ميسر السردية تكتب : حوار الزيطة والزمبليطة

"الزيطة والزمبليطة" هي الضجة والضوضاء وهي نفس معنى" هياط ومياط" الذي استخدمه المعري في رسالةالغفران، وهي نفس طريقة حواراتنا حول أية قضية وأي قانون، وأخرها قانون حقوق الطفل الذي يجري عليه التراشق بالكلام حاليا مابين التأييد والرفض.
في كتابه مسؤولية المثقف يُفرّق المفكر على شريعتي رحمه الله حول نوعين من المثقفين، الحقيقي والمقلد، ويرى أن المثقف الحقيقي هو الذي يعرف نمط ثقافة مجتمعه، حيث لكل مجتمع ثقافته التاريخية، ومن خلال معرفته تلك وتواضعه وطريقة لغته في طرح ارائه بعيدا عن التعالي يستطيع كسب مجتمعه والتأثير بقوالبه، وذلك ما نجح به رجال الدين وفشل أهل الفكر ومن يتبنون مبدأ التحديث غالبا.
عندما تطرح الدولة قانون يمس حياة الناس كقانون حقوق الطفل الحساس على من يتبنى الدفاع عنه تقدير النمط التاريخي الثقافي للمجتمع وخاصة أن المجتمع يدري أن هذا القانون ناتج عن المصادقة على اتفاقية دولية، وللناس الحق في التخويف والتوجس خاصة وهم بأمس الحاجة لتعديل او فرض قوانين أخرى يرونها الزم وأكثر أهمية في مرحلتهم الحالية.
عندما يوزع استبيان بحثي على شريحة دراسة يكتب في خانتها الباحث كلمات، أوافق، لا أوافق، لا أوافق بشدة مثلا، ذلك يندرج على كل نقاش طبعا َلكن ليس من المنطقي أن يكيل كل الطرف الشتائم والاتهامات للطرف الاخر والتحدث بصورة عليائية مثل، أنتو شو عرفكم، غيركم طبق القانون من زمان، أنتم تشيطنون، أنتم رجعيون مابتفهموا، ليرد الطرف المعارض وأنتم عملاء َتهدمون المجتمع وقس على ذلك.. علما أن لكل طرف الحق في ابداء الرأي والمناقشة وعلى كل طرف تقديم حججه بطريقة مقبولة حضارية للوصول إلى تسوية مرضية للطرفين وتقدير المخاوف وأسباب القبول والرفض والتلاقي عند نقطة تصب في صالح المجتمع بعيدا عن الصياح والتنافر و الاستحواذ على رأي دون غيره، وإلا ماهي الديمقراطية وما هو الديالكتيك الاجتماعي النافع وماهي المصالح المرسلة من التشريعات، وما هو التخشب والتطرف والتعصب. على هذا المنوال إن كان ذاك متخلفا في رأيه وتفكيره فأنت أكثر تخلفا في طريقة نقاشك إذن
في إحدى تهكمات المفكر غازي القصيبي رحمه الله على طريقة نقاش العرب يقول "من قال أن الأختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية وكل قضايا الود أفسدها الأختلاف في الرأي تاريخيا….اهدأوا واشرحوا للناس برفق… فالقوانين ليست منزلة بنص سماوي… مازالت الناس تقتل وتسرق وتحتال وتخالف قواعد المرور رغم كل القوانين المغلظة…. !!!!