حمادة فراعنة يكتب... لأنه لبنان

{title}
نبأ الأردن -

لن أنسى ما حييت: كفر شوبا وكفر حمام والمجيدية والفريديس والهبارية والخيام، ومناطق العرقوب في أقصى الجنوب اللبناني، المحاذية لشمال فلسطين، غرب الجولان، وجبل الشيخ، حيث الخضرة والخروب والعنب، والزيتون وأشجار الفاكهة، وكل ما هو جميل ونقي، بالهواء والماء والإنسان.





بعد رحلتي الجامعية الأولى من القاهرة، رحلت إلى لبنان لأكون متطوعاً بصفوف المقاومة، أجمل مغامرة لشاب وطموح رجل، وانتماء الرغبة في مواصلة رحلة الحياة، بهدف الحرية وخدمة الإنسان، مستلهماً قراءات غيفارا، وهوشي منه، وهواري بومدين، وفرانز فانون، وجنوب اليمن، وكل الذين ساروا على درب التقدم والسلام والكرامة لشعوبهم.





لن أنسى، كفر شوبا وباقي قرى الجنوب، التي تفوق علي المناضل القومي الجاد معن بشور، صاحب الذاكرة، التي لا تتوقف عن الإنحياز لكل ما هو وطني قومي نبيل لأمتنا وشعبنا، فكتب عنها، على خلفية نجاح الشابة المتألقة ياسمينة زيتون بلقب جمال لبنان، هذا العام.





صبية مطلة على فلسطين، تحمل جمال الجنوب لكل ما له من فرح وتحدي مرفوعة الرأس، دالة على كنوز الجمال مما لها وحولها من تراث وقيم، وسكون الوعي بالمظهر والمضمون كي تكون ملكة جمال لبنان.





هذا الجنوب، قضيت وسط أهله أجمل الأيام، راعي غنم، كغطاء يومي، رغم القتال المتقطع واجتياحات قوات المستعمرة، وسقوط الشهداء من الرفاق ومن الأهالي الذين شكلوا لنا حواضن الدفء، لما كنا نقوم به ونفعل، رغم الوجع الذي سببناه لهم من أذى المستعمرة، بقصف الدبابات والمدافع، وحرق مزروعاتهم وفي بعض الأحيان حينما تشتد المواجهة تدمير بيوتهم، وارتقاء شهداء من عائلاتهم، أزواج ونساء وأولاد وبنات، وكم، كم عانينا من عذاب أوجاعهم، بدون أن يحتجوا على وجودنا وسط مساماتهم، أو طالبوا برحيلنا عن قراهم وريفهم.





إنهم جزء من شعب لبنان الأبي، التعددي، المتفوق، دافع الثمن، وها نحن نشهد طوابير التطبيع لدى هذا الطرف أو ذاك، ولكن على أرض لبنان وفي حاضنته المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، وإنعقاد اجتماع الأحزاب الشيوعية، وقادة الرفض والمقاومة، ويتميز باستيعاب الرافضين والمنتقدين وحاملي الاتهامات الذين يرون بالمؤتمرات القومية والإسلامية واليسارية والليبرالية مجرد طق حكي، ولكن الجهلة وحدهم الذين لا يرون أن الحكي هو بداية الفعل، وأداة الوعي، وتشكيل المواقف.





لبنان مهما نزف وتراجع وتوجع وواجه القسوة والضغط والحصار، سيبقى شعبه متقدماً، معطاء، محباً للحياة، منحازاً لوطنه وقوميته وتعدديته الإسلامية والمسيحية والدرزية، ولفلسطين، ولأنه كذلك يستحق الحياة، سينتزعها وينتصر.


تابعوا نبأ الأردن على