متحف وادي رم .. "إدوارد" أراده "تحفة فنية" فحولناه الى "مكرهة صحية"! (فيديو وصور)
وادي رم - نبأ الأردن - كتب نشأت الحلبي - أثناء تجوالنا في وادي رم، وقعنا على قصة تكاد تكون أقرب الى الخيال، فمن يسمع عن رم، ومن يزرها ويتجول بين جبالها وخيامها، وعلى ترابها، لا يتوقع أبداً أن عينه ستقع على "مكرهة صحية"، بكل ما تعني الكلمة، بل أن حجم الدعاية، والصور، التي يتم تناقلها لوادي رم، وجباله وجِماله، لا يتخيل أبداً أن يشاهد ذلك المشهد.
بالصدفة، وجدنا مبنىً إسمنتياً لافتاً يقع بين الجبال، بل ويشوه المنظر الخلاب لهذه المنطقة التي يؤمها السواح من كل حدب وصوب.
سألنا مرافقنا عن هذا المبنى، فتنهد الرجل وكأن على صدره "صخرة"، وأخذنا يحدثنا.
حسن الزوايدة، عضو مجلس بلدية حوض الديسة، قال إن هذا المبنى هو في الأساس متحف، وأن صاحب الفكرة هو عالم آثار إيطالي يدعى "إدوارد"، وأن الدراسات التي أجريت لإقامة هذا المتحف كانت ممولة من جامعة فلورنسا الإيطالية.
وتابع، وسط دهشتنا، أنه بدأ العمل بالمتحف تعثر منذ سنه 2004 بعد أن تم إنفاق أكثر من نصف مليون دينار عليه، وبعد أن كان يعول عليه أن يدعم قيم وادي رم التراثية والطبيعيه ويؤرشف تراثها الشفوي وغير الشفوي في صورة منتج سياحي تاريخي، ويعزز قيم وادي رم الطبيعيه.
وأضاف الزوايدة بأن العالم إدوارد كان يخطط بأن يجمع آثار من وادي رم ومن منطقة الديسة بشكل عام، ويعرضها في المتحف حتى يصبح قِبلةً للسواح، وهو أمر شبيه للحال في المناطق السياحية الأثرية في كل العالم، حيث يتجمع السواح في متحف يضم عينات أثرية عن المنطقة ليتعرفوا عليها عن قرب، وبشكل أكبر، حتى أن المتاحف تروي حكاية ومعيشة الناس في المناطق الأثرية، وهو الأمر الذي كان يجب أن يحتويه المتحف، إضافة الى حفظ كافة الوثائق و الآثار الخاصة بمنطقة رم الطبيعية لتكون مرجعاً اساسياً للمهتمين بالشأن السياحي و الثقافي والباحثين عن كنوز المنطقة الاثرية و تاريخها.
ويقول الزوايدة إن المتحف، ومع كل أسف، تحول الآن في مكرهة صحية وتجمع للقمامة ليس أكثر، بل أنه أصبح يشكل عبئاً بيئيا وصحياً على المنطقة التي من المفترض أن تكون على أعلى درجات النظافة، وكأن الحكومة ومفوضية العقبة، عملت بهذا الإهمال للمتحف، وبدون معرفة الأسباب الحقيقية حتى الآن، على وضع معلم غير صحي وسط وادي رم.
حال الزوايدة في التساؤل عن سبب عدم إكمال مشروع متحف الديسة، أو وادي رم، هو ذات التساؤل على ألسنة كل أهل المنطقة الذين يعتاشون أساساً على العمل السياحي هناك كدخل أساسي لهم، فما السبب وراء توقف المشروع، ولماذا هذا الإهمال بعد كل هذه الأموال التي صُرفت عليه، ومن المسؤول عن ذلك؟!
ويؤكد الزوايدة أن الباحث الايطالي البروفيسور ادوارد، وبعد محاولات مضنية ووصوله الى طريق مسدود لانجاز مشروع المتحف "المهمل"، وبعد أن قام على مدار سنوات بجمع عشرات الوثائق و المعلومات، غادر المنطقة نهائياً، ولا أحد يعلم مصير ما كان يحمله من معلومات ووثائق تاريخية مهمة.
اللافت في البناء الذي دخلنا إليه، بأن ما كان يخطط له أنه مشابه للمتاحف العالمية من حيث التصميم "الحلزوني"، ومن حيث التقسيم الداخلي حيث كان يفترض أن يتم عرض الآثار وطبيعة المنطقة، فالتصميم يؤكد بأن من خطط له عالم بكل ما تعني الكلمة بعرض الآثار وببناء المتاحف، وبأن المشروع لو تم إنجازه، لكان تحفة حقيقية وسط رم، لكنه ومع كل أسف، أصبح الآن مكرهة صحية.
ويبقى هذا الموضوع الهام والخطير أمام المعنيين في الحكومة وفي مفوضية العقبة، وأمام كل معني ومهتم بالشأن السياحي في الأردن، وبمنطقة وادي رم الفريدة من نوعها في العالم.