وائل منسي يكتب:الأردن واقتصاد السوق الاجتماعي: بين الواقع والطموح

{title}
نبأ الأردن -
في الأردن، تم تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي بشكل محدود في الماضي، وخاصة في عهد حكومتي الشهيد وصفي التل في الستينيات وبداية السبعينيات. 
خلال هذه الفترة، شجعت الدولة وسائل الإنتاج والزراعة والجمعيات التعاونية، وسيطرت على شركات القطاع الخاص الإنتاجي الكبرى. كما ركزت على نوعية التعليم والصحة والبنية التحتية رغم محدودية الموارد وصغر اقتصاد الدولة الأردنية.

ومع ذلك، تخلى الأردن تدريجيا عن هذه السياسة في العقود التي تلت ذلك، وأصبح ينتهج سياسات أكثر ليبرالية. ونتيجة لذلك، ازدادت فجوة الدخل بين فئات المجتمع، وأصبح الاقتصاد أكثر عرضة للتقلبات الخارجية.

وهناك العديد من التحديات التي تواجه تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي في الأردن من بينه الافتقار إلى البنية التحتية اللازمة لدعم اقتصاد متنوع وإنتاجي وخاصة البنية التكنولوجية والتحول الرقمي، والاعتماد على المساعدات الخارجية، والتي تحد من استقلالية الحكومة في وضع السياسات، والتشوه في الاقتصاد وضعف الأداء، الذي يعرقل التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وبالرغم من هذه التحديات، هناك العديد من الأسباب والضرورات التي تدعو إلى تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي في الأردن ومن بين هذه الأسباب، الحاجة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، والحاجة إلى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، والحاجة إلى تلبية احتياجات السكان المتزايدة، وأيضا الاستثمار في الموارد البشرية المدربة في مجال تقنية المعلومات والأمن السيبراني، وأعتقد أن لدى الحكومة الجديدة وتحديدا الوزير مثنى الغرايبة رؤية في هذا الموضوع، في جذب الاستثمارات في هذا القطاع.

ولتطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي في الأردن، هناك حاجة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك، الاستثمارات في البنية التحتية، مثل التعليم والصحة والنقل وقطاع المياه والتحول الرقمي في هذه القطاعات.
وتعزيز دور الشركات الاجتماعية.
وتطبيق إصلاحات ضريبية هيكلية، على مبدأ الضريبة التصاعدية لتعزيز العدالة الاجتماعية، وتعزيز الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بشكل حقيقي.

لا شك أن تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي في الأردن يتطلب جهودا كبيرة والتزاما سياسيا، ومع ذلك، فإن هذه الجهود يمكن أن تؤدي إلى تحقيق مجتمع أكثر عدلا وازدهارا.
ويطرح هذا المقال عددا من الأسئلة المهمة حول مستقبل اقتصاد السوق الاجتماعي في الأردن، فهل يمكن تحقيق توازن معقول وعدالة اجتماعية ولو بحدها الأدنى للفئات المختلفة محليا؟

وكيف نبدأ بخارطة طريق لاتباع مبدأ تطور على خطة مرحلية لعشرة سنوات؟ وما هي الأسس التي على أساسها نعمل على ترجمة تلك المبادئ؟
ومن هم الفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون في تحقيق ذلك؟
هذه أسئلة صعبة لا توجد لها إجابات سهلة، ومع ذلك، فإن الإجابة عليها هي خطوة ضرورية نحو بناء مستقبل أكثر عدلا وازدهارا للأردن.

وأعتقد أن الأردن مؤهل وقادر لتحقيق اقتصاد سوق اجتماعي ناجح، فالأردن بلد ذو تاريخ طويل من التآخي والتعايش بين مختلف الطوائف والطبقات الاجتماعية، كما أن لدى الأردن قاعدة اقتصادية واعدة لانطلاقة قوية، بما في ذلك الموارد الطبيعية والبشرية.
ومع ذلك، فإن تحقيق اقتصاد سوق اجتماعي في الأردن يتطلب جهودا كبيرة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. ومن الضروري أن يكون هناك التزام سياسي واضح بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المستدامة.
كما من الضروري أن يكون هناك تعاون وثيق بين مختلف الجهات الفاعلة الاقتصادية والاجتماعية.

والأردن لديه القدرة على أن يصبح نموذجا يحتذى به في مجال اقتصاد السوق الاجتماعي. فهو لديه الموارد والإمكانات اللازمة لتحقيق مجتمع أكثر عدلا وازدهارا.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير