فهد الخيطان يكتب: مأساة مستشفى السلط.. سوء التدبير الإداري
لم يكن بالإمكان انتظار نتائج التحقيق القضائي لتحديد المسؤوليات في حادثة مستشفى السلط المؤسفة. كان لا بد من ثمن سياسي يدفع على الحساب، فكانت استقالة وزير الصحة الدكتور نذير عبيدات وبأمر ملكي، كما صرح وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة صخر دودين.
الحصيلة الأولية لانقطاع الأكسجين عن مرضى المستشفى، سبع وفيات، إضافة لحالات حرجة تعاني جراء الضرر الذي لحق بها. وزير الصحة المستقيل قال إن الأكسجين انقطع لمدة ساعة عن المرضى في غرف العناية الحثيثة، والدفاع المدني تدخل بسرعة وفق المعلومات المتوفرة، لتدارك الموقف قبل أن تستفحل الكارثة، وتولى تزويد المستشفى بحاجته من الأكسجين.
لكن ثمة أسئلة كثيرة ستجيب عنها تحقيقات النيابة العامة، حول ظروف وملابسات نفاد مخزون المستشفى من الأكسجين، وعدم ملاحظة الطواقم الطبية المشكلة قبل وقوعها، وغياب البدائل في حالات الطوارئ.
هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها مستشفيات وزارة الصحة نقصا في الأكسجين خلال أزمة كورونا، وقد تمكنت كوادر الوزارة من تداركها دون خسائر في أكثر من مستشفى. لكن ثغرة قاتلة في نظام عمل مستشفى السلط أدت إلى الوقوع في خطأ جسيم دفعنا ثمنه أرواحا غالية.
والمؤكد أن منظومة وزارة الصحة المعنية بإدارة ملف كورونا تتحمل المسؤولية، بقدر تحمل إدارة المستشفى. لقد راكمنا تجربة كافية في السنة الماضية تكفي للتعامل مع مثل هذه التحديات، وقد تم تطوير نظام رصد إلكتروني للوضع في جميع المستشفيات يمكن الإدارة من تحديد احتياجات كل مستشفى، والسعة التشغيلية، وعدد الغرف والأسرة المتوفرة، وغيرها من التفاصيل الدقيقة.
لكنها الإدارة دائما هي التي تخذلنا في المنعطفات. مستشفى السلط دخل الخدمة وهو يعاني من نواقص كثيرة، ونصح كثيرون الحكومة السابقة التأني في افتتاح المستشفى قبل التأكد من جاهزيته التامة. وأذكر يوم الافتتاح تصريحات مديره عن نقص في الكوادر الطبية والتجهيزات الفنية، ناهيك عن الوساطات والتدخلات اللاحقة في اختيار إداراته.
طوال الأشهر الماضية، كنا نسمع شكوى المراجعين عن مشكلات في عمل المستشفى ونقص في الخدمات والكوادر، لكن أحدا لم يتحرك لتصويبها. وهذا الأمر ليس حكرا على السلط، بل هي شكوى كل المرافق الطبية في المحافظات.
أزمة الإدارة تضرب في كل القطاعات. سنوات طويلة من سوء التدبير وهيمنة نظام المحاسيب في التعيينات العليا على حساب الكفاءة، وضعت نظامنا الإداري برمته في حالة بائسة، يضطر معها وزير إلى دفع الثمن وتحمل المسؤولية السياسية.
إذا استمر حال الإدارة الحكومية على هذا الحال، فسنقضي وقتنا في قبول استقالات وتعديلات وزارية لا تنتهي.
حان الوقت لثورة إدارية في مؤسسات الدولة الأردنية، تضع حدا لنظام الواسطة المهيمن، وتعيد النظر جذريا بأسس التوظيف والترفيع، لأن الآلية القائمة كارثية بكل المعايير، ولن تولد غير الكوارث التي نشهدها كما حادثة السلط.
الغد