د. ماجد الخواجا يكتب: اختلفوا في كل شيء واتفقوا على شيء واحد

{title}
نبأ الأردن -
« اختلفنا مين يحب الكيان الصهيوني أكثر» بالاعتذار من الفنان محمد عبده، ذلك هو ملخص ما دار في مناظرة ترامب وبايدن.
في المناظرة الاستهلالية بين المرشحين للرئاسة الأمريكية بايدن وترامب، بدا المشهد واضحاً تماماً من حيث التباين والتناقض في الآراء والمواقف والتصورات لمعظم الشؤون والتفاصيل الحياتية الأمريكية، لا بل كان واضحاً تماماً درجة الخصومة بينهما عبر كثير من لغة الجسد التي أظهرت حجم الصراع والاختلاف بين المرشحين.
ليس مستغرباً أن يختلف المرشحان في كل شؤون الدولة، ويتفقا على الدعم غير المحدود للكيان الصهيوني. إنهم كإخوة يوسف عندما يصرحون عبر وسائل الإعلام ويواصلون إدانة واستنكار ما جرى في السابع من أكتوبر للعام الماضي، ويعلنون طيلة الوقت عن تضامنهم المتواصل مع أهالي القتلى والأسرى الذين تحتفظ بهم المقاومة في غزّة، الذين شاهدنا بعضهم عند الإفراج عنهم وهم بكامل صحتهم وحيويتهم وفعاليتهم.
يعلنون على كل المنابر وفي كل مناسبة إدانتهم لحماس والمقاومة ووصف ما قامت به بالإرهاب، لكنهم أبداً لا يستوقفهم كل الدم المراق ليلاً ونهاراً في أزقة وحواري غزّة الدامية، لا يستوقفهم 40 ألف شهيد ارتقوا برصاص وقذائف الغدر والجبن والخسّة من أهل غزة، لا يستوقفهم عشرات الآلاف من الجرحى والمرضى والمعاقين والذين تيتموا أو ترملت نساؤهم في غزّة، لا يستوقفهم ذلك الدمار شبه الكلي للبنية التحتية في غزة، للمباني السكنية، المدارس، الجامعات، المساجد وأماكن العبادة، المستشفيات ومراكز المعاقين، لم تشاهد أعينهم كل ذلك.
لو تتبعنا كافة القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية والصادرة عن الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن الدولي أو عبر الجمعية العامة لها، أو من خلال الهيئات الدولية، سنجد أن الولايات المتحدة مارست حق النقض الفيتو لكثيرٍ من تلك القرارات أو أنها امتنعت عن التأييد وهذا في أحسن حالاتها، لا بل سنجد أنها ربطت كثيراً من المخصصات والمساهمات المالية لتلك الهيئات ومنها منظمات حقوق الإنسان ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين وغيرها بتوجهات تلك الهيئات وموقفها حيال القضية الفلسطينية.
لهذا ليس غريباً أن يختلف المرشحان في كل شيء، لكنهما يتفقان على حماية وتقوية وتأييد كيان الاحتلال الغاصب.
حين جاء ترامب في الدورة السابقة، مارس جبروت وغطرسة القوي على الضعيف المسلوب المنتهك، وروّج لما سميت حينها بصفقة القرن التي كان ضحيتها الأولى القضية الفلسطينية، لقد مارس بلطجة سياسية غير مسبوقة في العالم وعبر تاريخ العلاقات الدولية. كانت سياسة مستهجنة مستحدثة وهي سياسة فرض الواقع بلا أدنى تردد أو معارضة. وتوسمنا في بايدن شيئاً من الإنسانية التي تبخرت مع أول تصادم واحتكاك بين الإدارة الأمريكية والقضية الفلسطينية.
بعد انتهاء المناظرة جاءت التحليلات لتقول أن بايدن بدا وكأنه تمثال من الشمع لا روح فيه ولا أية ردود أفعال، فيما ترامب المتصابي ظهر أكثر نضجاً وأقل نزقاً من المعتاد، وإن بقي متشبثاً بأنه في غاية الحيوية مع أن عمره ناهز 78 عاماً، لكنه يصر على أن بايدن فقط هو من انتهت صلاحيته وليس بإمكانه تأدية مهام الرئاسة.
يقول بايدن أنه لا يمكن السماح لحركة حماس بالبقاء، وأنهم مستمرون في تقديم خبراتهم واستخباراتهم من أجل تحديد كيفية القضاء على الحركة كما فعلوا مع بن لادن سابقاً. فيما يقول ترامب أنه ما كانت حماس تهاجم الكيان لو كان هو في الرئاسة وأن الكيان يريد استمرار الحرب وينبغي السماح لها بذلك حتى إنهاء المهمة.
لا نستغرب هذه المواقف والتوجهات العدائية من قبل إدارات دأبت عبر تاريخها الحيلولة وعدم إنصاف القضية الفلسطينية، ربما الغرابة كلها عندما نجد موقفاً مؤيدا بشكل واضح وصريح لتلك الإدارات مع الحق التاريخي للفلسطينيين في وطنهم.
جميع الحقوق محفوظة.
تابعوا نبأ الأردن على