د.محمد جرار : عندما تمارس الحكومة التمييز بين المواطنين "البلاغين 35 و 36 أنموذجا"
االأصل ان تستند جميع القوانين والأنظمة في الدولة الى الدستور الذي يعتبر المرجع الأساسي لكافة التشريعات القانونية وما يتفرع منها من قوانين وأنظمة وتعليمات وأوامر.
والدستور الأردني يستند الى مبدأ " المساواة بين المواطنين" كمبدأ أساسي من المبادئ التي ارتكز عليها، لا يجوز مخالفة هذا المبدأ تحت أي ذريعة في دولة تسعى جاهدة في الوصول الى الدولة المدنية وترسيخ مبدأ سيادة القانون فيها.
هذا المبدأ أجهض بالعديد من البلاغات التي صدرت استنادا الى أمر الدفاع رقم (19) لسنة 2020، ومارس التمييز ضد المرأة في صورة بشعة وضعت كل مسؤول حكومي أمام احراج مجتمعي ولدى شريحة واسعة من الموظفات في مؤسسته أو دائرته، عندما سمح للمرأة المتزوجة ومن لديها أطفال بالجلوس في منزلها تحت ذريعة العمل عن بعد لرعاية أطفالها واجبار المرأة التي لا يوجد لديها أطفال أو غير المتزوجة ان تقوم بكافة أعباء العمل والدوام اليومي لسبب خارج عن ارادتها، وليس في يدها وانما في يد الله وحده.
هذا المشهد حقيقة أدى الى شرخ في العلاقة بين زميلات العمل وتراجع في الحالة النفسية لدى العديد من الفتيات والنساء مما انعكس سلبا على أدائهن لعملهن وتراجع واضح في انجاز العمل المطلوب.
وجاء اصدار البلاغين رقميّ (35) و(36) لسنة 2021م، ليعمق هذا التمييز ويخالف التوجهات الحكومية في تشجيع المواطنين على تلقي اللقاح تمهيدا لفتح كافة القطاعات والعودة الى ممارسة الحياة الطبيعية واستئناف الدوام الرسمي الكامل في الدوائر والمؤسسات الحكومية، وفي المدارس والجامعات، عندما أجبرت من تلقى اللقاح على الدوام الكامل وأباحت لمن لم يتلقى اللقاح على الاستمرار في الدوام الجزئي، مما أدى الى عزوف العديد من الموظفين عن أخذ اللقاح لاستمرار شمولهم بالدوام الجزئي.
ما نشهده من تخبط حكومي وتسرع في اصدار البلاغات التي تستند الى أمر الدفاع رقم (19) لسنة 2020، بحاجة الى مراجعة فورية في ظل ما نشهده من حالة تذمر واسعة في مختلف المؤسسات الحكومية يقف المسؤولين أمامها في حالة عجز لتبريرها ورفض غير معلن لها واضطرارهم الى السماح للعديد من التجاوزات في دوام الموظفين في مؤسساتهم.
فهل تعترف الحكومة بخطأها في بعض بنود البلاغات التي اعلنتها وتعيد اصدارها لتحقيق الهدف المنشود منها أم تصر على قراراتها وتستمر حالة الفوضى والتخبط الذي نشهده واقعا في دوام موظفي القطاع الحكومي المهترئ اساسا قبل جائحة كورونا.
د. محمد صالح جرار