهول والجبال والمياه والجباه والسواعد ، أقامت للكرم كرنفالا وللكرامة متراسا ، سطرت للتاريخ شعبا طيبا أبيا وفيا يدرك ابجدية الفروسية ويتماهى مع نواصي الأصالة ويحيك للفداء أردية بعروقه ، وينسج راياته كوفية هدبها من رموش العين اقواس قزح تمتد من السماء الى السماء .
. هذا هو الاردن الذي يتميز بل يتفرد بجماليات تتسابق الى ذكرها مراكز ابحاث ودراسات متعددة المساقات واسواق عكاظ وقوافي ومهاجع الناي وتمايل الوتر .
. لا بأس في هذا الوطن الأغر ان نرقب في تضاريسه تفردا يأبى ان يتجلا الا في احضان هذا التميز من الطيبة والبساطة والاصالة والفروسية .
. فكيف نرى نقشا في صخر انطق مدينة وردية قبابها الصخر وجذرها الصخر ودربها واحد وشرفتها السماء ، وكيف لأغوار الدنيا ان تجد ضالتها جارة نهر الاردن ومغطس المسيح ، وكيف لروعة غروب في رم ، وكيف وكيف ، وكيف لجبال شامخات في ذرى عجلون تطل على هضاب وسهول في ربوع فلسطين ...
. في الأردن فقط يصح ان يكون احد ابناء رجالات الدولة في منتصف القرن الماضي ملهما للروائي الكبير حنا مينا في أحدى رواياته ويتصدر اليسار في احد اقطار الاقليم .
. في الأردن فقط يذهب الملك الى السجن ليخرج معارضا متميزا ويصحبه في سيارته الى احضان اسرته .
. يثير الدهشة ان يكون ابن الجنرال البريطاني جلوب (ابوحنيك) فارس [ ابو الفدا ] قد اصبح على ثرى الأردن مناضلا عروبيا يصول ويجول ضمن تطلعات المواطن الاردني وفي خضم الهم الفلسطيني وصفوف مقاومتها .
. وبعد ؛
فأي سحر وطيبة وأخوة حقيقية بين فسيفسائية هذا الأردن الجميل لم تأخذه ردهات السياسة ومتاهاتها عن بوصلة الأصالة رغم أنواء الحضارة والأعاصير.