د.محمد أنيس المحتسب يكتب : نعمة النسيان

{title}
نبأ الأردن -
أحد الأزواج يقول: في كل صباح وعندما أتحرك إلى العمل تذكرني زوجتي بشيء نسيته، أحيانا مفتاح السيارة، أو الهاتف أو بعض الوثائق، وتقول لي: يبدو أن السن له دوره في هذا الموضوع، لذا قررت أن أوقف هذه السخرية غير المعلنة، فقمت من أجل ذلك بتدوين كل الأشياء التي تلزمني على ورقة حتى لا أنساها.
عندما قمت في الصباح، وقبل الخروج أخذت الورقة وتحققت من كل شيء، ثم غادرت المنزل وأنا أبتسم، وقد شعرت هذه المرة بالانتصار.
وما أن شغلت محرك السيارة، واتجهت نحو عملي، حتى رن جرس الهاتف من زوجتي، وقبل
أن أقول : ألو، قلت: لا تحاولي تذكيري فلم أنس هذا اليوم شيئا، ردت وهي تقهقه ضاحكة : لقد نسيت أن اليوم هو الجمعة يا عزيزي ارجع .
ورغم ذلك فإن للنسيان فوائد عظيمة، وقد يذهب المرء إلى أن يشكر الله على نعمة النسيان، قال ابن القيم رحمه الله: ومن أعجب النعم عليه نعمة النسيان، فإنه لولا النسيان لما سلا شيئاً، ولا انقضت له حسرة، ولا تعزى عن مصيبة، ولا مات له حزن، ولا بطل له حقد، ولا تمتع بشيء من متاع الدنيا مع تذكر الآفات، ولا رجا غفلة عدو ولا نقمة من حاسد. فتأمل نعمة الله في الحفظ والنسيان مع اختلافهما وتضادهما، وجعله في كل واحد منهما ضرباً من المصلحة.
مهما حاولنا النسيان، تبقى أشياء في الذاكرة محفورة بداخلنا، تذهب بنا لعالم جميل ،نتذكر فيه أجمل اللحظات الجميلة التي لا تنسى، ولا تعوض، والحديث عنها مهما طال لا ينتهي.
قديما قالوا: ولولا نسيان الأحزان لما ابتسم الإنسان، النسيان نعمة، وأن يُذكرك الله بالذكريات الجميلة نعمة أكبر.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير