د. ميشال الشماعي يكتب :مقالات ومقابلات بين الفلسطينيّين ومستعمِرِيهم .. تاريخ مقاومة وصمود يتجدّد

{title}
نبأ الأردن -

التظاهرات في الشارع الاسرائيلي ضدّ حكومة نتنياهو نتجت عن انتخابات الكنيست في الأوّل من شهر تشرين الثاني / نوفمبر في العام 2022، والتي نجحت بتحالف اليمين المتطرّف مع المتشدّدين دينيًّا في قيادة انقلاب قضائيّ على السلطة عبر العمل على تغيير الجهاز القضائي والمحكمة العليا بغية شطب تهم الفساد المتورّط بها الحليفان نتنياهو ورئيس حزب شاس المتشدّد "أريه درعي" وزير الداخليّة والصحّة عبر وزير العدل في حكومته "ياريف يلفين".
الاستيطان يتفعّل والمقاومة مستمرّة
أمام هذا الواقع المأزوم إسرائيليًّا لا زالت سياسة الاستيطان والتوسّع العنصريّة هي النّهج المتّبع من قبل كلّ مَن يتولّى السلطة. وهذا ما نجح الفلسطينيّون حتّى الساعة بمواجهته طوال هذه السنين العجاف عبر صمودهم فيما استطاعوا الحفاظ عليه من أرض وطنهم أمام آلة الحرب الاسرائيليّة.
وللوقوف أمام آخر المستجدّات وسبل المواجهة التي يتّخذها الشعب الفلسطيني الصامد، كان لمنصّة جسور حديث مع الكاتب والباحث السياسي حمادة فراعنة، العضو في المجلس الوطني الفلسطيني منذ العام 1984، والعضو في مجلس النواب الأردني الثالث عشر 1997، والعضو السابق في الجبهة الديمقراطيّة لتحرير فلسطين، الذي يعتبر أنّ " التدفق الواعي من قبل أهل القدس، وفلسطينيي الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ومن يتمكن من أهالي مدن الضفة الفلسطينية، الوصول إلى القدس والصلاة في المسجد الأقصى، هو الرسالة الأقوى لتأكيد أن الحرم القدسي الشريف، هو:
1- مسجد للمسلمين وللمسلمين فقط، كما هي الكنيسة للمسيحيين، والكنيس لليهود، والخلوة للدروز.
2- انه مسجد مقدس أسوة بالحرم المكي في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، ولهذا يوصف على أنه ثالث الحرمين.
3- هو أولى القبلتين، ومسرى سيدنا محمد ومعراجه، مما يعطيه القدسية لدى المسلمين كافّةً على وجه الأرض."
ويرى فراعنة أنّ ما يقوم به الفلسطينيّون هو " بمثابة جُهد كفاحي لمواجهة برامج المستعمِرَة وأدواتها، برامج الأسرلة والعبرنة والتهويد، وإحباطها كلّها."
أمام هذا الواقع الصّموديّ يرى فراعنة أنّ " أهل فلسطين هم وحدهم حماة بلدهم ووطنهم ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية، وهم وحدهم أدوات الإحباط في مواجهة مشاريع المستعمرة واحتلالها.
سبل مواجهة الاستيطان
ويرى فراعنة أنّ على العالم الغربي من الأميركيين والأوروبيين وعي حقيقة القدس وهويتها الفلسطينية العربية الإسلامية والمسيحية، وعلى العرب ومسلمي الأرض ومسيحيّيها، أن يدركوا أيضًا هول المعاناة والوجع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني بسبب الاحتلال؛ لذلك يشدّد فراعنة على "وجوب دعم وإسناد الشعب الفلسطيني ليبقى صامداً في وطنه مُحبِطاً مشاريع التهجير والنفي والتشرد، ومواصِلاً طريق الكفاح لدحر الاحتلال والمستعمِرَة (كما يسمّي دولة العدو الاسرائيلي) وصولاً إلى هزيمته على كامل خارطة فلسطين."
ولا يميّز فراعنة في حديثه لجسور بين المقاوِمين الشرفاء. فبالنسبة إليه " أهل فلسطين يدفعون ثمن البقاء والصمود والنضال، ونحن خارج فلسطين في الأردن ومصر والعالم العربي، والعالم الإسلامي والمسيحي، رافعة داعمة، كلّ منا وفق معطيات قدراته وظروفه وإمكانياته."
أمّا بالنسبة إلى نظرته إلى الغرب، وبالتحديد إلى الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية، فيلحظ فراعنة تحذير الغرب لإسرائيل في موضوع تشريع بناء المستوطنات على أراضي الضفة الفلسطينية حينما شرّعت حكومة نتنياهو لسبع مستوطنات. كما يلحظ فراعنة التحذير الجديد للغرب " من المخاطر التصعيدية لقرار الكنيست بإعادة المستوطنات الأربع: غانيم، كاديم، حومش، وسانور، التي سبق إزالتها عام 2005."
