ميسر السردية تكتب : ورق أصفر

{title}
نبأ الأردن -

قرأت مرة في كتاب لمحمد أركون أن في فرنسا قانون يدعى قانون الحشمة أو التحفظ وهو قانون يتطلب من كبار موظفي الدولة أن يلتزموا الصمت حيال المسائل الدقيقة أو الحرجة وبناء على ذلك القانون تم عزل أشخاص أساءوا بتصريحاتهم لفرنسا ومنهم جان كلود بارو بعد تأليفه كتاب عن الهجرة بشكل عام والإسلام بشكل خاص.
خطرة فكرة القانون ومفردة الحشمة في ذهني بعد إنفجار بالوعة صرف صحي في آذاننا صغارا وكبارا يوم أمس عقب تسريبات صوتية لرجل كان في موقع مسؤولية من أهم المواقع التي تمس حياة الوطن والمواطن بغض النظر عن مدى توافق عموم الناس وملاحظاتهم سلبا أو إيجابيا عن تلك المؤسسة التي رأسها الرجل.. لكنها في النهاية مؤسسة للجميع ومن مصلحة كافة الأطراف صونها و ترسيخ الثقة بمن يقف على إدارتها كي يشعر القاصي والداني أنه بأيدٍ أمينة جادة رزينة كفوءة لا تخضع لا في القول ولا العمل .
تجنبت التفكير في الحالة التي قد تكون ولّدت الغضب عند من يقرأ المشهد جيدا بعيدا عن الشماتة والفكاهة، حيث لا تؤخذ كحالة سقوط أو نزوات غير مسؤولة غلفها جهل العواقب والتصيد ونصب الشباك وما إلى هنالك من توقعات شوشت الأسماع وخلخلت التركيز في سؤال يسأله العاقل، لماذا هكذا أديرت الأمور؟ مالهدف من السكوت طيلة تلك الفترة على ما رشح للناس من قصص؟ أتراه ضربة موجهة لشخص أم زعزعة لثقة عامة؟ لماذا لم تعالج في حينها وقتها؟ كيف سينظر المواطن لمن سيأتي لاحقا ولاحقا ولاحقا، سواء في ذلك الموقع الهام أو غيره من المواقع التي نحرص ونتمنى ونرغب بإشغالها وإدارتها من الأكفاء وليس من الطامعين والطامحين بالمناصب والإثراء… كيف سيثق ويحترم أصلا الأفراد بمرؤوسيهم بعد ذلك ؟ هل تسلينا بما يكفي بطالتنا نهاية الإسبوع إذن؟!
هل تلك التسريبات سينتهي أمرها وتختزل في شخص المسؤول فقط أم أن غيره قد يفعل في محل ما وتاريخ ما هو أسوأ من ذلك؟ وما يضمن للناس سوية وطوية من يسوسون أمورهم؟!.. ماحدث ليس سهلا إطلاقا.. وليس نكتة وشماتة بقدر ماهي ضربة قد يكون الهدف الآني منها شخص من شُهّرت حكايته ولكن أبعادها ستنغرس في لاوعي العامة وتعمق عدم ثقتهم بمن يرون ويسمعون مهما حاولنا تجاوز الحالة.. لقد كان من الممكن جدا إدارة الإنتقام الذي لايشكل الناس طرفا من أطرافه بطريقة أخرى.. ولأننا استهلينا مفتاح الحديث بفرنسا لا يسعني في هذه الحالة إلا ترديد ماقاله المناضل الفرنسي ماكس بول فوشيه هاتفا بالجماهير عام ١٩٦٨ "لأنك تُمثل جيلا قد سقط فأني أطالبك بألا تسقط"…


تابعوا نبأ الأردن على