د.محمد الطراونة يكتب : عالم اللقاحات والسياسة والمال
ما يحدث في الهند سيوقف ائتلاف كوفاكس التابع للامم المتحدة
المسؤول عن عدالة توزيع اللقاحات الى الدول الفقيرة وذات الاقتصاد المتدني من إيصال اللقاحات اليها وستكون أفريقيا والشرق الاوسط الأكثر تضررا
ثاني أكبر دولة عالميًا في تعداد السكان محاصرةً بالكامل بالتفشي الأكبر لجائحة كوفيد-19 وسط ذهول العالم أجمع.
لكن لن تكتوي الهند وحدها بنيران تفشي الجائحة، بل ستمتد تلك النيران لتطول أغلب دول العالم، فالهند هي المصنع الأكبر للقاحات في العالم حيث ان ٦٠٪ من اللقاحات في العالم تصنع في الهند
يوجد في ألهند 20 ألف مصنع للأدويه،وتسمى بصيدلية ألعالم.
فهي تنتج ألأدويه وبكل أنواعها وتصدرها لجميع أنحاء ألعالم بما فيه دول أوروبا وأمريكا. وتوفر نحو من 50%من ألأدويه على مستوى العالم
تملك الهند خمسة مصانع ضخمة لإنتاج لقاحات كورونا وهي: مصنع المعهد الهندي للأمصال والمختص بتصنيع لقاح شركة أسترازينيكا وأكسفورد البريطانية، ومصنع بهارات بيوتك الذي يقوم بتصنيع لقاحي كوفاكسين وكورافاكس، ومصنع بيولوجيكال إي سيختص بتصنيع لقاح شركة جونسون الأمريكية، ومصنع زايداس كاديلا لتصنيع لقاح زايكوف دي، وشركتا هيتيرو بيوفارما ودكتور ريدي لاب والمتعاقدان لتصنيع لقاح سبوتينك في الروسي.
ففيها معهد "سيرم أوف إنديا" (Serum Institute of India) الذي هو في قلب خطط مشروع "كوفاكس" (Covax) العالمي لمشاركة لقاح فيروس كورونا، وينظر إليه على أنه المفتاح لضمان حصول مليارات الأشخاص خارج الغرب على الحماية.
ومع تفشي الجائحة وانهيار النظام الصحي والإغلاق الحاصل بمعظم المدن الهندية تحولت الهند من دولة مُصدرة لملايين الجرعات من لقاحات كورونا لدولة مستوردة لتطعيم أكبر عدد من السكان وتحجيم انتشار العدوى. كما تأثرت معظم مصانع اللقاحات في الهند وتباطئ إنتاجها بشكل ملحوظ وعلى رأسها مصنع المعهد الهندي للأمصال وهو أكبر مصنع لإنتاج اللقاحات في العالم، إذ ينتج أكثر من جرعة 1.5 مليار جرعة من اللقاحات الإجبارية للأطفال ويصدرها لمعظم بلدان العالم. والآن ستحدث حتمًا عوائق في سلسلة إمداد هذه اللقاحات عالميًا مما قد يمثل تهديدًا لحياة ملايين الأطفال حول العالم، هذا إلى جانب التأخير الذي سيحدث في إنتاج لقاحات كورونا التي سبق ووعد المصنع الهندي بها بأكثر من مليار جرعة من لقاح كورونا خلال هذا العام. سيشكل هذا ضررًا هائلا لمعظم بلدان العالم وسيؤجل حسم المعركة ضد فيروس كورونا
وغالبية الدول الـ93 التي تلقت إمدادات اللقاح من الهند موجودة في أفريقيا وآسيا، وهي من الدول الأفقر والأصغر التي ليست لديها قدرة إنتاجية خاصة بها والسكان في حاجة ماسة إلى الحماية.
والتزم معهد "سيرم أوف إنديا" بتقديم أكثر من مليار جرعة من لقاح "أسترازينكيا"
وقد تم إرسال أكثر من 66 مليون جرعة من اللقاحات الخمسة إلى 93 دولة مختلفة ووكالات تابعة للأمم المتحدة، وأكبر متلق منفرد هي بنغلاديش المجاورة للهند، بـ10.7 ملايين جرعة.
المملكة المتحدة أيضا تحصل على لقاحات من الهند، وتسلمت 5 ملايين جرعة من الطلب الأصلي البالغ 10 ملايين جرعة من لقاح أسترازينيكا، ولكن عندما حظرت الهند تصدير الملايين الخمسة الثانية، كانت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا قلقة للغاية، لدرجة أنها طلبت إيقاف إعطاء الجرعة الأولى لمن هم تحت سن الخمسين بشكل مؤقت.
ومع تصاعد الإصابات والوفيات، فإن هناك مخاوف من أن البلاد قد لا تتمكن من مواصلة تصدير اللقاحات بشكل كاف، عبر إعادة توجيه هذه اللقاحات داخليا.
وكانت الهند قد التزمت بتسليم 200 مليون جرعة من لقاح كورونا خلال برنامج كوفاكس بحلول يونيو/حزيران، ولكن هذا الآن موضع شك كبير، حيث تم الوفاء بـ40% فقط من جدول الطلبات حتى الآن.
وعندما بدأت الهند الحد من تصدير اللقاحات، قال رئيس المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها،، إن مثل هذه التحركات قد تكون "كارثية" بالنسبة للدول الأفريقية.
وقال نكينغاسونغ، في بداية أبريل/نيسان: "إذا استمر تأخير (اللقاحات من الهند) -آمل أن يكون تأخيرا وليس حظرا- فسيكون ذلك كارثيا للوفاء بجدول التطعيم لدينا"،
إمبراطور تصنيع اللقاحات الهندي ادار بوونوالا، يهرب مع عائلته إلى لندن خوفا على حياته حسب قوله ..
فشركة سيرم التي يرأسها بوونوالا ، هي المسؤولة عن تصنيع لقاح كوفيشيلد "AstraZeneca " في الهند ..
و يقول بونوالا أن وضع التطعيم في الهند في قمة الفوضى ..
ادار بوناولا Adar Poonawalla (صورة ١)الذي يملك و يدير معهد المصل لإنتاج اللقاحات في العالم و الذي يجهز ما يقارب ٧٠٪ من مختلف اللقاحات لسكان الكرة الأرضية.
كان والده سيروس يملك مزرعة لتربية الخيول و يجهز معهد لقاح حكومي لصناعة لقاح ضد الكزاز Tetanus. في عام ١٩٦٦ قرر سيروس)صورة ٢) انتاج لقاحات و أسس معهداً جديداً باسم معهد المصل Serum Institute لإنتاج لقاحات زهيدة الثمن لتصديرها لدول العالم الثالث. نجح المشروع بفضل توظيف الكفاءات العلمية و المختبرية و اليوم يعتبر هذا المعهد اعظم مكان في العالم لإنتاج اللقاحات جميعها٬ و كان والده يعرف بملك اللقاح وابنه اليوم بأمير اللقاح. انفتحت أبواب الرزق على العائلة و ترى بناية المعهد على درجة عالية من الابداع تبعد ٩٠ ميلا عن مدينة موبي و مساحة ارض المعهد ١٠٠ فدان. يملك ادار ٤٠ عاما٬ و عائلته ثلاثة قصور للسكن في الهند و بريطانيا و طائرة نفاثة يتنقل بها في جميع انحاء العالم٬ و يتم تصنيفه بواحد من كبار اثرياء العالم. ينتج المعهد بليون و نصف بليون جرعة من مختلف اللقاحات سنويا.
ظهرت جائحة كوفيد و قرر ادار وضع ثقته في اللقاح البريطاني و انتاجه بثمن زهيد و ووقعت شركة استرا زينكا عقداً معه. استثمر المال و رفع قابلية الانتاج الى بليونين و نصف بليون بكلفة ٨٠٠ مليون دولار و خزن ٥٠ مليون جرعة من اللقاح البريطاني . قرر رئيس الوزراء الهندي بان لا حاجة للقاح و تم توقيف العمل به بسبب رواية تخثير الدم النادرة جداً و لان الهند هزمت كوفيد. حرص ادار على تصدير اللقاح الى ٦٨ دولة في العالم. تصور ادار بان امر كوفيد انتهى في الهند و حان وقت إجازة سنوية.
الغباء السياسي و السماح بالمسيرات الدينية فتح الباب لإعصار كوفيد الهندي و الان الخدمات الصحية على حافة الانهيار و تحولت الحدائق و الساحات العامة الى مراكز حرق الجثث على مدى ٢٤ ساعة. بدأ رجال السياسة بالضغط على ادار و تهديده بتجهيز مناطقهم باللقاح و الا. بعبار أخرى كان ندائهم له: سلم اللقاح و تسلم. لم يجد ادار امامه بعد التهديدات سوى ارسال عائلته الى لندن و سفره بعد ملتحقا بهم.
الان قرر ادار انتاج اللقاحات في دول العالم الأخرى و بالذات بريطانيا. الحقيقة كان هدف زيارة رئيس وزراء بريطانيا للهند بداية الشهر التي تم تأجيلها هو لقاء ادار قبل رئيس الوزراء الهندي. بدلا من ذلك سيتم اللقاء في لندن.
بدلا من مساندة الدولة له فانها كالعادة تتهم المعهد بالربح من جراء لقاح كوفيد رغم ان سعر الجرعة للحكومة الهندية اقل من جنيه و نصف إسترليني و سعرها للقطاع الخاص ٣ جنيه إسترلي