د.ماجد الخواجا يكتب: فقعت المرارة

{title}
نبأ الأردن -
دخلت منذ بداية شهر رمضان في وعكة صحية ألزمتني العلاج والتدخلات الجراحية، حيث بدأت الوعكة عبر إمساك شديد وعدم التركيز وفقدان التوازن والشهية وصعوبة التنفّس وعدم تآزر الحركي البصري مع وجع شديد في رأس المعدة وأطرافها، مع فقدان الرغبة لأي شيء من متاع الحياة سواء الأكل أو الشراب، فقدان المزاج والزمان والمكان، نعاس دائم مع عطس وسعال جاف، جفاف في الحلق وشعور بعناصر الكيمياء كلها تملأ الفم والجوف.
حين اشتدت الأعراض قام أبنائي بحملي إلى أحد المستشفيات الخاصة، تعاملوا مع وضعي الصحي بناء على بعض الكلمات التي صدرت عني بوجود إمساك شديد، قاموا بتصويري اشعاعيا مع إجراء فحوصات الدم، وتم صرف بعض ما سميّ بالأدوية والتي كانت عبارة عن مهدئات وشراب فوّار وانتهى الأمر على ذلك مع دفع قيمة التشخيص الذي لم يتم والأدوية التي لا تعالج شيئاً.
عدت للبيت ولم تخف الأوجاع، لتصلني في اليوم التالي بعض الصور لتقرير نتائج الفحوصات في المستشفى الخاص، واتصل أحد موظفي المستشفى مع ابني يريد الإطمئنان على حالتي، فقال له أنني ما زلت تحت وطأة المعاناة والألم، فأجابه الموظف أن هذا متوقع لأن الدواء يتطلب مرور عدة أيام حتى يظهر مفعوله.
دخلت في حالة من الذهول وعدم الإدراك المكاني والزماني مع زيادة حرج الحالة الصحية، وفي وقت السحور فجر السابع من رمضان أصرت زوجتي وأبنائي على حملي إلى مستشفى الجامعة الأردنية العظيم بعد أن وصلت الحالة إلى مستويات خطيرة تمثلت في عدم التوازن أو النوم أو الإخراج أو أية أنشطة حيوية للجسم نفسية وجسدية واجتماعية وعقلية. مع هبوط نسبة الأوكسجين والضغط.
وجدت نفسي في طوارئ المستشفى بين يدي ثلّة من أطباء الاختصاص في الجراحة والقلب والتنفس والكلى والأشعة النووية، كان القرار إدخالي إلى العناية الحثيثة مع إجراء عملية فورية من أجل إزالة السموم التي ملأت الجسد وعملت على اختلال النظام الجسدي والنفسي بعد انفجار المرارة.
كانت الخشية من تعطّل وظائف الكلى المؤدية إلى الفشل الكلوي، ومن تعطل القلب والبنكرياس والجهاز التنفسي.
لأدخل في سلسلة عمليات متصلة لفريق طبي متنوع الاختصاصات، وتم إجراء عملية إدخال تيوب للبطن وإزالة السموم التي نتجت عن انفجار المرارة، فكانت عملية تحت التصوير الطبقي الإشعاعي النووي، ثم احتاج الأمر إلى وضع شبكة مستعجلة من أجل إجراء غسيل للكلى على أمل أن تعود لوظائفها المعتادة ولا تصل إلى مرحلة الفشل الكلوي، كما كان هناك تدخلات لغايات إعادة تنظيم نسب الأوكسجين في الجسم والتي انخفضت بشكل حاد جراء الانفجار.
عن ماذا أتحدث؟ أتحدث عن رجال نذروا أنفسهم للإعلاء من قيمة الإنسان وحياته، فحيث هناك حياة نعيشها في بيوتنا وشوارعنا، هناك حياة مختلفة تماماً يقوم عليها فئة يتوقف الزمن عندهم ولا ينتبهوا إلى مناسبات وفعاليات، إنهم يعيشون حياة تتلون بأرواحهم ومعنوياتهم وأخلاقهم.
الآن بعد أسبوعين من العلاج فقد منّ الله علي بفضله وكرمه أن عادت أجهزة الجسم كلها لوظائفها المعتادة، الكلى والقلب والتنفس وكافة الفعاليات الحيوية للجسم.
الآن تفرّ الدمعة من عيني لما تفضل الله به من عناية ورحمة وكرم. الآن تعجزني الكلمات التي لا تفي شيئاً مما يقوم به أولئك المنذورين للإنسانية. الآن أقول شكرا للممرض أبو الليث في العناية الحثيثة، شكرا للطبيبة الجراحة زينةضمن فريق البروفسور الجراح الذي أشرف على علاجي الدكتور محمد راضي الطراونة، شكرا لدكتورة الكلى رندا فرح، عذراً فالشكر قليل قليل لكل من يقدم الكثير الكثير. ولنا عودة.
تابعوا نبأ الأردن على