د. ماجد الخواجا يكتب: الفن وترويج التصوف

{title}
نبأ الأردن -

التصوف ليس مذهبا قائما بذاته في الفكر الديني وإنما هو طريقة ونهج تعبدي يستند إلى جملة مقومات واجتهادات ممتدة ما بين القبول والانسجام مع الفكر الديني السائد إلى التطرف والمغالاة في عديد من الممارسات لديهم التي تصل إلى حدود الخرافات.
ثمة مسحات إيمانية وتدعى بالنورانية والتي تعلي من المحبة والتسليم والصفاء الروحي وخاصة ما يتعلق بمحبة الرسول الكريم. لتتطور الحالة فتصل إلى تقديس الأولياء وادعاء الكرامات وحتى المعجزات والتوسل بهم وبقبورهم والزعم أنهم وسطاء يمتلكون التفويض والصلاحية بين أتباعهم أو مريديهم وبين الله سبحانه وتعالى.
وتتدرج المعرفة والسلوك الصوفي في مراتب محددة تبدأ بالسالكين أو الطالبين فالغارفين فالعارفين وصولا إلى الأقطاب العظمى.
والصوفية تنتشر في معظم الدول العربية والإسلامية وتتسمى في العادة بإسم أحد كبار شيوخها مثل القادرية والرفاعية والحلاجية والجيلانية، حتى أننا نجد في كثير من البلاد أسماء مدن وقرى مرتبطة بأحد شيوخ الصوفية، لا بل هناك ما تدعى بالزوايا كما هو الحال في الجزائر والمغرب وليبيا. وتتفاوت درجة شيوع الصوفية بحسب طريقة دخول الاسلام إلى تلك البقعة عن غيرها. ربما تشتهر مصر وتركيا والباكستان والهند في شيوع التصوف الشعبي الذي يعلي من بعض الممارسات الصوفية مثل زيارة الأضرحة للأولياء ووضع النذور والتبرك بصاحب الضريح وطلب المعونة أو الشفاء من أمراض مزمنة وغيرها، وطبعا يتم التبرع عند تلك الأضرحة وربما تقديم الأضاحي من الماعز والبقر وحتى الدجاج.
ما أود قوله أن الملاحظ على بعض المسلسلات التي تقدم في شهر رمضان كانت تحمل كثيرا من الأبعاد الصوفية ومنها المسلسل السوري " العربجي " والمسلسل المصري " ستهم " ويبدو أن المخرج للعمل كان من الذكاء بحيث ادخل جرعات الصوفية بشكل محبب للقلوب والوجدان ودون أن تأخذ شكلا فجا ومباشرا بما يكفي لتقبلها وتبنيها.
نعم الصوفية فيها مسحات ومساحات ايمانية تملأ الروح بالتأمل والزهد والسكينة ومحبة الإنسانية. لكنها تمتد لتصل إلى شطحات لا يعد فيها الفرد قادرا على التمييز بين ما يفعل وما ينبغي له عدم فعله.
هذه هي خطورة الفنون عندما يتم توجيهها بذكاء في تبني فكرا أو نهجا أو طريقة أو شخصا أو جماعة أو مذهبا.
خاصة وإن المتلقين ليسوا بنفس المراتب والسوية في المعرفة والفهم والإدراك لما يقدم اليهم بصورة فنية.
وبعيدا عن الصوفية والتصوف فقد كسب المسلسلان شعبية واضحة بسبب وجود حبكة قصصية مثيرة وأداء متميز للفنانين فيهما.
يبقى السؤال: هل يحق للفن التحيز الفكري أو السياسي أو الديني أو المذهبي ام حينها يصبح مجرد أداة دعائية ترويجية غايتها تتناقض مع غايات الفن المجردة .


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير