أ.د.حسن عبدالله الدعجه يكتب: اليوم الوطني الصيني: رمز الوحدة والإنجازات الوطنية الشاملة

{title}
نبأ الأردن -
يُحتفل باليوم الوطني الصيني في الأول من أكتوبر من كل عام، وهو يوم يشهد التقدير العميق لإنجازات الصين في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949. يمثل هذا اليوم فرصة للتأمل في ما حققته الصين من تطورات استثنائية في مختلف القطاعات، مما جعلها واحدة من أكبر القوى العالمية اليوم.
لا يمكن التحدث عن نجاحات الصين دون التركيز على إنجازاتها الاقتصادية المبهرة. فمنذ بدء الإصلاحات الاقتصادية في أواخر السبعينيات، شهدت الصين تحولاً من اقتصاد زراعي تقليدي إلى اقتصاد صناعي وتجاري متقدم. اليوم، تُعد الصين من أكبر اقتصاديات العالم ، حيث تمثل حوالي 17% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
لقد ساهمت سياسات الانفتاح الاقتصادي والتجارة الحرة في تحويل الصين إلى "مصنع العالم"، إذ تهيمن الشركات الصينية على الصناعات التحويلية، والتصديرية، والإلكترونية. وتبنت الحكومة الصينية خططاً اقتصادية مستدامة، مثل مبادرة "الحزام والطريق" التي تسعى إلى تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية مع أكثر من 155 دولة ومنطقة اقتصادية. وبفضل تلك السياسات، ارتفع مستوى الدخل للأفراد في الصين وارتفع مستوى المعيشة بشكل ملحوظ، حيث تم انتشال مئات الملايين من الفقر في العقود القليلة الماضية.
تُعتبر الصين اليوم قوة سياسية بارزة على الساحة العالمية، بفضل استراتيجياتها الدبلوماسية المتزنة ونفوذها المتزايد في المؤسسات الدولية. يسعى الحزب الشيوعي الصيني، الذي يقود البلاد منذ 1949، إلى تحقيق رؤية "التجديد الوطني" أو ما يعرف بـ "الحلم الصيني"، وهو مشروع يهدف إلى إعادة الصين إلى مكانتها القيادية في النظام العالمي.
كما تتمتع الصين بعلاقات دبلوماسية قوية مع العديد من الدول حول العالم، وتتخذ مواقف متزنة في الأزمات الدولية. من خلال عضويتها الدائمة في مجلس الأمن الدولي، تلعب الصين دوراً محورياً في القضايا العالمية مثل الأمن الدولي ومكافحة الإرهاب وتغير المناخ.
أصبحت الصين أحد أكبر المستثمرين العالميين في العديد من الدول، لا سيما في البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا. من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، تمكنت الصين من تقديم قروض واستثمارات ضخمة لدول آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، مما ساهم في تعزيز البنية التحتية وتحسين حياة الملايين في تلك الدول.
علاوة على ذلك، تُعد الصين لاعباً رئيسياً في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تعمل الشركات الصينية الكبرى على شراء ودمج شركات عالمية في مختلف القطاعات. هذا الانتشار الاستثماري الصيني عزز من دورها كقوة اقتصادية عالمية متكاملة.
لم تكن الصين قانعة فقط بتحقيق إنجازات اقتصادية وسياسية، بل ركزت بشكل كبير على الابتكار العلمي والتكنولوجي. فالصين اليوم هي إحدى الدول الرائدة في مجالات البحث العلمي والابتكار التكنولوجي. تُعد الصين من أكبر الدول استثماراً في مجال البحث والتطوير، حيث تتنافس مع الولايات المتحدة في القطاعات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والاتصالات، والطاقة المتجددة، وصناعة الأدوية.
أحد أبرز إنجازات الصين في هذا المجال هو نجاحها في إرسال أول مركبة فضائية مأهولة في عام 2003، مما جعلها ثالث دولة بعد الولايات المتحدة وروسيا تقوم بذلك. وفي السنوات الأخيرة، تمكنت الصين من تحقيق تقدم كبير في برامج استكشاف الفضاء، بما في ذلك برنامجها الطموح لاستكشاف القمر والمريخ.
كما أن الصين تساهم بشكل كبير في تكنولوجيا الاتصالات، إذ تُعد شركة "هواوي" من أكبر الشركات العالمية في تصنيع معدات الاتصال وتطوير شبكات الجيل الخامس (5G). ويُتوقع أن تلعب التكنولوجيا الصينية دوراً مهماً في تشكيل مستقبل العالم الرقمي والاتصالات.
إدراكاً للتحديات البيئية العالمية، جعلت الصين من التنمية المستدامة وحماية البيئة جزءاً أساسياً من استراتيجياتها الوطنية. فقد اعتمدت الصين العديد من السياسات الصارمة لتقليل الانبعاثات الكربونية وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة. تسعى الصين جاهدة لتحقيق أهدافها في خفض الانبعاثات وفق اتفاقية باريس للمناخ، وتخطط لتحقيق "حياد الكربون" بحلول عام 2060.
كما أن استثمارات الصين في مجالات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تعد الأكبر على مستوى العالم. وتهدف إلى تسريع وتيرة الابتكار في هذا المجال لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة بطريقة تحترم البيئة وتساهم في حماية المناخ.
إلى جانب النجاحات الاقتصادية والسياسية، حققت الصين أيضاً إنجازات ملموسة في المجالات الثقافية والاجتماعية. الثقافة الصينية، التي تمتد لآلاف السنين، تواصل إلهام العالم، ويبرز تأثيرها بشكل متزايد في السينما والأدب والفنون الحديثة. تسعى الصين إلى تعزيز ثقافتها على الساحة العالمية من خلال مبادرات ثقافية وتبادل أكاديمي وفني.
وفي المجال الاجتماعي، حققت الصين تطوراً ملحوظاً في مجالات التعليم والرعاية الصحية. التعليم في الصين اليوم يُعتبر من بين الأفضل في العالم، حيث تتصدر جامعاتها التصنيفات العالمية. كما تحسنت خدمات الرعاية الصحية بشكل كبير، مع توسيع نطاق التغطية الصحية للمواطنين وتحسين البنية التحتية الطبية.
اخيرا: اليوم الوطني الصيني ليس مجرد احتفال بتاريخ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، بل هو فرصة لاستعراض الإنجازات الضخمة التي حققتها الصين في مختلف المجالات. من الاقتصاد إلى السياسة، ومن الابتكار التكنولوجي إلى الاستثمار الدولي، أثبتت الصين أنها قوة لا يُستهان بها على المسرح العالمي. وبفضل استراتيجياتها المستدامة ورؤيتها الطموحة للمستقبل، يبدو أن الصين على أتم استعداد لمواصلة مسيرتها نحو التقدم وتحقيق المزيد من النجاحات في العقود القادمة.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير