د. ماجد الخواجا يكتب: توحيد الدوام والقبول في الجامعات
نبأ الأردن -
تطالعنا بين عشيةٍ وضحاها قرارات مؤثرة وأحيانا جذرية تعيد تشكيل واقع ما لمجالٍ او قطاعٍ في المجتمع. ويفترض في تلك المستجدات أنها مبنية على ضرورات وأولويات لا بد منها، كما وأن تلك القرارات تم بناؤها والخلوص إليها عبر لجان وخبراء في المجال بحيث يكون ثمة حوكمة ورشدية في صنع واتخاذ القرار.
يعاني التعليم العام والعالي من شؤون وشجون متعددة تتطلب مراجعات حقيقية في سبيل تجويد وتحسين الأداء التعليمي ومخرجاته وتوظيفها بما يتلائم مع المعرفة المتحصلة من الدراسة الجامعية.
حاولت عند الكتابة في التعليم العالي مطالعة بعض الأرقام الحاكمة له والتي قد تزيد أو تنقص قليلا عما أورده تالياً: بلغ عدد الجامعات الأردنية (32) جامعة موزعة على (10) جامعات رسمية و(19) جامعة خاصة وجامعتين تعملان بقانون خاص و (1) جامعة إقليمية. هناك أكثر من 46 ألف طالب وطالبة من خارج الأردن، هؤلاء يأتون من دول وأنظمة تعليم متنوعة قد لا تنسجم مواعيدها مع توحيد المواعيد للدوام في مختلف الجامعات الأردنية. وهناك أكثر من 350 ألف طالب على مقاعد الدرس منهم 56% من الإناث. يلتحق منهم 250 ألف طالب في الجامعات الرسمية ، ويلتحق 100 ألف طالب في الجامعات الخاصة. ويبلغ مجموع عدد أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات 11367 عضواً، منهم 8011 في الجامعات الرسمية، و3356 في الجامعات الخاصة. هناك 1027 تخصصاً في الجامعات الرسمية، و674 في الجامعات الخاصة، بينما يبلغ عدد التخصصات في كليات المجتمع 175 تخصصا. ويبلغ عدد المؤسسات التعليمية غير الأردنية التي تعترف بها «التعليم العالي» 3305 مؤسسات، منها 305 عربية، و3 آلاف مؤسسة أجنبية. كما يبلغ عدد الطلبة الأردنيين في الجامعات الأجنبية أكثر من 45 ألف طالب وطالبة. منهم 19 ألف طالب يدرسون الطب في الخارج بتكلفة تقارب المليار دينار.
أهم ما يطرحه خبراء التعليم العالي هو مدى الحاجة لمثل هذا العدد الكبير من مؤسسات التعليم العالي في الأردن، إذ يبلغ عدد الجامعات الرسمية 10، فيما يبلغ عدد الجامعات الخاصة 16، فضلا عن جامعتين بقانون خاص، وواحدة إقليمية، وسبع كليات جامعية، و45 كلية مجتمع متوسطة.
هذه المعطيات الرقمية لواقع التعليم العالي تجعلنا نتوقف قليلا قبل إصدار أية أحكام أو قرارات تمسّ بالعمق مجريات وتفاصيل العمل الأكاديمي.
إن فكرة توحيد الدوام بين مؤسسات وهيئات التعليم العالي إضافة لتوحيد القبول فيها، هو مجافٍ ومخالف لقانون التعليم العالي الذي ينصّ على « استقلالية الجامعات إدارياً ومالياً» وهو لا يراعي عديدا من القضايا التي تعالجها استقلالية الجامعات، فمعلوم أن إنشاء الجامعات الخاصة والتي لها وعليها ملاحظات إيجابية وسلبية، إلا أنها حققت هدفين غاية في الأهمية: الأول يتمثل في استيعابها لعديد كبير من الطلبة الذين لا يمكنهم الالتحاق بالجامعات الرسمية، والثاني يتمثل في مقدرتها على استقطاب الطلبة الأجانب الوافدين الذين يتطلب مراعاة بعض سياقاتهم الخاصة ببلدانهم من قبيل اختلاف مواعيد وأجندة الدوام، اختلاف أسس ومعايير القبول والمعدلات. إضافة إلى معيار رئيس ثالث يتمثل في توفير خيار الانتظار للطلبة الذين لا يحالفهم القبول في الجامعات الرسمية أو في الكليات والتخصصات التي يرغبون بدراستها، حيث يتيح لهم مرونة الدوام وبدايته فرص الالتحاق بإحدى الجامعات أو الكليات المتوسطة.
كنا نعتقد أن أحد أهم مترتبات جائحة كوفيد – 19 « المرونة» في العمل والتعليم والتسويق والإدارة والإعلام، وأن شعار « عن بعد» أصبح جزءاً أساسياً لكثيرٍ من المهام والإجراءات الرسمية والخاصة.
إن التغيير بشكله النهائي هو من سنن التطور المجتمعي الضرورية، لكن فيضانه والتسرّع في تبنيه وعدم التحقق من جدواه، قد يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً. وأرى أن التعليم العالي بما يمثّله من مصنع لقادة المستقبل، لا بد له من توافر الرصانة والحوكمة والاستقلالية والمرونة الكافية لاتخاذ القرار المناسب لكل موقع أكاديمي

























