د. ماجد الخواجا يكتب:الاستقلال

{title}
نبأ الأردن -
نوقد من جمر القلوب فرحاً...ونعصر من وهج العيون شوقاً...لنقول للأردن سلاماً..طبت وسلمت أردننا..
نطرز بالفخر والحب والأمل عباءات مهدبة بعيون العشق الخالص للأردن.. نطرز بالكرامة والنخوة والأصالة سطور حكايات أردنية عربية إنسانية..
ها هي تتوالى السنين ما بين الزمن الصعب وشح الإمكانات وهوان العزائم وارتخاء الإرادات، مسيرة خضناها بخطى منهكة حائرة، في منطقة تميزت بين سائر دول العالم أنها لم تهدأ ولم تستقر عبر عقود بل قرون من الزمان، فمن استعمار هو احتلال بالفعل، احتلال للأرض والفكر والثقافة والممارسات اليومية، إلى انتدابات ووصايات كانت في جلّها غايتها الإبقاء على تخلّف البلاد والعباد واستعبادهم بما يكفي لإنقيادهم دون تعكير صفو المحتل الغاصب.
كانت البلاد عبارة عن مسرح أو ملعب كبير يتقاذفنا فيه المحتل الإنجليزي أو الفرنسي أو الألماني أو الإيطالي، مسرح كبير يكفي للعبة الأمم أن تسرح فينا كما يطيب لها، مما قيل أن سايكس الإنجليزي وبيكو الفرنسي، وضعا خريطة المنطقة على طاولة حقيرة بينهما وحمل كلاً منهما قلم رصاص، وقاما بتسطير وترسيم ما تدعى بالحدود للدول العربية، واقتسماها كأنها مجرد كعكة يتوزعها أطفال.
كانت معاهدات سيفر وسان ريمو ولوزان وحتى يالطا، كلها كانت تعيد اقتسامنا ونهبنا وإعادة احتلالنا بطريقة أو بأخرى.
وهدأ العالم بعد حربين عالميتين حصدتا الملايين من البشر، ونشأت هيئة الأمم المتحدة كواجهة عالمية تعبّر عن إرادة جمعية للبشرية، وبدأت الحرب الباردة التي امتدت لعشرات السنين بين حلفي وارسو والأطلسي، إلى أن وصلنا لإنهيار الإتحاد السوفييتي وقيام جمهوريات مستقلة وبزوغ فكرة النظام العالمي الجديد وبروز مشروع القطب الواحد المركزي المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، والحديث لم يتغير عن إيجاد خصم وعدو دائم يتمثل في الإسلام والمسلمين عندما كتب صموئيل هنتنجتون كتابه « صراع الحضارات» إثر الحادي عشر من سبتمبر 2001، وأن على العالم مجابهة الرايات الخضراء التي تشير للإسلام. وهو من قال: «»فاز الغرب بريادة العالم، ليس لتفوُّق أفكاره أو قيمه، بل لتفوُّقه في تطبيق العنف المُنظَّم، غالبا ما ينسى الغربيون هذه الحقيقة، أما غير الغربيين فلا ينسونها أبدا».
فيما نادى فرانسيس فوكوياما بنهاية التاريخ وانتهاء الأيديولوجيات إثر تفكك الإتحاد السوفييتي في بداية تسعينيات القرن الماضي.
عالم من فوضى ليست خلآقة ابداً تلك التي نخوضها منذ عقود، لم يثبت صحة أية فرضيات تتعلق بهيمنة أو عالم أحادي القطب، أو فرضية أن العلاقات الدولية محكومة بالتجارة والاقتصاد، ولا دور للكرامة والأخلاق والهويات الخاصة والثقافات المتنوعة.
كان الأردن دوماً في المنتصف من بؤر التوتر والحروب والأزمات، وكان يتلقى ردود الأفعال التي تمثلت في الهجرات واللجوء.
لم يسجل التاريخ أي احتفاء بالمحتل الغاصب، ولا ننسى مشهد الهروب الأمريكي من أفغانستان حين تراكض الخونة والعملاء كالأرانب المذعورة على أمل أن يلحقوا بذيل أو جناح الطائرة وهي تغادر مطار كابول. هو ذات المشهد الذي تكرر في عديد من الدول ولكن ربما لم يتم توثيقه وتصويره.
78 عاماً من الاستقلال الناجز الذي كلما امتد الزمن بنا زاد تشبثنا به. كل عام والأردن شامخاً كريماً مصاناً.
تحية من القلب لكل الرجال الأوائل الذين انتزعوا بإرادتهم الحرّة استقلالاً نعض عليه بالنواجذ والعزيمة الصلبة.

تابعوا نبأ الأردن على