ميسر السردية تكتب :تعليلة في كهف منيرة

{title}
نبأ الأردن -

بادرتني جارتي منيرة عندما فتحت الباب، قلت خلني أخلص من العشاء وأجيكِ.. مابحب تأخير الصلاة.. - يا مية هلا.. فوتي….. شو بتحضري بفيلم تتح تبع اللمبي .. قديم هذا.. اي حضرته كثير. لكن بحب فيه مشهد لما ينقذ الرهائن من لصوص المول فيسألونه جماعة الإعلام.. قول. قول عاوز أيه من مصر يابطل. فيرد. أنا عاوز أعرف مصر عاوزه أيه مني..
تقابلنا أمام شعلة الصوبا المنفردة دائما بالاشتعال.. زعتر وللا قهوة.. أول شي هاتي زعتر… شو ماعندك أخبار عن الاعتصامات..- زي ما تسمعي بسمع… فكرك بالليل يظلوا بالبرد معتصمين؟! - مش عارفة بالزبط.. يمكن يرجعوا بيوتهم والصبح بيعتصموا.. لا ما اظن.. شفت عالتكتوك فيديوهات وهم بالليل بالخلا.. - يمكن بيولعوا نار ومعهم فروات.. بس كثير برد.. الله يعينهم.. اليوم سايق الباص اللي بياخد العيال عالمدرسة قال بدو يرفع علينا الأجرة.. مش عارفه كيف ندبرها..
-أنا بشوف شوي عالفيس.. معنديش تكتوك. اليوم بنزله.. شو مارحت عالمستشفى؟!.. بكرا موعدي.. بعرفش اذا بيضربوا تكاسي عمان.. أمس ركبت مع تكسي قال بدنا نضرب.. تعرفي.. صحيح صارلي استنى الموعد ثلاث تشهر.. بس معلش.. يضربوا وينزل سعر المحروقات َخليني أموت.. الله لا يردني..
وكلي الله.. طولة العمر إن شاء الله..
شعلة صوبتك بتكتك لتكون بدها تخلص.. - لا اليوم ركبت الجرة.. يمكن نسمة هوا.. ياااااه شو تغير الزمن علينا.. بتصدقي زمان كنا نشعل ثلاث صوابي مع بعض طول النهار لما ننام..عنا برميل ديزل.. صوبة بواري بالمضافة ووحدة ثانية بغرفة التلفزيون.. وفوحيكا بغرفة جدتي الحجة.. بتعمل عليها القهوة والشاي وبتشوي بيتنجان وقالب كيك احيانا.. بتحط عليها قشور بردقان عشان ريحته زاكية… بتعرفي.. احيانا بقول الحمدلله اللي جدودي ماتوا قبل مايلحقوا هذا الوقت..
صحيح نسيت اجيبلك قطرة العيون.. هسه بس اروح بناولك ياها.. كويسة بتجلي النظر جلي..
صفنّا باللهب.. كل منا تفكر في شيء ما..- سامعه صوت.. آه.. شكلوا صوت خلاط من الشقة الفوقا.. شو بيخلطوا تالي هالليل؟!.. انداري عن خلق الله.. بتخلط سكن.. خليني اقوم اروح.. - اتعللي لسه بكير.. لا بكير ولا بطيخ.. قومي اندسي بفراشك وطفي صوبتك بكرا ابرد من اليوم.. خليها على الله يابنت…- والنعم بالله.. طيب.. خبريني شو بيطلع معك إن رحت للمستشفى.. وحياة روح أبوك وأبوي عالطيب بطلت تفرق.. ماظل شي مستاهل بهالعمر ال طو طو…. جف ريق الليل في كهف الخوف والترقب على أمل أن يتنفس فجره قبل تفجر شرايين الصبر… عدت مسرعة فأطفأت الصوبا قبل أن تطبق منيرة باب بيتها و اندفست في الفراش وأنا أستعيد ملامح الوجوه السُمر صارخة على جوانب الطرقات.. فخجلت، فحزنت، فبكيت، فقطرت عيني من القطرة إياها ثم نمت…


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير