زهدي جانبيك يكتب: خدمة العلم ومؤسسة الخط الحديدي الحجازي الاردني
نبأ الأردن -
جاحد من ينكر دور المكرمة الملكية لابناء القوات المسلحة في دعم المتقاعدين العسكريين من خلال تغطية تكاليف الدراسات الجامعية لأبنائهم، ومن لديه خمسة ابناء او يزيد بل واقل من ذلك يعلم حجم الهم الذي ازاحته المكرمة عن كواهلنا نحن معشر المتقاعدين...
وسواء كان الطالب مشمولا بالمكرمة ام لا فهو لا يستطيع استكمال اجراءات التسجيل في الجامعة سنويا الا اذا احضر للجامعة موافقة من الجيش على تأجيل خدمة الطالب في "خدمة العلم".
طبعا تأجيل خدمة العلم لا يعني ان لدينا خدمة علم في الاردن حتى ولو طالب بها سمو ولي العهد....
ومع انه لا يوجد لدينا خدمة علم الا ان الفئة العمرية المستهدفة بخدمة العلم لا تستطيع ان تسافر ، او تدرس، او تعمل في الحكومة الا اذا حصلت على ختم تأجيل "خدمة العلم".... شيء مشابه لموضوع غفير الصبة الخضراء.
الاردنيون المخضرمون يفهمون هذه المعادلة جيدا ، ويعرفون انه ليس شرطا وجود الشيء ليكون هناك مؤسسة او هيئة تنظمه، تماما مثل موضوع وظيفة الصبة الخضرا.
خذ مثلا مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الاردني، فهي هيئة مستقلة لها مجلس ادارة مكون من وزير ومدير عام يعين بارادة ملكية ومندوب من وزارة المالية ومندوب من وزارة الإدارة المحلية... ويعقدون اجتماعات بل ويستضيفون مؤتمرات (كما هو في الصورة المرفقة)... ولها قطارات
ديزل وبخار... ولها محطات ومقصات ...
ولكن ليس لديها جدول مواعيد ولا تنقل راكبا واحدا من اي مكان الى اي مكان ... ولكن الهيئة موجودة تماما مثل خدمة العلم...
ويخلف على الخليفة الذي انشأ سكة الحديد وجعلها وقفا للمسلمين ....واللا كان زمان انباعت، عفوا، اقصد تخصخصت.
اياكم ان تظنوا انها جديدة اعني سكة حديد الحجاز فهي قائمة منذ عام 1904 وصدق او لا تصدق انها كانت تنقل الاف الحجاج والركاب والبضائع والجيوش والاسلحة ... كان لها ادارة حقيقية.
ولا تستغربوا ... احنا بالاردن عنا هيك شغلات.
تصوروا اننا عام 2015 تمكنا بمعجزة من انشاء شركة الكهرباء النووية الاردنية... وكان لها مجلس ادارة ورئيس ومدير وموظفين وموظفات وملحقين بها وملحقات...
الشيء الوحيد الذي كان ينقصها ان تنتج كهرباء من الطاقة النووية فقط ...هذا كان الشيء الوحيد الذي عجزت عنه...
واياكم ان تظنوا ان وجود شركة او مؤسسة لانتاج شيء شرط لوجود هذا الشيء .... اطلاقا هذا الشرط غير ضروري والدليل خدمة العلم ... القطارات... الكهرباء النووية ...
بالمناسبة اياكم ان تحاولوا البحث عن شركة الكهرباء النووية ، فقد تمت تصفيتها اختياريا بعد 4 سنوات من انشائها حيث تمكنت من انفاق 17 مليون دينارا اردنيا دون ان تنتج كيلو وات واحد من الكهرباء ... وذهبت كما جاءت.
بالمناسبة:
قبل اسبوع انتهى مؤتمر السكك الحديدية بدورته 33 التي استضافتها الاردن في البحر الميت. ولو كانت المؤسسة مؤمنة بسبب انشائها والغاية من وجودها لاستضافت المؤتمر في احدى محطاتها ...
محطة عمان مثلا، قادرة على استضافة المؤتمر... ومحطة المفرق كذلك فقد استخدمها شيوخ ووجهاء المفرق لاستضافة الملك وصحبه الكرام قبل 6 اسابيع من هذا المؤتمر، وظهرت المحطة حينها في ابهى حلة بقليل من العناية فقط....
وهذا حال جميع المحطات: الخربة السمرا والزرقاء والجيزة واللبن وضبعة وخان زبيب وسواقة وقريقرة والحسا وبطن الغول والمدورة.
كل هذه المحطات والجسور والسكك والانفاق وبطول 460 كيلومتر داخل الاردن تم بناؤها خلال اربع سنوات فقط عام 1904...بينما 32 كيلومترا فقط هو طول مسارات الباص السريع واستغرق بناؤها 15 سنة عامة2021 ....
ومثله "الناقل الوطني":
فمن الامثلة ايضا يوجد لدينا "الناقل الوطني" لكنك لا تستطيع ان تراه، مثل الباص السريع في بداياته... وهذا الناقل يا سادة يا كرام ينقل المياه وليس البشر... يبلغ طوله حوالي 450 كيلومتر عليها محطات وخزانات وجسور وانفاق ...
وهو مشروع معترف به دوليا وحصل على جائزة افضل مشروع استراتيجي لعام 2019 في مؤتمر البيئة في اسبانيا.
و"الناقل الوطني" هو البديل الشرعي لمشروع قناة البحرين التي عطلتها اسرائيل لمدة 10 سنوات من المماطلة والدجل والتسويف... حتى عام 2015 حيث قرر الاردن طي صفحة قناة البحرين والبدء بمشروع "الناقل الوطني" ...
وعلى خطى الباص السريع بدأت تقديرات تكلفة المشروع ب 1.5 الى 2 مليار دولار... ثم بدأت بالارتفاع مع تصريحات المسؤولين حتى وصلت التقديرات الى 4.2 مليار دولار ... يعني ضعف التقدير الاساسي...
وبدأت عملية جمع المنح والقروض والتصريح بارقام واسماء دول ومثال ذلك تصريح وزير التخطيط الشريدة بداية عام 2022 بانه جمع 1.83 مليار دولار منح وقروض وقروض استثمارية لتنفيذ هذا المشروع ولكننا لم نرى شيئا من هذه المبالغ انعكس في الموازنات العامة للدولة، ولعل المانع خيرا.
وعلى خطى الباص السريع ايضا بدأت تقديرات زمن الانتهاء من تنفيذ المشروع بالازدياد: بالقول بالبداية ان ضخ المياه سيبدأ عام 2025-2026... ثم تساهل الحاج ابو هاني وصرح ان ضخ المياه من المشروع لن يبدأ الا عام 2027 ... واخيرا صدرت تصريحات مسؤولين تقول ان ضخ المياه من المشروع لن يكون قبل عام 2029-2030 ...
واذا بقيت الامور على خطى ما جرى للباص السريع سيخرج علينا بعد قليل من يقول بان هذا الارتفاع بتقدير التكاليف ومدد التنفيذ هو فساد ويطلب وقف المشروع للتحقيق ... تماما مثلما حدث للباص السريع... ثم يأتي البطل الذي لا يخاف ويقرر متابعة المشروع كما حدث للباص السريع ...
وفي النتيجة : وكما تندرنا على الباص السريع وقلنا انك لا تستطيع ان تراه من فرط سرعته... سنتندر على "الناقل الوطني" ونقول انك من فرط نقاء الماء الذي ينقله الناقل الوطني لا تستطيع ان تراه او تشمه او تذوقه او تحسه او تشربه... تماما مثل خدمة العلم يجب ان تؤجلها مع انها غير موجودة نهائيا.

























