صالح شراب العبادي يكتب : عن إعلان قادة جيش الاحتلال أن العمليات بشكل عام انتهت في غزة

{title}
نبأ الأردن -
في خطوة بنيت على الموقف العام العسكري لجيش الاحتلال في غزة ، ومبني على الموقف العام الاقليمي والمحاولات الدولية لنزع فتيل التصعيد الذي من الممكن ان  يؤدي  إلى حرب  اقليمية ..
تم الإعلان عن توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ..
خلال متابعتي لمجريات  الحرب البرية  في قطاع غزة من بدء ساعة الصفر  الى هذه اللحظة ..
كانت المهمة للجيش الاسرائيلي بشكل عام احتلال غزة قاطع يتبعه قاطع حتى الوصول الى معبر رفح ..وقد اشتملت العمليات على واجبات محددة  اهمها ، دخول المدن الرئيسية مدينة مدينة من الشمال الى الجنوب، البحث عن الاسرى ، قتل او اسر المقاومة وخاصة قادتها .
واشتملت خطة عمليات الجيش الاسرائيلي على واجبات مضمنة تسهل عملية احتلال المدن وبالتالي احتلال القطاع بالكامل ..
وهذه الواجبات  ، تدمير ممنهج لكل مناحي الحياة الانسانية( مستشفيات، مراكز طبية، مناطق زراعية ، خدمات مياه وكهرباء، تدمير البنى التحتية بالمطلق … اغلاق جميع المنافذ الحدودية واهمها معبر رفح الحدودي مع مصر ، وبالتالي قتل وإبادة الحاضنة الشعبية الفلسطينية في غزة .

كانت الخطة تسير ضمن مراحل متعددة وقد اعلن جيش الاحتلال الانتقال إلى المرحلة الثالثة .. قبل شهرين ..والمبنية على الإغارات البرية والمداهمات العسكرية  من اهم قيادات نقطة الانطلاق ( محور نتساريم في وسط القطاع و محور ديفيد ( فيلادلفيا) في جنوب القطاع .،

خلال هذه المرحلة كان هناك العديد من المداهمات على مستوى الألوية والكتائب، هدفها إختبار درجة الاستجابة لتحرك القوات من نقاط التجمع الى داخل القطاع والذي قلصه من ايام للهجوم والانسحاب إلى ساعات محدودة نظراً لمد الطرق وتكثيف المراقبة ، وتعود الجيش على أسلوب العمليات .. وتدمير العوائق الصناعية امامها بالكامل .
والهدف الرئيسي ضرب  وتدمير تشكيلات المقاومة القتالية فوق الأرض وتحتها، وتحقيق الهدف العام ( القضاء على حماس) .

يعتقد جيش الاحتلال واستخباراته انه بهذه العمليات السريعة وبعد فشله بشكل عام للقضاء على المقاومة، انه يخدعها ويقوم بتقويضها والإبرام عليها ، باعطائها فرصة لتنظيم صفوفها وظهورها في مناطق معينة ومن ثم يقوم بضربها بعمليات الإغارة السريعة عدة مرات وتدميرها حتى لو ادى ذلك الى تدمير مربعات كاملة تحوي مدنين .

الإعلان عن  انتهاء العمليات في غزة، يعني  التحول الى استراتيجية جديدة للحرب تسمح  ببقاء قوات تتمتع بسرعة الحركة  وخفة الحمولة ، مجنزرة  او منفولة بآليات عجلية محمية تتألف من قوات النخبة القتالية في محوري نتساريم و محور ديفيد ( فيلادلفيا) تحديدا وكذاك ابقاء مدفعية الغلاف  على أهبة الاستعداد، مع الاكتفاء في بعض الاحيان بالقصف الجوي والمسيرات الموجهة لمعالجة بعض المناطق دون تدخل القوات البرية ، كل هذا بتوازي مع ما يحدث الان من محادثات واجتماعات من اجل اتمام الصفقة ومن أجل  الضغط على المقاومة وبالتحديد حركة حماس المفاوضة ، في حال عدم إتمامها او فشلها .

هذه الاستراتيجية تعتمد بشكل مباشر على المعلومات الإستخباراتية ، التي ستغير على اثرها على اي نقطة تؤشر عليها المعلومات الاستخباراتية لقوات سريعة الانتشار وسريعة في رد الفعل ، ليست بالقوات الكبيرة المجحفلة كل ذلك من اجل تخفيض عديد قوات الجيش في قطاع غزة ، واعطاء فترات راحة كبيرة وإعادة تنظيم لعديد القوات وكذلك من اجل الاستعداد لمواجهة الجبهتين الداخلية في الضفة  وبشكل رئيسي جبهة الشمال مع حزب الله ..
وتهدف بشكل رئيسي إلى نوع من التضامن الدولي بعدم التصعيد والوصول إلى نقطة لا يمكن التراجع عنها فيما إذا فشلت ، وهو ما تلعب عليه اسرائيل التي اصبحت تعلن بالليل وتناقض قراراتها او ما  أعلنت  عنه  بالنهار ..

حسب اعتقادي ومتابعتي بشكل حثيث لإعلانات وتصريحات القادةالسياسيين والعسكريين، فان ذلك الإعلان عن توقف او انهاء العمليات في غزة ما هو إلا مناورة سياسية قبل ان تكون مناورة عسكرية او هي  بالأحرى مناورة ( عسكرسياسية ) .. متفق عليها او مفروضة عليهم لعدة اسباب اهمها تجنب التصعيد وبالتالي تجنب الحرب الشاملة والدخول في اتون حرب تقوض الاستقرار الهش وتصل إلى حد تدمير المصالح الاسرائيلية والامريكيه على حد سواء…
ومن اهم الاسباب ان فكرة القضاء على حركة المقاومة حماس اصبحت صعبة المنال بل تلاشت وان يكن الاعتقاد لدى قادة جيش الاحتلال انه تم اضعافها .. مع وصول الجيش الاسرائيلي إلى قناعة تامة انه لا يستطيع المضي قدماً بالحرب على هذه الشاكلة والروتين القتالي .. 
لاقتناع إسرائيل أنه لا يمكن بل من المستحيل القضاء على المقاومة وحماس تحديداً ولذر الرماد بالعيون خلال اوقات مواعيد المفاوضات للظهور إعلامياً فانها أعلنت انتهاء العمليات العسكرية مع حصولها المؤكد الموافقة من أمريكا للعودة للقتال في اي وقت بعد الهدنة…..

 تخبط القرارات العسكرية الإسرائيلية المتتالية وتضاربها لا يمكن إلا ان تكون عدم معرفة تامة واكيدة لمستقبل الحرب في غزة ، واصبحت الحرب بلا هدف او اهداف محددة بعينها وان الاستمرار أصبح   باهظ التكاليف، بل اصبح جيش الاحتلال يعاني ينتابه حالة من التذمر والرفض للأوامر وفرار وتقديم استقالات بالجملة علاوة على ما يعانيه من شعور بالإحباط العام تسلل إلى معظم الكتائب والألوية … امام المقاومة التي لا تزال تقوم بعمليات عسكرية نوعية تستنزف قوات الاحتلال بشرياً ومادياً ومعنوياً ونفسياً وسياسياً.


تبث المقاومة يومياً عمليات موثقة وبما يسمى ( مثلت الرعب الاحمر ) التي يشير الى جنود وضباط يتم قتلهم ، او يشير إلى اليات مجنزرة او مدولبة يتم تدميرها ، او يشير إلى قصف مواقع تجمع العدو وفي معظم مناطق غزة ومعظم محاور تحرك قوات الاحتلال، إضافة الى استخدام العمليات العابرة للحدود وفي قلب تل ابيب حيث العمليات الاستشهادية والتي اخترقت جميع الحواجز العسكرية والاستخباراتية معلنة بذلك مرحلة جديدة من استراتيجية توسيع دائرة العمليات وتنوعها .. 



ومن اسباب هذا الإعلان .. التيقن التام انه لا يمكن تحرير الاسرى ( ما تبقى منهم احياء او اصبحوا رفاة ) إلا بصفقة تبادل على ذلك فان استمرار الحرب سيؤدي حتماً إلى جعل الاسرى معظمهم رفاة ان لم يكن جميعهم … 
تعد شبكة الانفاق هي العمق  الاستراتيجي الوحيد الذي لم تنال منه قوات الاحتلال إلا النسبة القليلة، وان الانفاق لا يمكن تدميرها بالكامل فهي معقدة ولا تزال تخدم المقاومة بشكل رئيسي.
المعضلة التي تواجه القادة السياسيين والعسكريين، والتي تضغط بها على دول الوساطة وكذلك دول المنطقة هو خلق مكون سياسي جديد في غزة ، وبالتالي وجود من يحكم غزة في إشارة الى انهاء حماس كما يعتقدوا وعدم القبول بان يكونوا جزء من هذا المكون ..متناسين ان المقاومة فكرة متوارثة من جيل إلى جيل لا يمكن ان تزول او تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال وإزالته ..

إذا نحن امام قرار تمويهي مرحلي من اجل التماهي  مع الموقف العام بعدم التصعيد ( إعلاميا ) ، بتوقف او انهاء العمليات العسكرية من قبل القادة العسكريين والذي تم إبلاغه رسمياً إلى القادة السياسيين، بالزعم استمرار العمليات  في معظم قطاع غزة، وعلى طرف آخر نحن امام الفرصة الاخيرة لصفقة التبادل وهدنة مرحلية تسابق فيها دول الوساطة الزمن وضغط دولي ، وكذلك نحن امام ردورد محتملة إذا فشلت المفاوضات وفشلت الصفقة، وحرب تتصاعد وتيرتها وتهديداتها بين حزب الله والجيش الإسرائيلي وما تقوم به قوات الامن والجيش  في الضفة  والتي تتماهى كنموذج كما يحدث في غزة.
الخلاصة انه لن يكون هناك انسحاب عسكري من غزة ، وستنتقل العمليات إلى الشمال ، وستتعدى العمليات العسكرية الإسرائيلية حدود. قواعد الاشتباك المعهودة وستدخل القوات الإسرائيلية جنوب لبنان لا محالة ، مع تغير استراتيجيات الحرب والعمليات القتالية في الجبهات الثلاث ( غزة ، الضفة ، جنوب لبنان).

تستعر العمليات الان في ظل محاولات  التوصل إلى هدنة وصفقة تبادل ….. علماً ان بوادر فشلها قد لاح بالأفق ، ودول الوساطة باتت لا تتعدى ان تكون مجرد مكان وزمان للاجتماعات ، في ذات الوقت اصبحت مصر منخرطة في الصراع الدبلوماسي امام رفض اسرائيل الانسحاب من محور رفح الحدودي ….حيث من المحتمل ان تصبح مصر طرف في الصراع بدلاً من مجرد وسيط ، وخاصة إذا كان هناك عمليات تهجير قسري الى سيناء ….

ولا يستبعد على الإطلاق في ظل ممارسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين في الضفة والقدس ومحاولة فرض واقع احادي الجانب من خلال محاولات التهجير القسري الداخلي ومن ثم الخارجي ان تكون ساعة الصفر لحرب اقليمية في حالة عبور اول دفعة مهجرين من الضفة الغربية إلى غور الأردن…..

الموقف العام قابل للانفجار ومحاولات الهدنة فشلت والتي رافقها محاولات  التهدئة بشكل عام قد تلاشت ، ومن المتوقع إعلان دول الوساطة انسحابها من تلك المفاوضات امام تعنت ومراوغة حكومة الاحتلال المتطرفة والتي تدعمها أمريكا في كل ما تقوم به بشكل فاضح وعلني تماشيا مع مصالحها الانتخابية وفرض الشروط على المقامة تحت النار، التي رفضتها رفضاً قاطعاً تحت اي ظرف .

تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير