د. ماجد الخواجا يكتب : الإعلام العربي من التنبيه إلى الغفلة

نبأ الأردن -
في سنة 1800، صدرت أول جريدة باللغة العربية تحت اسم «التنبيه»، لكن صدورها استمر لفترة قصيرة فقط. كانت أول دورية ستصدر بشكل منتظم هي الجريدة الرسمية التي حملت اسم «الوقائع المصرية»، والتي خرج أول عدد منها إلى الوجود في القاهرة بتاريخ 20 تشرين الثاني من سنة 1828. قام بتأسيسها والي مصر محمد علي الكبير. وصدرت باللغتين العربية والتركية. وتوالى صدور الصحف الورقية فصدرت جريدة المبشر الجزائرية عام 1847، حديقة الأخبار في بيروت عام 1858، النفير في دمشق عام 1860، الرائد في تونس عام 1861، صحيفة طرابلس الليبية عام 1866، صحيفة الزوراء العراقية عام 1869، صحيفة صنعاء عام 1870، صحيفة المغرب والغازية السودانية عام 1889، لقد بدأت الصحافة العربية مع حملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798، حيث صدرت في القاهرة صحيفتين باللغة الفرنسية. في عام 1828 أصدر محمد علي باشا صحيفة رسمية باسم جريدة الوقائع المصرية، في عام 1885 أصدر رزق الله حسون في استنبول جريدة عربية أهلية باسم مرآة الأحوال العربية. وفي بدايات قرن العشرين كثر عدد الصحف العربية وخصوصاً في مصر، فصدرت المؤيد واللواء والسياسة والبلاغ والجهاد. ومن الصحف القديمة والتي لا زالت تصدر لحد الآن جريدة الأهرام والتي صدرت لأول مرة في عام 1875.
تأخر صدور الصحف الورقية في العالم العربي لأكثر من 200 سنة عن صدور أول صحيفة ورقية في ستراسبورغ الفرنسية المحاذية لألمانيا وكان ذلك عام 1605 عندما تم استغلال أول مطبعة في العالم والتي سميت بإسم مخترعها « جوتينبيرغ» . وما زالت ستراسبورغ تحتفي به في اسم ميدانها الرئيس وفي عديد من فعالياتها.
كانت الصحف الأولى مليئة بالمقالات « المعبرة عن آراء كتابها» على عكس بعض الصحف التي تصدر اليوم، لذلك كانت الصحافة آنذاك تسمى بصحافة الرأي، بسبب عدم معرفة القائمين على الصحف برغبة القراء بالاطلاع على « الأحداث» أكثر من اطلاعهم على « الآراء»، وبسبب صعوبة الحصول على الأخبار أيضا والتكاليف الباهظة لإيفاد المراسلين إلى الخارج من أجل الحصول على الأخبار إضافة إلى عدم وجود وسائل الاتصال الحديثة التي تستخدم اليوم في نقل الأخبار كالانترنت والهاتف الخلوي والفاكس. ناهيك عن عدم توافر الإمكانات لإجراء التقارير التحليلية والإستقصائية المكلفة.
تسعى الصحف منذ صدورها لإشباع رغبات القراء فتقدم لهم « الأخبار، والتقارير، والمقابلات، والاستطلاعات، والتحقيقات، والمقالات، والمقالات الافتتاحية، والأعمدة الصحفية « وهي ما تسمى بفنون التحرير الصحفي بأنواعها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والثقافية، بحيث أصبح لها دور في توسيع التجارة وتثقيف الشعب وفي تشكيل الرأي العام، وأصبحت الدول أثناء الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي للفترة من 1955 ولغاية 1990 تعتمد على الصحف على وجه الخصوص في نشر أيديولوجيتها السياسية وبسط نفوذها العقائدي على الشعوب وكسب الرأي العام العالمي.
ومع انتهاء الحرب الباردة نزل ترتيب الصحف إلى المرتبة الثانية ومن بعدها الثالثة وذلك بعد التطورات التي شهدتها الإذاعة والتلفزيون وتدشين البث الإذاعي والتلفزيوني المباشر عبر الأقمار الصناعية.
وحين شرعت الحريات في العالم لم تشرع حرية الصحافة، بل تأجلت لحين استطاع الصحفيون إثبات حقوقهم من خلال مطالبتهم بالحرية في ممارسة مهنتهم التي تعد ضرورية في جميع مجالات الحياة، واستطاعت الصحافة الحصول على حريتها في دستور الولايات المتحدة الأمريكية ُحين صادق الكونغرس الأمريكي على الدستور سنة 1791، بعد أن رفض الكونغرس الأمريكي مرور أي قانون يخص حرية الصحافة سنة 1787.
تلك هي بدايات الإعلام التي حفرت في صخور الظلام مكاناً لها وتبوأت مساحة مرموقة بحيث حظيت بلقب « السلطة الرابعة» ولنا تكملة.