فادي السمردلي يكتب: رفع الرواتب ضرورة ملحّة

{title}
نبأ الأردن -
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الاردن اليوم، باتت معاناة الناس تتزايد يوماً بعد يوم مع ارتفاع معدلات التضخم وتفاقم أزمة ارتفاع الأسعار هذه الظروف لا تؤثر فقط على الجوانب المادية، بل تمتد إلى الأبعاد الاجتماعية والنفسية للحياة اليومية، حيث يجد الأفراد، ولا سيما الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل، أنفسهم في مواجهة ضغط كبير لتغطية احتياجاتهم الأساسية فالدخل الذي كان بالكاد يكفي لتأمين مستوى معيشي مقبول، أصبح الآن غير قادر على مواجهة موجة الغلاء التي تطال كل شيء، من السلع الغذائية الأساسية إلى تكاليف النقل والسكن والناس باتوا يقفون عاجزين أمام هذا الارتفاع الجنوني للأسعار، مما اضطر العديد منهم إلى اتخاذ قرارات قاسية كالتخلي عن بعض الاحتياجات الضرورية أو التنازل عن مستوى معيشي كريم اعتادوا عليه من أجل البقاء فقط.

الآباء والأمهات باتوا يشعرون بثقل المسؤولية المزدوجة؛ فمن جهة، هم مطالبون بتوفير احتياجات أسرهم الأساسية في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار، ومن جهة أخرى، هم قلقون على مستقبل أبنائهم، سواء من ناحية التعليم الذي تزداد تكاليفه، وفي كثير من الحالات، نجد العائلات مضطرة إلى تقليص نفقاتها على التعليم أو الصحة أو حتى الغذاء من أجل دفع فواتير الكهرباء والماء لتي ارتفعت بشكل كبير، خاصة مع قدوم فصل الشتاء الذي يشكل عبئاً إضافياً على كاهل الأسر.

ومع اقتراب الشتاء، تتضاعف التحديات الاقتصادية، فالحاجة إلى التدفئة في المنازل، وشراء الملابس الثقيلة، وحتى صيانة المنازل لتجنب تسربات المياه أو التدفئة غير الكافية، تزيد من الأعباء المالية بشكل كبير. إن تكلفة التدفئة وحدها قد تستهلك جزءاً كبيراً من دخل الأسرة، مما يجعل من الصعب للغاية تلبية بقية الاحتياجات الأساسية وكثير من الأسر تجد نفسها مضطرة للاختيار بين تدفئة منازلها بشكل كافٍ أو شراء المواد الغذائية الضرورية. بالإضافة إلى ذلك، ترتفع فواتير الكهرباء ويزداد استهلاك الغاز  خلال فصل الشتاء، وهي فواتير قد لا يتمكن الكثيرون من تسديدها، مما يزيد من احتمالية تراكم الديون والضغط المالي.

هذه الأوضاع تؤدي إلى تدهور الحالة النفسية والاجتماعية للأفراد، حيث ينتشر الشعور بالقلق والتوتر والخوف من المستقبل والناس يعانون من فقدان الأمان الاقتصادي، وهذا ينعكس على استقرارهم الاجتماعي والعائلي. فعدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية يولد شعوراً بالعجز والخيبة، خاصة في ظل غياب السياسات الفعالة التي يمكن أن تساعدهم على تخطي هذه الأزمة فالبطالة في ارتفاع، وحتى أولئك الذين لديهم وظائف لا يشعرون بالاستقرار، لأن دخلهم الثابت لم يعد قادراً على مواكبة التضخم وارتفاع الأسعار المستمر.

في ظل هذه الظروف الصعبة، أصبح رفع الرواتب ضرورة ملحة وليس مجرد مطلب رفاهي. الزيادات الرمزية في الأجور لم تعد كافية لمواكبة هذه الأزمات الاقتصادية. يجب أن يكون هناك تحرك جاد لزيادة الرواتب بما يتناسب مع حجم التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة ورفع الرواتب سيخفف من معاناة الناس ويساعدهم على مواجهة هذه الظروف القاسية، كما أنه سيسهم في استعادة الثقة في الاقتصاد وفي قدرة المؤسسات على الاستجابة لمطالب المواطنين. هذه الخطوة لن تكون مجرد دعم اقتصادي للأفراد، بل ستساعد في استعادة التوازن الاجتماعي والنفسي للمجتمع ككل، حيث سيشعر الناس بأن هناك من يراعي ظروفهم ويسعى لتحسين أوضاعهم.

بالتالي، رفع الرواتب للموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين ومتقاعدي الضمان الاجتماعي ليس مجرد حلاً اقتصادياً لمواجهة التضخم، بل هو ضرورة إنسانية واجتماعية لضمان كرامة الأفراد واستقرارهم في ظل هذه التحديات المتزايدة.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير