العين عبدالحكيم الهندي يكتب : "شهيدة مجهولة"!
نبأ الأردن -
وأنا اتابع نشرات الأخبار، كما كل يوم، بل كما كل لحظة منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة وأهله الصامدين، لفتتني تلك العبارة التي كتبتها إحدى الممرضات على أحد الأكفان : "شهيدة مجهولة"!
كم حملت تلك "التسمية" من وصف دقيق لذاك الحال، وتلك الجريمة البشعة التاريخية التي تدور تفاصيلها الدامية على مرأى ومسمع من عالم بات كما الأموات!
وقفزت إلى ذهني تلك العبارات الإنسانية المعبرة التي قالها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين من على منبر الأمم المتحدة عندما تحدث عن ازدواجية المعايير، ووصف فيها الحال عندما يكون "المظلوم" منا وليس منهم!
"الشهيدة المجهولة" تدل على أن آلة القتل التي تصب حِممها على أهل غزة، لا تفرق بين شاب وعجوز، وبين طفلة وامرأة، ولا تستهدف المقاومين من حماس أو الجهاد الإسلامي، بل أنها تصهر أجساد المدنيين الآمنين، وتحول حياتهم إلى جحيم.
في يوم ما لا بد وأن يسكت صوت المدافع والطائرات، ولا بد وأن تضع هذه الحرب أوزارها، أو بالأدق، لا بد وأن ينتهي هذا العدوان الغاشم على أهلنا في القطاع، ولا بد وأن تتكشف الحقائق، فعلى الرغم من حدة وهمجية ولؤم هذا العدوان، فإن دولة الاحتلال أيضاً تكبدت من الخسائر الشي الكثير، فمن الناحية العسكرية قد خسرت المئات من جنودها وآلياتها العسكرية، وأما من الناحية الاقتصادية، فإنها خسرت المليارات سواء ما صُرِف على التسليح أو من ناحية الركود الاقتصادي الكبير وتراجع حجم الصادرات وغيره، وكذلك انهيار القطاع السياحي، وأما الخسارة الأكبر فتتمثل بهز صورة إسرائيل في العالم، فطالما كانت تسوق نفسها على أنها داعية سلام مع جيرانها وحتى مع من احتلتهم منذ عشرات السنين، لكن حجم المظاهرات التي خرجت في كل عواصم ومدن الدنيا ضد العدوان ومناصرة فلسطين وشعبها، لخير دليل على الانقلاب على دولة الاحتلال وانكشاف حقيقة "جريمتها"، وزوال الغشاوة عن أعين وبصيرة شعوب الدنيا.
عندما يستفيق العالم على الحقيقة، سيكتشف أنه فوّت فرصة كبيرة بالاستماع إلى صوت الاعتدال الذي كان الأردن عنوانه، وأنه خسر كثيراً عندما صمّ آذانه عن تحذيرات عمان بأن غياب العدالة وإنكار الحق لن يؤدي إلا إلى العنف وإيذاء الإنسانية، هذا في الوقت الذي رفض فيه الأردن كل الحلول التي طُرِحت وعلى رأسها التهجير القسري، ففلسطين ليست إلا لأهلها، وما قبل العدوان كانت ثمة فرصة تاريخية بتحقيق سلام عادل ضيّعتها دولة الاحتلال، ولا نعلم بعد إن كان لتلك الفرصة أن تعود لترى النور مجدداً أم لا خاصة بعد كل هذه الدماء وكل هذا التدمير الذي اقترفته دولة "آخر استعمار" ما زال يشهده العالم الحديث!