سمير عبد الصمد يكتب: رسالةُ حُبٍّ وعرفانٍ إلى "الأردنِّ"

{title}
نبأ الأردن -
هكذا هو الأردنُّ (ملكًا وشعبًا) تراه ينتفضُ، ويجمعُ العزائمَ والطاقاتِ؛ لمدِّ يدِ العون لمن استغاث بنشامى الأردن، فيهبُّ البسلاءُ مُتسلحين بهمَّةِ ملِكٍ هاشميٍّ، وقائدٍ مقدامٍ، نذر نفسَه لبناء دولةٍ أردنيةِ الثوابتِ، عربيةِ المبادئِ، إسلاميةِ العقيدةِ، لينثروا فوق غزةَ الأبيةِ شراعًا من فرحٍ وفَرَجٍ، وشعاعًا من أمنٍ وأمل، ورسالةً عنوانُها "يا أهلَنا، لن تكونوا وحدَكم". فأشرقت النفوسُ، وعادت الابتساماتُ إلى الوجوهِ التي أنهكها العدوانُ، فخفقت القلوبُ بحبِّ الأردنِّ والأردنيين وقيادتِهم الحكيمةِ.
وإننا هنا لَنستذكرُ مواقفَ الدولةِ الأردنيةِ بكلِّ رجالاتِها وأقطابِها ومنابِرها، منذُ بدايةِ الحربِ الظالمةِ على قطاع غزةِ، وهم يدافعون بصلابةٍ عن حقِّ الشعبِ الفلسطيني بالحياةِ الكريمةِ في دولتِه ووطنِه، مُقتدين بمواقفِ حضرةِ صاحبِ الجلالة الملك عبدالله الثاني الحازمة، وهو يجوب العالم يخاطبُ قادته وشعوبه باللغةِ المنطقيةِ، المدعومةِ بالحجةِ والدليلِ، وبالأسلوبِ الأقربِ إلى نمطِ تفكيرهم، ومجال اهتمامهم، بعيدًا عن الخطابِ الانفعالي القائم على التلاعب بالألفاظ، والبعد عن المنطق السليم، مؤكدًا: "أن حياةَ كُلِّ المدنيين ثمينةٌ".
كما يعبر جلالته بطريقة تسبرُ أغوارَ النفس البشرية التي ترعبها المشاهد الوحشية المؤلمة، ثم مع مرور الوقت تعتاد عليها، يقول جلالته: "كلما تزدادُ وحشيةُ الأحداث، يبدو أن اهتمامَ العالم يقلُّ شيئًا فشيئًا" مؤكدًا وبلغة حاسمة حازمة، لا تقبل التأويل: ، "أن الحربَ على غزةَ انتهاكٌ فاضحٌ للقانونِ الدوليِّ الإنسانيِّ، وهي جريمةُ حربٍ، مُضيفًا: "إن الرسالةَ التي يسمعُها العالمُ العربيُّ من وسائلِ الإعلام عاليةٌ واضحةٌ، وهي: حياةُ الفلسطينيين أقلُّ أهميةً من حياةِ الإسرائيليين، وهذه رسالةٌ خطيرةٌ جدًا، وعواقبُ اللامبالاة والتقاعسِ الدوليين المستمرين، ستكون كارثيةً علينا جميعًا... وإن حملةَ القصفِ العنيفةِ الدائرةِ في غزةِ هي حملةٌ شرسةٌ ومرفوضةٌ على مختلفِ المستويات، إنها عقابٌ جماعيٌّ لسكانٍ مُحاصرين لا حولَ لهم ولا قوةَ".

        ويضيف جلالته: "وبينما تقومُ إسرائيلُ اليومَ بتجويعِ المدنيين في غزةَ حرفيًا، فإنه لطالما تم تجويعُ الفلسطينيين لعقودٍ عن الأملِ والحريةِ والمستقبل"، ويشير، بصوت عالٍ، وبكل وضوحٍ: "إن حياةَ الفلسطينيين لا تقلُّ قيمةً عن حياةِ الإسرائيليين، وعلى القيادةِ الإسرائيلية أن تُدركَ أيضًا، وبشكلٍ نهائيٍّ، أنه لا يمكنُ لدولةٍ أن تزدهر أبدًا إذا بُنيَت على أساسٍ من الظلمِ".

أنها الجرأةُ في مواطن الحق التي عودنا عليها جلالته، وإنه الوضوح الناصع الذي لا يزيف الحقائق في مخاطبة العقلية الغربيةِ بمنطقٍ عقلانيٍّ ومقارعةِ الحجةِ بالحجةِ، ويفندُ الادعاءات الخبيثةَ التي تريدُ أن تحوِّلَ الصراعَ عن سببه الحقيقي، "وهو أن هناك حقوقًا مسلوبةً ومنتهكةً، لشعبٍ يريدُ أن يحققَ أمانيه في دولةٍ مستقلةٍ تعيش بأمنٍ وسلامٍ مع دول الجوار، إلى صراعٍ بين دولةٍ متحضرةٍ وإرهابيين هدفُهم قتلُ الأبرياءِ". 
هذا هو التفكيرُ الذي يسعى جلالتُه لتغييره في أذهان الكثيرين.

 إننا في الأردنِّ نختلفُ على كثير من القضايا، لكننا نتفقُ جميعًا على مبدأين هامين: الولاء للعرش الهاشمي، والانتماء الجغرافي والقومي لفلسطين، التي ستظلُّ ساكنةً في وجدان كلِّ الأردنيين، راسخةً في قلوبهم وأفئدتهم. 
إنَّ هذه المواقفَ النبيلةَ نابعةٌ من مسؤوليةٍ وطنيةٍ قوميةٍ يحملها جلالتُه، مدعومةً بإرادةِ شعبٍ أردنيٍّ أبيٍّ قَدَّم الغالي والنفيس، وروَّى بالدمِ الأردنيِّ الطاهرِ ثرى فلسطين، ولم يتخلَّ عنها يومًا ما، ولم يربط مواقفَه الوطنية بمصلحةٍ آنيةٍ تتبدلُ بتَبَدُّلِ الظروف والمصالح، ومع كل هذا تعلو أصواتُ المطبلين والمزمرين، وأصحابِ الشعارات الرنانة، والمواقف الجوفاء، الذين أرهقونا بعنترياتهم التي لم نرَها إلَّا من خلال بياناتِ الدجل والتحريض، ومواقع الفتنة العمياء الصماء، التي تدعو على الأعداء، ليلَ نهار، بالويل الثبورِ وعظائمِ الأمور. وما هذه الأصواتُ المشككةُ الخبيثة، والهجمةُ الشرسةُ المأفونةُ التي يتعرضُ لها وطننا، قيادةً وشعبًا، إلا دليلُ ضعفٍ وانكسارٍ أمام نُبلِ المواقفِ وصلابةِ الإرادةِ. 
وهنا أعيدُ ما نقله معالي محمد داودية عن دولة عبد الرؤوف الروابدة، قوله: "ما حدا قَدَّم لفلسطينَ وغزةَ أكثرَ مما قدم الأردنُّ إلا الكذَّابون"
وبعد انجلاءِ المواقفِ سيذهبُ زبدُهم جُفاءً، وسيلُهم غُثاءً، ولن يبقى، في ميادينِ الرجولةِ والبطولةِ إلا الحقُّ ناصعًا ساطعًا.

تابعوا نبأ الأردن على