صالح الشرّاب العبادي يكتب: بعد النكسة كانت ….الكرامة

{title}
نبأ الأردن -
الحديث عن معركة الكرامة لا ينتهي بموعد ولا بتاريخ محدد . فهذه المعركة خالدة مدى التاريخ وذكراها في كل لحظة ، فدماء الشهداء وذكراهم وبطولاتهم وبطولات الجيش العربي في تلك المعركة خالدة مستمرة نستلهم منها في كل لحظة الدروس والعبر ..  
لم يكن يوم الكرامة يوماً عادياً .. ولم تكن معركة الكرامة  مجرد حرب خاطفة او نزهة كما يعتقد العدو   ،   بل كانت معركة حياة او موت .. انها معركة كسر العظم .. 
كان الموقف قبل المعركة  حرجاً ، حيث  الامة  العربية  تعيش  هزيمة  مؤلمة ، والجيش العربي الاردني لا زال يلملم جراحه من جراء نكسة حرب الأيام الستة ، وجيش العدو الاسرائيلي ينتشي النصر على جيوش الدول العربية اجمع ،  الوضع الاقليمي العربي  متردي في  الحضيض من جراء نكسة تاريخية منيت بها جيوشه  المشاركة بحرب ١٩٦٧.. حيث كانت  تلك الجيوش  لا تزال تعيش صدمة الهزيمة  العظمى    .. ولا يخفى ان الجيش الاردني انذاك  كان الاكثر انهاكاً بعد ان كُشف ظهره وطعن وهو واقف على اسوار القدس .. كالطود الشامخ .. وترك في ساحات الوغي يصارع العدو وحده ..
بشكل عام  ، كان الموقف قبيل الحرب  في عام  ١٩٦٨ ، نكسة ونكبة ، جيش خارج من حرب استشهد بها مئات الجنود ، مطارات مدمرة ،معنويات تكاد تكون منهارة ، قدس احتلت ، ارض اغتصبت ، ومسجد اقصى احتل ، ملايين اللاجئين تركوا أرضهم وبيوتهم نزحوا خارج الحدود ، وموقف اقليمي عربي يكيل الاتهامات لبعضه  البعض كلاً يريد تحميل مسؤولية الهزيمة على غيره   .. واقتصاد متهاوي ... 
في المقابل ، جيش دولة مزعومة اسمها ( اسرائيل ) لم يتجاور عمره العشرين عام انتصر على جيوش الدول العربية قاطبة من الخليج الى المحيط ..
يعيش حالة نصر غير مسبوقة ، كيف لا ، وهو الذي قاتل على ثلاث جبهات برية وجوية وانتصر عليها ..
فجاة ... تستمر اسرائيل بغيها وطغيانها وزهوة انتصاراتها ..وغمرة فرحتها ...وبدعم دولي منقطع النظير ..  ومواقف عربية هزيلة تنذر بالخذلان .. مستغلة انتصاراتها وسمة جيشها الذي سمي ( الجيش الذي لا يقهر ).

فجاة .. يشن الجيش الاسرائيلي اكبر هجوم بكامل قوته وعتاده ودعمه وآلته العسكرية المتطوره .. على عدة محاور على الاردن واضعاً نصب عينيه احتلال مرتفعات عمان الغربية ..
هنا وفي تلك اللحظات  العصيبة التي تمر بها البلاد ... 
علمت القيادة مسبقاً نوايا العدو ، وخططت للمواجهة ، وحشدت القوة ، مع تعبئة معنوية ، وكان القادة قد نذروا انفسهم  لأمرين لا ثالث لهما ، النصر او الشهادة.. من هنا ..
( طاب الموت  في سبيل الله والوطن ) ( ويا هلا بالشهادة  ) ليس بقوة عسكرية او عتاد او آلة .. بل  بالعقيدة والبسالة والصمود والعناد والشدة والعزم .. اما الموت بشرف .. او الحياة بذلة .. و ..اما انتصار مدى الحياة.. او انكسار مدى الحياة .. 
في الكرامة .. وضعوا الرجال كل ملذات الحياة وراء ظهورهم ، العسكر في تلك اللحظة تركوا اولادهم وذويهم وارضهم وبيوتهم وزوجاتهم .. تركوا كل احلامهم المحققة والتي لم تتحقق .. تركوا الدنيا من اجل الحياة .. وعشقوا الشهادة من اجل الشهادة .. طاب الموت يا رجال .. لم يفكروا اولئك الرجال الجنود والقادة .. في مطمع او مغنم او منصب او مكسب .. اللهم الا الاستشهاد في سبيل الله  دفاعاً عن الوطن  والمواطن ....  قاتلوا بشراسة وعنفوان لم يشهد له التاريخ قتال الا في الكرامة  ومن اجل الكرامة .. نازلوا العدو الغاصب المتمرد المتصابي ..  بكل انواع العقائد  .. الدينية والعسكرية والاخلاقية .. بطولات جماعية وفردية لم يسبق لها مثيل في اي حرب .. قاتلوا باسلحتهم الثقيلة والخفيفة وانفسهم واجسادهم وافكارهم وايديهم .. حتى باسنانهم .. طبقوا كل انواع صفحات الحروب من دفاع وهجوم وانسحابات وهمية وقتال شوارع وقتال جماعات صغيرة وقتال مناطق مبينة ... 
فانتصروا .. وكان النصر حاسماً .. وهزم الجيش الذي لا يقهر لاول مرة ..
هولاء الرجال الذين قضوا نحبهم شهداء .. وهولاء الرجال الذين لا يزالون على قيد الحياة. .. لهم الف تحية وسلام .. لهم العزة والكرامة والسؤدد.. 
الكرامة ... هي الكرامة . 


تابعوا نبأ الأردن على