هذا آخر ما كتبه النائب المرحوم يسار خصاونة في وداع عائلته
نبأ الأردن -
في السادس والعشرين من شهر كانون الثاني، نشر المرحوم النائب يسار خصاونة منشوراً ودع فيه عائلته، زوجته وأبناءه الثلاثة، الذين قضوا في حادث سير مؤلم عام 2008 على طريق إربد، والذي أسفر عن وفاة 24 شخصًا، بينهم ركاب حافلة كانت متجهة من العقبة إلى إربد، عبر العاصمة.
ولم تغب ذكرى وقلوب الراحل الخصاونة عن أطفاله، بل تظل حاضرة في لياليه وأيامه الطويلة، بالرغم من مرور 15 عامًا على هذا الحادث الأليم.
.وقال المرحوم في منشوره :
سلامٌ لهم سلامٌ عليهم
الرضا بقضاء الله علمني أن لا أكتب بالدمع عن رحيلهم ما دامت أرواحهم ترفرف في البيت الذي أحبوه ، نعم قد تفنى الأجساد لكن الأرواح باقية ، قد تذبل الوردة لكن عطرها باقٍ ، وعطر أرواحهم ما زال بيننا يحدثنا ونحدثه .
قالت لي العنود ، نحن هنا يا أبتي نعرف ونسمع ، نفرح ونحزن ، لقد آلمنا ما أصابك و نعرف رضاك بقضاء الله واشتياقك لنا ، فارتحنا كثيراً ، لا تحزنوا من أجلنا فالأطفال كما تعلمون طيور الجنة لكن دون أقفاص ، هنا لا يوجد قفص واحد ، أبواب الرحمة مشرعة ، وأبواب الاستغفار مشرعة ، والاستجابة من رب العالمين جاهزة هدية لمن تاب و استغفر ، قد قلت لك يا أبتي ما يريد إخوتي أن يقولوه ، فماذا عندك لتقوله لنا ؟
أبنائي هل تعلمون أنكم ما غادرتم البيت ، عطر أرواحكم في كل مكان ، ملابسكم ما زالت كما هي تبوح لنا بضحكاتكم ، أعلم أنها أصبحت ضيقة عليكم ، لكن حنان الأم لم تزل تراها مناسبة ، أغراضكم ما زالت بمكانها ، لم نحاول كشف سر هذه الأغراض ، ونحن نعلم أن ما خبّأتموه فيها أحلام الطفولة فقط ، ما أجمل الطفولة التي تعيشونها ، كبرنا نحن ، وأنتم ما زلتم صغاراً ، أبوح لكم بسر يضحكني دون دمع ، أمكم أراها في الصباح تذهب إلى غرفكم لتوقظكم ، من أجل الصباح والذهاب إلى المدرسة ، وأحمد الذي لم يرافقكم في رحلتكم حزين لأنه يظن أنه أصبح وحيداً دونكم ، و أكاد كلما نظر إلى أمير يبكي لأنه يريد منه أن يعانقكم ، أقول له لا تبكي فالعنود لا ترضى أن يناديها عمتي فيضحك وأضحك ثم نتعانق ، أعجبني ما قلتيه يا العنود أنكم طيور بلا أقفاص فالغناء بحاجة إلى فضاء وفضاؤكم واسع ، واسع بإذن الله
حديثي معكم لا ينتهي ، ولو توقفت عن الكتابة الآن سوف أبقى أذكركم وأدعو لكم في صلاتي وفي صحوي ، أبنائي حقائب كتبكم ما زالت في غرفتكم ، أعرف أن منهاج المدارس قد تغير لكن منهاج حبنا لكم باقٍ للأبد هكذا تقول أمكم ، هي تعرف ما أكتبه من أجلكم ، وسوف تبقى تنتظر رسالة جديدة منكم لترد هي بنفسها عليها
خمسة عشر عاماً والعطر يفوح ، من أجلكم لن أبكي لكنني سأدعو كما عهدتموني بالدعاء