زهدي جانبيك يكتب: كارثة المخدرات في الاردن

{title}
نبأ الأردن -
هندسة الارقام لا تغير الواقع ونحن اليوم بحاجة الى خطة عمل حقيقية تعالج الجريمة بشكل عام وجرائم المخدرات بشكل خاص دون اي تجميل للواقع وبشراكة حقيقية بين كافة القطاعات الاهلية والحكومية والعامة والخاصة. 
كبسة زر تغير معدل الجريمة: 
الجريمة ومعدلاتها لا ترتفع وتنخفض بكبسة زر ودون خطط وجهود مضنية، واي تخفيض في معدلات الجريمة مبني على هندسة الارقام لن يؤدي الا الى نتائج عكسية على مستوى الجريمة بالاضافة الى التأثير السلبي في مستوى الثقة بالحكومة واحصائياتها. 
كلنا يعلم ان انتاج المخدرات والاتجار بها وتهريبها وتمويلها وتعاطيها هي جرائم يجب ان ندخل في الاحصائية العامة للجرائم لكي نحسب معدل الجريمة في الدولة،  وهذا هو ما كان معمولا به في الاردن ... ولا يوجد ما يبرر فصل جرائم المخدرات عن احصائية الجرائم العامة.
ولكن قبل سنوات لوحظ ان جرائم المخدرات في ارتفاع مستمر ... وتبين ان هذا الارتفاع في جرائم المخدرات يؤدي الى ارتفاع معدل الجريمة في الاردن احصائيا ... 
فتمت اول عملية هندسة رقمية للاحصائيات الجنائية وذلك بفصل جرائم المخدرات عن الجرائم العامة ... فاصبح معدل الجريمة في الاردن 20 جريمة لكل 10 الاف نسمة في الاحصائية الاخيرة.... 
ولكن الحقيقة هي ان معدل الجريمة في الاردن هو الضعف تماما والبالغ 40 جريمة لكل 10 الاف نسمة... (20 جريمة مخدرات لكل 10 الاف نسمة + 20 جريمة عامة لكل 10 الاف نسمة = 40 جريمة لكل 10 الاف نسمة).
الهندسة الثانية للاحصائية الجنائية:
ايضا قبل سنوات لوحظ استمرار ارتفاع معدلات الجريمة العامة في الاردن الناتج عن الارتفاع المستمر في اعداد الجرائم،
وتماما كما حدث بموضوع المخدرات، وبدلا من التركيز على احتواء الارتفاع المستمر باعداد الجرائم من خلال استراتيجيات وسياسات منع الجريمة ... تم اللجوء الى الخيار الاسهل وهو: هندسة الارقام فتم اسبدال عدد المواطنين ووضع عدد السكان بدلا منه فتم بذلك تخفيض معدل الجريمة في الاردن سنة 2014 من 40 جريمة لكل 10 الاف نسمة ليصبح 25 جريمة لكل 10 الاف نسمة. 
وادى ذلك الى خفض معدل جرائم المخدرات ايضا بكبسة زر من 16 الى 12 جريمة لكل 10 الاف نسمة  ... وبذلك يكون قد تحقق انجاز هائل يتمثل بخفض معدل الجريمة من 40 الى 25 جريمة لكل 10 الاف مواطن بكبسة زر ودون بذل اي مجهود على مستوى استراتيجيات وسياسات منع الجريمة... وهكذا تتحقق الانجازات اعلاميا.... 
ان واقع المخدرات اليوم في الاردن مرعب بناءا على احصائيات الامن العام الاخيرة لعام 2023 والتي تقول: 
- هناك زيادة مخيفة في عدد جرائم الاتجار والتعاطي وحيازة المخدرات بنسبة 25.21% وهي زيادة غير مسبوقة في تاريخ الاحصائيات الجنائية.
- وزيادة مخيفة في معدل ارتكاب جرائم المخدرات لتصبح 20 جريمة لكل 10 الاف نسمة بعد ان كانت 16 جريمة فقط لكل 10 الاف نسمة سنة 2022.
جرائم الاحداث مؤشر خطير يهدد الاجيال:
- وهناك زيادة مخيفة في عدد جرائم الاتجار والتعاطي وحيازة المخدرات للاحداث بنسبة 34% وهي زيادة غير مسبوقة في تاريخ الاحصائيات الجنائية.
- بالاضافة الى ارتفاع مرعب في عدد جرائم الاتجار بالمخدرات التي يرتكبها الاحداث بنسبة بلغت 43.28%. 
ومماىيزيدةالامر تعقيدا تلك العلاقة بين الاحصائيات والجهود المبذولة:
فمنةالواضح ان المشكلة الحقيقية في جرائم المخدرات في الاردن تلك العلاقة الطردية بين الجهد المبذول لمكافحة المخدرات وبين عدد الجرائم المرتكبة...
فعندما كثف جهاز الامن العام جهوده في مكافحة المخدرات وكثفت القوات المسلحة الاردنية حربها على تهريب المخدرات، نتج عن زيادة الجهود زيادة في عدد الجرائم بنسبة 25.21% ... 
وهذا يعني ان جرائم المخدرات الموجودة فعلا اكبر مماةهو موجود بالاحصائيات بكثير ... ولكنها غير مكتشفة ... 
وارجو ملاحظة ان اعلامنا لم يعد يتحدث عن حرب مخدرات في شمال الاردن ... اما بسبب توقفها او عدم متابعتها، او بسبب التعتيم عليها اعلاميا... 
لكن هذا التوقف في الجهود سيؤدي بالتأكيد الى انخفاض عدد جرائم المخدرات احصائيا ، ولكنه لن يحل مشكلة المخدرات التي نعاني منها على أرض الواقع ... 
استراتيجيات هندسة الارقام الاحصائية اوصلتنا الى كارثة فيما يتعلق بانتشار المخدرات. وفي معدلات الجرائم العامة كذلك. 
والامل معلق على جهود الادارة الحالية في معالجة المشكلة وليس الاكتفاء بادارتها فقط.
وبعيدا عن الاحصائية الجنائية السنوية، وبشكل عام فان العجز عن الانجاز ومواجهة الواقع وعدم وجود تفكير ابداعي لدى السلطة التنفيذية يدفعها غالبا الى تجميل الواقع من خلال هندسة الارقام لاظهار التراجع انجازا وخداع صاحب القرار واظهار ان: "كله تمام يا افندم" ... 
وللاسف غالبا ما يساهم الاعلام غير المسؤول في هذا التضليل قاصدا وعن سبق اصرار وترصد من قبيل التسحيج والتطبيل للمسؤول على حساب المصلحة الوطنية في كافة المجالات وليس فقط في مجال الاحصائيات الجنائية.

تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير