د. ماجد الخواجا يكتب: من يحرف بوصلتنا عن عدونا هو مأجور أو مستغفل

{title}
نبأ الأردن -
منذ موقعة السابع من أكتوبر غير المسبوقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، والتي عاثت فيها قوات الاحتلال الصهيوني تدميراً وقتلاً عشوائيا جماعيا حتى اتصفت بأنها عمليات إبادة ممنهجة غايتها الرئيسة تفريغ قطاع غزة من سكانه وتهجير غالبيتهم وحشرهم في شريط كانتوني ضيق محاصر على الحدود المصرية وتقطيع أوصال القطاع وتجزئته كبؤر منعزلة محاصرة من جميع الاتجاهات.
نعم لم يبق هناك شيءغير أخلاقي أو غير إنساني إلا وتمت تجربته واستخدامه مع أبناء القطاع، فلم يعد غريباً أن نشاهد الموت جوعاً والموت برداً والموت داخل المستشفيات، الموت للمريض والمسعف والطبيب، للمعلم والطالب، الموت لمن سيدفن أو يكفن مع من يكفنه، الموت في العراء تحت وقع نهش الحيوانات لأجساد وجثث الموتى. أقول أنه منذ السابع من أكتوبر والشعب والنظام في الأردن يقفان في صفٍّ واحدٍ مؤيد وداعم ومساند للأهل كواجب لا كتفضل، ونذكر أن أول المساعدات تم تسليمها كانت من الأردن وكان بناء مستشفى ميداني جديد وكانت المحاولات المضنية في ظل ضغوط عالمية هائلة ربطت غاياتها بما يصدر عن الحكومة والجيش الصهيوني. وأصبحت الأمسيات اليومية في محيط موقع السفارة الصهيونية في الرابية كمؤشر رمزي ضد ما تمارسه قطعانهم بحق الأهل في غزة.
وكانت المطالب أن لا يكون هناك تخريب أو إثارة الفتن والقلاقل وعدم حرف البوصلة تجاه العدو الواضح المحدد المتفق عليه. كانت المسيرات تجوب عواصم العالم تأييداً للمظلومية الفلسطينية، لكنها مسيرات مرخصة ومحددة المسارات والأوقات وتتبنى شعارات واضحة في دعم الشعب الفلسطيني دون أن تقحم أنظمتها السياسية في الهتافات والشعارات المطروحة في تلك المسيرات.
وشاهدنا الميادين العربية تكتظ بالمسيرات دون أن تختلط الأوراق، فالعدو مؤشر عليه بصورةٍ لا لبس فيها.
لكن في المسيرات الأردنية التي قد تكون الأقوى والأصدق والأكثر تأثيراً بحكم الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك، فكان الأولى والأجدى أن تكون هتافات المسيرات مؤيدة للأردن وفلسطين معاً، وأن لا يتم السماح مطلقاً لمن يروّج شعارات الكراهية والتخوين والإنهزامية.
إن الأردن القوي هو الظهر والسند لفلسطين، ومن يرى غيرذلك فهو إما له أجنداته أو مرجعياته أو أنه مغفل لا يرى المشهد الوطني والسياسي بعينيه وإنما بمعايير واشتراطات غير وطنية. هناك الكثير من الأحزاب حديثة النشأة أقحمت كوادرها – إن جاز التعبير- على المشاركة الليلية في مسيرات الرابية، لكن يبدو أن لا تأثير لها غير أن تبحث عن حصة ترويجية من المشهد لا أكثر.
إن أية مسيرة تخرج ويصدر عنها هتافات وشعارات تخوينية وكراهية وفتنة، هي مسيرات عمياء لا بوصلة لها.
لن يستفيد الفلسطيني في الداخل من أية شروخات أو خطابات مليئة بالكراهية، والتي لا يمكن فهمها إلا أنها تعبّر عن غايات العدو الصهيوني الذي لا يرى في الأردن وفلسطين إلا الأرض الموعودة، وأن أفضل ما يمكن تقديمه من خدمات مجانية لصهيون تلك الهتافات المعيبة والشعارات المشبوهة التي لن تفت في عضد وحدتنا الوطنية الإنسانية.
تابعوا نبأ الأردن على