ميسر السردية تكتب: الزيارة.. غارة

{title}
نبأ الأردن -

رغم أن صديقتي أخبرتني منذ أيام بكسر قدمها إلا أنني أجلت أو بالمعنى الأدق سوفت زيارتها، كل يوم اقول بكرا أروح، والتسويف واتخاذ القرار في لحظة غير مناسبة مدرسة شرقية، كما ذكرت ذلك الرّحالة الغربية روزينا فويرس في وصفها لبدو صحراء ليبيا "لا شيء يأتي في الشرق إلا قبل اللحظة الأخيرة" وهكذا جاء قراري في طقس شتوي غير مستقر هذا الصباح.
فكرت بطبيعة الهدية المفترضة للصديقة، ورد.. وما تفعل بالورد الذي يزدحم به بيتها الآن… شوكولاته. وما فائدتها لقدم مكسورة.. ثم سترسب شوكولاتتي مع مرتبة الحزن مقارنة بأسفاط الطبقة الثرية التي زارتها…
رجعت بذاكرتي لعادات أهلنا في هكذا مناسبات، كانوا يسمون الهدية للوجعان "زوارة، طلة" و يختارون مايتماشى مع طبيعة المرض، بكسة بردقان، كيلتين موز، طرد عصير، بيض حليب بلدي يساعد على سرعة جبر الكسور.. خمس نيرات تحت وسادة المريض.. الخ الخ.
فكرت بجركن كاز هدية مناسبة جدا، لو أنها كانت تستخدم مثل صوابينا ، طبق بيض وكم كيلو موز أحسن .. زوارة معقولة ترم عظامها، غنية بالبوتاسيوم والكالسيوم ،بلا من الهدايا الأستعراضية.
توقفت في بداية الشارع الفرعي ،بسبب مشاجرة نشبت بين سائق تاكسي وسيارة أخرى تصادمتا، فتجمهر الناس حولهما بإنتظار الشرطة لإجراءت الكروكا، .. وأحاديث و تدخلات من لادخل لهم.. على مين الحق ياملعم.. هونوها ياجماعة الخير
. تملصت من أزمة الحادث تلك، وما أن أمسكت الطريق الرئيسي حتى بدأت جموع سيارات متراصة ككراج عام، إنه يوم قهر يامشتري الصبر، تزحف المركبات كسلاحف كسولة، متى أصل الصديقة وكم سأبقى عندها ومتى أعود لبيتي، ومتى انفخ واطبخ .. مو مشكلة.. بتغدا عندها.. بيمشوها اليوم حواضر، لا أول ولا أخر مرة يعني.
.. زوامير تدب في رأسي، كأنهم يقولون لي .. بدنا نطلع، عنا شغل… خُيّل لي أن زامورا شتم سلالتي.. أحدهم حشر خشم سيارته وكأنه يجبرني على التراجع كي ينفذ هو .. لا أتقن المدافشة، أكره السياقة.. أصلا هوانم جاردن ستي بالمسلسل ماكننش يسوقن سيارات..آه بس كان معهن سواق ياحلوة…كيف سأتصرف لو تطورت لغة التفاهم بيننا في هذه الظرف المزنوق إلى "القناوي والجكات"..
فتحت الفيسبوك لأبعثر الوقت، أملا بحل العقدة الغوردية " السيرية المزمنة".. إعلان مُلفت "كيف تحصل على إقامة دائمة في اليونان".. ياااااه.. إنها الحلم الذي طالما راودني في زمن تولى، حينها كنت صغيرة.. أحاول التفريق بين أسمي أفلاطون وأفلوطين..كم تمنيت تتبع مسارب الحضارة الساحرة، آلهتها.. فلاسفتها وحتى آخر تمثال في حدائقها.. نقرت على جوجل لأرى أنتوني كوين في رقصة زوربا..
..الوقت يخب غير مهتم والنهار يشهق لأعلى..و مكان سكنى الصديقة صار حلما كاليونان.. مللت الإنتظار فتطايرت شظايا قنبلة الصبر… محرك السيارة يئن في مراحه، …همس هامسا في أذني..جفلت.. المعلم أرسطو… يا شيخة بلا فلسفة، أرسطو وجماعته مابيحلوا مشكلتكم…. أنا قرينك سحبوب.. جد والله.. كيف نطقت؟!.. نطقت لأني طقيت وزاغ بصري.. لا أنت عارفة تسوقي ولا تطلعي من الأزمة.. عندي حل أريح.. والله.. أيش هو.. .. صوري طبق البيض وكيلتين الموز وأزمة السير وأرسليها لصديقتك عالواتس آب… بتكوني سويتي اللي عليك وطلعتي من الملامة وعلى رسول الله السلام.. أف أنت مسلم كمان؟! حلي عني يابنت.. ترى قرفان حالي.. هسا بدنا نطلع من ورطتك هاي.
أرسلت الصور.. وشكرتني صديقتي شكرا منقطع النظير بل أشعرتني بأمتنانها الكبير لإقدامي على هذه المحاولة النبيلة التي تضاف لرصيد محبتها لي من جهة وأخلاصي لعلاقتنا من جهة أخرى… "الزوارة إغارة وغارة"في هذه الأحوال ياصديقتي
بيض عجة،سلق، عيون،مشاط زهرة… بالنسبة للموز فمن حق كل فرد الحصول على قرنين موز من باب البحبوحة المرحلية حيث ولى زمن الإكتفاء بقرن واحد.


تابعوا نبأ الأردن على