زهدي جانبيك يكتب: العصا. والجزرة، والنوافذ المكسورة ومشكلة المرور في الاردن
نبأ الأردن -
في حوار جانبي مع مدير إدارة السير في الامن العام حول المخالفات قال لي:
"القانون على الجميع، وفوق الجميع"...
واضاف:
"اننا في ادارة السير نسعى إلى تدريب المرتبات على الموازنة بين تطبيق القانون والمنطق" ...
أعجبتني العبارة واعجبني الاهتمام بها...
واضاف:
"لكنني أخشى أن يتوسع رجل المرور في استخدام المنطق بشكل يفقد القانون قوة ردعه وعدالته في التطبيق".
شخصيا، انا مع تطبيق القاعدة الصفرية في التسامح مع المخالفات المرورية.
فما هي القاعدة الصفرية؟
هي سياسة إنزال أقصى عقوبة ممكنة بكل شخص يرتكب مخالفة.
أي معاقبة جميع السلوكيات المرورية غير المقبولة بشدة، حتى لو لم تكن خطيرة للغاية.
وبشكل عام، يتم استخدام سياسة عدم التسامح مطلقًا لوصف نهج:
"كل شيء أو لا شيء" تجاه المشكلات. وتتضمن هذه السياسات اتخاذ إجراءات غير متساهلة ضد المعنيين (السواقين والمشاة) حتى في حالات عدم الالتزام وسوء السلوك البسيطة أو انتهاك القواعد التي لا تؤدي الى نتائج خطيرة.
هذه السياسة (الصفرية) في التسامح مع المجرمين تم تطبيقها في نيويورك نهاية القرن الماضي ... وادت إلى ارتفاع عدد السجناء بنسبة 24٪ مما أدى الى انخفاض جرائم العنف بنسبة 56٪ وانخفاض جرائم الاعتداء على الممتلكات بنسبة 65٪ في نيويورك ... وهذه نسبة انخفاض هائلة تستحق التعلم منها ...
ولا يجوز ابدأ ان نطالب ونحاسب الامن العام على خفض معدل الجريمة ومعدل حوادث المرور ، وبنفس الوقت نضغط على الملك من خلال مجلس النواب لإصدار عفو عام عن المجرمين وعن مخالفات المرور...
نحن بالتأكيد بحاجة إلى تطبيق سياسة تسامح صفري مع المخالفات حتى نضع حدا لهذه المجزرة المرورية المستمرة...
شخصيا، أكرر وقوفي مع ادارة السير بقيادة العميد فراس الرشيد واحثهم على التشدد في تطبيق القانون بعدالة ومساواة ... ومنطق.
ويجدر الانتباه الى أن مشكلة المرور ليست مسؤولية ادارة السير في الامن العام فقط ... وإنما مسؤولية مشتركة بين العديد من الجهات وعلى رأسها امانة عمان الكبرى والبلديات.
واقترح من حيث المبدأ ان يتخلي الامن العام عن مهمة تنفيذ قانون السير لانها تسبب له العديد من المشاكل والاشكالات التي تعيقه عن مهمته الأساسية وهي منع الجريمة وضبطها.
واعادة هذه الصلاحية (تنظيم المرور) إلى اصحاب الولاية الأصلاء في هذا الموضوع الا وهم الأمانة والبلديات ...
فهم المستفيد الوحيد من الغرامات المالية التي يدفعها السواقين بدل مخالفات المرور ... بل ان لكل بلدية قاضي مخصص مهمته قضايا المرور ...
ملاحظة اخيرة:
بعد كتابة هذا البوست تواصل معي العديد من الأصدقاء للتحاور حوله... فكان لا بد من تغيير العنوان وإضافة الفقرة التالية:
اخي فراس بيك ، واخوتي في السلاح ، ليس من مهام الشرطة توزيع المياه و-الحامض حلو" على السواقين ... ولن يؤثر هذا الامر اطلاقا على مستوى الالتزام بالقانون ولا على احصائية الحوادث ... اتركوا هذا الامر للعلاقات العامة والشرطة المجتمعية ...
بعد ان نشر المكتب الوطني للأحداث الاقتصادية دراسته عن اسباب الجريمة ... وتوصل إلى أن الردع يؤدي إلى خفض معدلات الجريمة اكثر منةالحوافز الاقتصادية ... أصدر كلا من رئيس وزراء فرنسا، وبريطانيا تصريحات تقول بجدوى استخدام العصا اكثر منةاستخدام الجزرة للسيارة على الجريمة وخفض معدلاتها.
العصا والجزرة والنوافذ المكسورة:
يبحث هذا المفهوم في تأثير الظروف الاقتصادية (الجزرة) والعقوبات (العصا) على معدل الجريمة.
ويقاس الجزر بمعدل البطالة والحد الأدنى الحقيقي للأجور، ومعدل الفقر.
بينما يتم قياس العصي بعدد الاعتقالات الجنائية، وحجم قوة الشرطة، وعدد نزلاء السجن.
وتأثير "النوافذ المكسورة” التي تقاس بعدد الاعتقالات بسبب الجنح كتدبير من إجراءات الشرطة لمنع الجريمة.
وفي حين أن كلا من المتغيرات الاقتصادية ومتغيرات الردع مهمة في تفسير انخفاض الجريمة، فقد تبين إن مساهمة تدابير الردع أكبر من مساهمة المتغيرات الاقتصادية.
اذا مر شخص من امام مبنى ورأى احدى نوافذه مكسورة (مخالفة بسيطة، او جنحة بسيطة) سيتوقع من المسؤول عن المبنى إصلاح هذه النافذة... فإذا مرت ايام دون اصلاح النافذة (محاسبة المخالف او مرتكب الجنحة) ...سيعتقد المارة ان المسؤول ليس مهتما بامن وسلامة المبنى ... واذا مر وقت أطول سيبدأ المارة بقذف الحجارة على المبنى وتكسير باقي النوافذ... بعد فترة سيلعب إصلاح النوافذ المكسورة لكثرتها... ويصبح منظر النوافذ المكسورة معتادا...
عندها سيبدأ السكان المحيطين (المستثمرين) بالرحيل بعيدا عن المبنى لأنه غير آمن ...
هذا سيشجع المارة على الاعتداء على داخل المبنى (ارتكاب مخالفات خطيرة وجنايات) ... فيتراجع الاقتصاد ، وتزداد الجريمة ...
مهمة الامن ليست توزيع الجزر ... مهمة الامن منع كسر النافذة ، ومحاسبة من يتجرأ على كسرها...

























