"عبيدات": عمليّات زرع الأعضاء خطوة حاسمة إلى الأمام في خدمة العلمِ للإنسان
نبأ الأردن - مندوبًا عن صاحب السمو الملكي الأمير رعد بن زيد، رعى رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات انطلاق فعاليات اليوم الوطني العلمي الثاني للتبرع بالأعضاء وزراعتها، الذي تنظمه الجمعية الأردنية لتشجيع التبرع بالأعضاء بالتعاون مع كلية الطب في الجامعة الأردنية وبدعم من جمعية الأطباء الأردنية الأمريكية.
وقال عبيدات في كلمة له "إن استضافة الجامعة الأردنيّة لهذا اليوم يرمي إلى التشجيع على التبرع بالأعضاء، فهو يومٌ مرهون لواحد من أنبل عناصر العلم والمعرفة إذ ينظران بعين المساواة لكلّ فئات المجتمع".
وأضاف أن عمليّات زرع الأعضاء تُعدّ خطوةً حاسمةً إلى الأمام في خدمة العلم للإنسان؛ إذ يَدين عددٌ من البشر اليوم بحياتهم لهذه التّقنيات المتقدمة، ولنوعٍ من أجمل أنواع الكرم الإنسانيّ؛ فهذا الشّكل من العلاج يُمثّل أرقى الأنواع المقدّمة لحالاتٍ مرضيّةٍ لم يعد مجديًا معها أيّ نوعٍ آخر من العلاجات، أو إنّ علاجها سيبقي حياتها مهددةً أو صعبةً، أو كلتا الحالتين معًا.
وأكد عبيدات على إنّ زراعة الأعضاء تُعدّ تحدّيًا جميلًا للطّبّ والمجتمع معًا، إذ ينفرد هذا النوع من العلاج بضرورة توفّر القدرات الطبيّة المتخصّصة وتوفّر العلاجات التي من شأنها المحافظة على العضو المزروع من تهديدات الرّفض والالتهابات وغيرها، وهذا غير كافٍ إن لم تتوفر رغبة إنسانٍ آخر بمنح جزءٍ من جسمه لغيره بكلّ حريّةٍ ومحبّةٍ وشغفٍ، وهو غالبًا ما ينتج عن شعورٍ عارمٍ بالمحبّة والرّأفة من المتبرّع تجاه المريض.
وأشار إلى أنه حتّى لا تصبح زراعة الأعضاء فعلًا يرقى إلى نزع ملكيّة الجسم أو نهبه من صاحبه، أو أن يصبح التّعامل مع الجسم كأنّه مجرّد كيان ماديٍّ أو بيولوجيٍّ؛ فإنّ أصحاب الشّأن مطالبون بمراجعة التّشريعات الخاصّة بهذا الموضوع على الدّوام، حتّى يبقى هذا النّوع من العلاج متّسمًا بالإنسانيّة التي تتجلّى فيها قيم المحبّة والعطاء والخير، وكامل الحريّة والرّغبة الصّافية.
وشدد عبيدات على أنه يجب أن يكون الطّبيب مدركًا دومًا لهذا النّوع الفريد من النّبل والتّضامن، وأن يعتبر نفسه وسيطًا عادلًا، وألّا ينسى أنّه يؤدّي عملًا فريدًا يضع عليه مسؤوليّةً جسيمةً تمنعه من التّقصير أو عدم التّركيز أو الاستهانة في أيّ خطوةٍ من الخطوات الطبيّة اللازمة، وألاّ يغفل الطّاقم الطبيّ عن أسرار عملهم؛ فالحبّ والعطاء يبدآن من أجل هدفٍ إنسانيٍّ، ويجب أن ينتهيا أيضًا بإنجازٍ مخلوطٍ بالمحبّة والعطاء.
بدورها بيّنت أمينة سر الجمعية الأردنية لتشجيع التبرع بالأعضاء الدكتورة رانيا جبر بأن انعقاد اليوم الوطني العلمي الثاني لتشجيع التبرع بالأعضاء وزراعتها يأتي ضمن الجهود التي تبذلها الجمعية، بالتعاون مع المؤسسات والقطاعات الطبية المعنية كوزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية والقطاع الخاص والجامعات، بهدف نشر ثقافة وهب الأعضاء والتبرع بها وزراعتها، وتبادل الخبرات الوطنية المتاحة وتطوير الجهود المبذولة، والوقوف على الإنجازات المُحقّقة والتحديات المتاحة في مجال نقل الأعضاء وزراعتها على المستوى الوطني لتعظيم فرصة الإفادة من حالات الوفاة الدماغية الناتجة عن الحوادث لأغراض زراعتها لمرضى فشل الأعضاء وزراعة القرنية.
وقالت إن الجمعية التي يرأسها سمو الأمير رعد بن زيد منذ تأسيسها سعت إلى تشجيع التبرع بالأعضاء، والعمل مع مختلف القطاعات الطبية لتوحيد الجهود في مجال نقل الأعضاء وزراعتها من خلال إنشاء مركز وطني مستقل ومختص للتبرع بالأعضاء وزراعتها على غرار المراكز الموجودة في عدد من الدول العربية والدول المتقدمة التي استطاعت تحسين نمط حياة المرضى والتخفيف من معاناة شعوبها من مرضى فشل الأعضاء وخفض العبء المالي الحكومي للإنفاق العلاجي لهذه الحالات.
ونوهت إلى أنّ الأردن أحرز تقدُّمًا علميًّا وعمليًّا مشهودًا في هذا الشأن، وكانت سباقة في إجراء عمليات نقل الأعضاء وزراعتها، فقد زُرع أوّل كلية عام 1972 على أيدي نخبة من الأطباء الأردنيين، وفي العام 1979 أُجريت أول عملية زراعة لقرنية، وعام 1985 أول زراعة لقلب، وعام 1998 شهد زراعة لقب ورئة معًا، بينما شهد عام 2004 زراعة للكبد، وقد تكلّلت العمليّات بالنّجاح في جميع هذه الأعوام.
وأكد عميد كلية الطب في الجامعة الدكتور ياسر ريان في كلمة القاها أنه، وحسب توصيات منظمة الصحة العالمية، فإن عمليات زراعة الأعضاء تؤدي إلى الارتقاء بالمستوى الصحي بوجه عام، إلّا أنّ هناك مبدأ واضح يقول "لا أعضاءلا زراعة"، بالتالي فإن من أكبر التحديات التي تعتمد عليها مسيرة زراعة الأعضاء هو توفر المتبرعين، لذا فإن عدد مرضى الكِلى المرشحين للزراعة على سبيل المثال يتجاوز 2800 مريض ممّن لا يتوفر لهم متبرع، والوضع كذلك بالنسبة لزراعة القلب والكبد.
وأشار ريان أنه إضافة إلى هذا التحدي، هناك تحدٍ آخر في مجال زراعة الأعضاء وهو إيمان العاملين في القطاع الصحي وثقتهم بأهمية زراعة الأعضاء حتى يستطيعوا نقل ثقافة التبرع بها إلى الآخرين، داعيا أن يُدرج التبرع بالأعضاء وأسبابه وفوائده على المجتمع والوطن في المناهج الدراسية في جميع الكليات الصحية والطبية.
وبين ريان أن العاملين في العناية الحثيثة هم الأكثر تعاطيا وقربا من زراعة الأعضاء، والتعامل مع أهل المريض، وهم المسؤولون عن المحافظة على سلامة الأعضاء المُتبرّع بها، وتشخيص الموت الدماغي بالتعاون مع أطباء الأعصاب، بالتالي فلا بد من التوصية بإيجاد سياسة وآلية واضحة للتبرع بالأعضاء لتكون من شروط حصول المستشفيات على الاعتمادية.
وختم كلمته قائلًا إن بناء برنامج للحصول على الأعضاء مهمة شاقة، لذا يجب علينا التسليم ببعض المبادئ الرئيسية منها: الثقة بأن زراعة الأعضاء هي علاج ناجح، ومشاركة هذا الاعتقاد مع جمهور واسع من أصحاب القرار والسياسيين ورجال الأعمال ورجال الدين من أجل تأمين مصداقية لفريق التبرع بالأعضاء، وتطوير وتحديث التبرع بالأعضاء من حالات الوفاة الدماغية؛ حيث يُعتبر هذا عنصرًا أساسيًّا لسد النقص الحالي.
يُشار إلى أن اليوم العلمي يتناول في جلسته الأولى مناقشة للأبعاد الدينية والقانونية والطبية للتبرع بالأعضاء، ومفهوم الموت الدماغي وعلاقته وتشخيصه، أما الجلسة الثانية فسنتناول الموضوع محليًّا وعالميًّا تحديدًا دليل الإجراءات العامة للتبرع بالأعضاء، ثم الأوضاع المحلية والعالمية وتوجهاتها، وفي الجلسة الثالثة سيُناقش تخصص زراعة نخاع العظم والقرنيات والقوقعة وموضوع الخلايا الجذعية ودورها في زراعة الأعضاء، أما الجلسة الرابعة فستناقش موضوع التبرع بالكلى، وستتناول الجلسة الأخيرة موضوع زراعة القلب والكبد.
وحضر فعاليات اليوم العلمي مدير عام الخدمات الطبية الملكية الدكتور يوسف زريقات، ونواب رئيس الجامعة الأردنية، وبعض من عمداء الكليات ونخبة من الأطباء المتخصصين.