د. ماجد الخواجا يكتب: عيد ليس كأي عيد

{title}
نبأ الأردن -
لم يمرّ علينا رمضان بكل هذا الوجع والحزن والغضب كما هو الحال مع رمضان الحالي، لقد فقدت كثير من طقوس رمضان المعتادة بهجتها وحلاوتها، ولم تعد أمسياته مليئة بالفرح والحياة بقدر ما أصبحت باهتة لا لون لها ولا طعم. 
لقد تبلدت المشاعر وتيبست الدهشة وجفت الأرواح بعد أن استنزفت في متابعة ومشاهدة المذبحة الجماعية المتواصلة في غزة التي مضى عليها نصف عامٍ من الألم والعدوان الهمجي الذي لا غاية له غير القتل والدمار والخراب من طرف الكيان الغاصب. 
يجيء العيد باعتباره إعلاناً عن فرح نهاية شهر الصيام والقيام، هذه الشعيرة التعبّدية الخالصة لوجه الله، فهي عبادة بين العبد وربّه لا نفاق ولا رياء فيها، عبادة لا تصحّ إلا بالحب وطواعية. ليجيءالعيد كنوعٍ من المكافأة للصائمين، فتزدان البيوت والشوارع والأحياء وتملأ أرجاؤها روائح العطور والحلويات وكعك العيد والقهوة السادة والملابس الجديدة وتبادل الزيارات بين الجيران والأقارب وتبادل العيديات بين الأطفال.
هذه بعض من طقوس العيد الجميلة المحببة التي تزيد من الألفة والمودة بين الأهل والمعارف وتنسج أشكالاً من السلوك الاجتماعي الإيجابي القائم على نشر الفرح وبثّ السعادة وتوطيد العلاقات والشعور بالآخرين، والأهم ذاك التعاضد والإحساس مع الفقراء والبسطاء ممن قد لا يتاح الاهتمام بهم إلا في مثل هذه المناسبات.
لهذا ليس مطلوباً منا عدم الفرح والاحتفاء بنهاية شهر رمضان وعيد الفطر السعيد من خلال تلك الممارسات الطيبة التي ذكرتها سابقاً، فلا حرج من اعلان الفرح بأشكاله الإنسانية المفعمة بالقيم.
هو عيد ينبئ بانتهاء رمضان، بدون استخدام كلمات تخوينية أو سياسية، فهو مناسبة دينية منذ بدء الإسلام وحتى قيام الساعة. لكن لا فجور في الاحتفاء بما يحرف نبل الفكرة عن مسارها. 
جميل أن نزور بعضنا بعضا بعيدا عن رسائل التواصل الاجتماعي السائدة، جميل أن نشعر مع بعضنا بالبصر والسمع والحديث المباشر الدافئ.
جميل أن ندخل السرور في قلوب البسطاء والفقراء وكبار السّن وأن نرى الفرحة في عيون الأطفال.
جميل أن نروّح عن أنفسنا قليلاً وأن نحتفي بمكافأتها على العبادة الخالصة لوجه الله تعالى.
جميل أن تخرج البسمة والضحكة رغم الألم والوجع والحزن.
جميل أن نبدو أقوياء متحدين متحابين، على أن نكون ضعفاء تغلفنا الهشاشة والهوان.
جميل أن نعلي شعيرة من شعائر الله.
سلاماً غزة، سلاماً فلسطين، سلاما لكل أمتنا العربية والإسلامية، سلاماً لكل البشرية المعذّبة والإنسانية المتشبثة ببقية أخلاق، سلاما للأردن وأهله وقيادته.
   

تابعوا نبأ الأردن على