مع العلم أنّه تمّ استدعاء سفير المستعمرة لدى واشنطن ميخائيل هرتسوغ، من قبل نائبة وزير الخارجية الأميركية ويندي تشيرمن التي أبلغته وفق البيان الأميركي أن إقرار القانون: "يتناقض بوضوح مع تعهدات حكومة إسرائيل للولايات المتحدة، كما يتعارض مع التعهد بتخفيف حدة التوتر مع الفلسطينيين" قاصدة بذلك توجهات اجتماعي العقبة وشرم الشيخ، وطالبت حكومة إسرائيل بعدم تنفيذ التعديل لقانون الكنيست، وهو ما دعت له أيضاً المجموعة الأوروبية بـ"إلغاء القانون". ‌
ضرب بعرض الحائط
وفي هذا الصدد يرى فراعنة أنّ "حكومة العدو لن تستجيب لمطالب واشنطن والاتحاد الأوروبي لسببين:
أولاً : لأنّ برنامج ومضمون إتفاق الائتلاف لحكومة نتنياهو الرباعية يقوم على أساس التوسع والاستيطان ومواصلة الاحتلال، وتمسكهم بالقدس الموحدة عاصمة للمستعمرة، فيعملوا على تغيير معالمها باتجاه تهويدها وعبرنتها وأسرلتها، وبأنّ الضفة الفلسطينية هي يهودا والسامرة باعتبارها جزءاً من خارطة المستعمرة.
ثانياً: نتيجة فهم حكومة المستعمرة وإدراكها، أن احتجاجات واشنطن وأوروبا، مجرد كلام، تمحوه الأيام طالما أنه غير مقرون بإجراءات عملية حسية. فبدون إجراءات وعقوبات، لن تتوانى المستعمرة وأدواتها عن مواصلة التوسع والتهويد الأحادي والاحتلال الاستعماري."
مع الملاحظة أنّ المستعمرات الأربع تقع في قلب محافظة جنين، محاطة بالقرى الفلسطينية: سيلة الظهر، برقة، جبع، عطارة، قباطية والزبابدة، وتعتدي على أملاك خاصة لأهالي هذه القرى. ويلحظ فراعنة أنّ قرار الكنيست الصادر يوم الثلاثاء 21 آذار/ مارس 2023، أي بعد يوم واحد فقط من اجتماع شرم الشيخ الخُماسي يعني كما قال بن غفير في وصفه لقرارات العقبة، أنها لن تصل إلى فلسطين وستبقى بالعقبة، وعليه إن قرارات شرم الشيخ كما هي قرارات العقبة ستبقى خارج فلسطين، لا تعنيهم، ولا يلتزمون بها.
وهذا ما يراه فراعنة " خرقًا فاضحًا مباشرًا لتوجهات العقبة وشرم الشيخ، وأن رهان المشاركين من قبل الأطراف الأربعة: الولايات المتحدة وفلسطين والأردن ومصر، ليس في مكانه، وليس في موقعه، وأن الوقت والظرف السياسي والمعطيات السائدة غير ملائمة في الرهان على مواقف المستعمرة وحكومتها، في أي تغيير مطلوب أو متوقع."
الحقيقة المكشوفة
وبدا لافتًا ما قاله وزيرهم سموتريتش الذي يمثّل الصهيونية الدينية مع بن غفير في حكومة نتنياهو " إنّ الأردن جزء من خارطة اسرائيل". من هنا يؤكّد فراعنة لجسور أنّه" بعد استكمال فرض الاستيطان على كامل خارطة فلسطين باستثناء قطاع غزة، فهم اليوم "يتفقون على هدفين:
الأول أن القدس الموحدة عاصمة المستعمرة.
الثاني أن الضفة الفلسطينية ليست فلسطينية وليست عربية وليست محتلة، بل هي يهودا والسامرة، أي جزء من خارطة المستعمرة." لهذا يؤكّد فراعنة في حديثه لجسور: "نحن كأردنيين مع فلسطين لسببين جوهريين:
الأول حماية الأردن من أطماع المستعمرة التوسعية، ومنع إعادة رمي القضية الفلسطينية خارج فلسطين، نحو الأردن.
الثاني بقاء القضية الفلسطينية حية يقظة وشعبها على أرض فلسطين، ودعم نضالهم لاستعادة حقوقهم الكاملة غير منقوصة على أرضهم. واستعادة حقهم في العودة إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع، ونيل حريتهم واستقلالهم."
وفي ختام حديثه لجسور يكشف فراعنة أنّ " الاسرائيليّين يعملون وفق خريطة سموترتش المعلنة على الهدف التوسعي المقبل على مستويين: الأردن، وشطب وجود شعب فلسطين. ويتعاملون مع الفلسطينيين باعتبارهم غرباء على أرض "يهودا والسامرة"، وينتظرون الفرص لطردهم، وتشريدهم، وصولاً حتّى إبعادهم إلى الأردن."
الكلمات الدالة


تابعوا نبأ الأردن على