جمعية الأدلاء السياحيين في شمال الأردن...في انفاق ومسارات عالمية
نبأ الأردن- بهدف إستكشاف مسارات سياحية جديدة في الأردن، ورغبة بنهوض السياحة الأردنية،نظمت جمعية الأدلاء السياحيين الأردنيين يوم ألجمعة الماضييوما سياحيا، برفقة خبير السياحة البيئية البروفيسور أحمد ملاعبة، الذي لقّبه الألمان ب"قيصر الصحراء"، وشملت الرحلة جولة إمتدت من مدخل نفق اليرموك –ديكابولوس ،(الذي اكتشفه ودرسه ووثقه البروفيسور ملاعبة على مدار ٢٥ عاما) ،في منطقة أم جرين في الرمثا إلى الشعلة التي شهدت معركة اليرموك الخالدة مرورا بمقبرة شهداء اليرموك المهملة التي يغطيها الشوك في بلدة سمر الكفارات.
** نفق اليرموك –ديكابولوس
طالب البروفيسور ملاعبة بتأهيل نفق اليرموك –ديكابولوس وترويجه مسارا سياحيا عالميا ،موضحا أن له 3300 مدخلا ،وهو إحدى عجائب الدنيا التي لم يتم التصويت عليها، كما إنه نفق جدلي من حيث التساؤلات إن كان يربط بين الطرّة وأم قيس أم لا؟ كما هو متداول شعبيا، وهو ما نفاه البروفيسور ملاعبة كونه عايش النفق منذ مرحلة حياته المبكرة وخصوصا الجزء من عين التراب إلى أم قيس ،حيث كان يتجول في داخل النفق السفلي والعلوي في وادي سمر.
وقال في معرض شرحه عن النفق ولايزال يحتفظ بالكثير من أسراره، كون جده الشيخ المرحوم أحمد ملاعبة كبير وجهاء وتجار الاردن وفلسطين في وقته،كان يمتلك 3 طواحين لطحن الحبوب لا تزال موجودة منذ قرن، وبحالة ممتازة وتقع على جزء النفق القريب من بلدة سمر الكفارات، كاشفا سرا باح به للأدلاء أن النفق هو سلسلة أنفاق ،ولكل سلسلة أنفاق نظام خاص بها وأكد على أن النفق ليس نفقا واحدا من الطرة إلى أم قيس، وأنه كان يوجد أكثر من 2000 ينبوع ماء على إمتداد النفق، كانت تضخ مياها بقوة تتراوح من 20-200 ليترا في الثانية، أبرزها عين أم جرين وقويلبة والهيدبان وعيون التراب التي تعد من أقوى العيون في العالم لكثافة مائها وغزارته.
وصف خبير البيئة والجيولوجيا السياحية شمال اللاردن بأنه يمتلك المثلث الماسي السياحي في الاردن ويضم المدن الاثرية في أم قيس (جدارا) ، وقويلبة (أبيلّا) وبيت رأس (كابتولياس)، معربا عن أمله بإعادة تأهيل هذه القرى وتصدير النفق المغذي لها وجعله مسارا سياحيا عالميا،موضحا أن نفق "كو تشي الفيتنامي" الذي تم حفره إبان الثورة الفيتنامية ضد الغزو الأمريكي، وتم تحويله بعد النصر الفيتنامي إلى متحف عسكري ومسار سياحي عالمي يدر 19 مليار دولار سنويا.
وفي سياق متصل أكد البروفيسور ملاعبة أن تأهيل نفق اليرموك-ديكابولوس، يعد تكريما لمعركة اليرموك الخالدة، وستدر العملية مليارات الدولارات سنويا على الأردن كسياحة بيئية ودينية في حال تم إنجاز بانوراما معركة اليرموك، ورفدها بمسار آخر من عمّان إلى إربد.
** لواء بني كنانة ..آبل الزيت
كما وصف لواء بني كنانة بأرض آبل الزيت لكثرة الزيت فيه، مشيرا إلى وجود نفق غير مدروس في جرش وآخر في منطقة طارق/طبربور بطول 15 كم ،إذ كانت طبربور جزءا من مدينة فيلادليفيا /عمّان.
** الفرس أوّل من أسس الأنفاق
ومن جهة أخرى كشف البروفيسور ملاعبة إن الفرس هم أول من أسسوا الأنفاق عام 600 ق.م. ، وكانوا يسمونها الأفلاج، ومن ثم جاء بعدهم الإغريق فالرومان، معبرا عن أسفه لعدم إهتمامنا بنفق اليرموك –ديكابولوس،الذي حوله البعض إلى مجرى للصرف الصحي في مناطق محصورة، رغم إن النفق كان يغذي 3 مدن ديكابولسية ،وبعض المدن الأخرى مثل راحوب، وتم إنشاؤه في المئوية الميلادية الأولى عام 25م،وإستمر العمل فيه 80 عاما ،وهو أطول نفق أثري في العالم عبر العصور ،ويليه نفق بولونيا في إيطاليا بطول 19 كم ، مطالبا بالعمل على تنظيفه، لافتا أن عملية التنظيف لن تستغرق أكثر من شهرين.
ووصف النفق بأنه ظاهرة عملاقة وتم حفره بالمطارق والأزاميل، وبهندسة دقيقة تراعي طبيعة الأرض، ويبدأ من نهاية بلدة تل شهاب على الحد السوري ، وإن الهدف من وراء إنشائه كان الحصول وتجميع المياه التي كانت تأتي من نبع السريا بالقرب من بلدة دلي وبلدة الشيخ مسكين، ويمر حتي درعا من بلدات خربة غزالة وعتمان جنوب سوريا.
** سهول الرمثا …آبل القمح
إبان مرورنا بسهول الرمثا، قال البروفيسور ملاعبة إن سهل حوران يسمى آبل القمح لكثرة القمح فيه وجودته، مضيفا إن قمح سهل حوران"الأردن وسوريا"،كان ينقل إلى روما، وإن سهل حوران كان يسمى أيضا "أهراء روما"،ويطلق عليه كذلك آبل الزيت وآبل القمح لوفرة الزيت والقمح فيه، لكنه تحول اليوم إلى تجمع سكني ضخم.
** نفق اليرموك-وادي الشلالة
ولدى مرونا في منطقة وادي الشلالة قال البروفيسور ملاعبة إن نفق اليرموك-ديكابولوس يبدأ بالظهور في بعض أجزائه عند بوابة نبع "أم جرين"، واصفا وادي الشلالة الذي يعد من أعمق الأودية في الاردن ويصل عمقه إلى 250 مترا تحت مستوى سطح الأرض، وفيه ينابيع كثيرة مثل نبع "أم جرين".
** الدخول إلى النفق من بوابة أم جرين
كانت أولى فعالياتنا الميدانية هي الدخول إلى نفق اليرموك –ديكابولوس من خلال بوابة أم جرين، ووفرت الجمعية الأدوات اللازمة للحماية فيما وفر البروفيسور ملاعبة حبلا يستخدم للمساعدة على الدخول والخروج أحضره معه من المانيا، وكنت من ضمن الداخلين إلى النفق، لكنني آثرت العودة بسبب عدم الإستعداد المسبق لهكذا مغامرة،وكانت أرضية النفق الموحلة في مدخله تغطي أحيانا أكثر من نصف الجسم السفلي بالمياه ،وتعج بالضفادع، وهي بحق مغامرة مذهلة.
بعد خروجي من النفق أصر شباب رمثاويون يعملون في مشروع التنقيب على الآثار في المنطقة على دعوتي لتناول طعام الإفطار معهم، وكان يتكون من الصاجيات والأجبان واللبن الخاثر والمقدوس والزيتون والسلطة.
** الطريق إلى قويلبة
بعد الخروج من نفق أم جرين ومشاهدة هذا الجزء من النفق الأعجوبة ،وقيام الأدلاء بعمليات التنظيف في العين المجاورة للبوابة، توجهنا إلى منطقة قويلبة وشاهدنا العديد من مداخل النفق مثل مدخل سال، مستمعين بطبيعة الحال إلى شرح مفصل من قبل البروفيسور ملاعبة، وكانت على يميننا خربة الزيرقون (من العصر البرونزي المتوسط) وقال ملاعبة أن النفق يمر عبر راحوب ويأخذ ماءها.
** أبيلّا .. قويلبة
بعد خروجنا من نفق أم جرين غادرنا بإتجاه أبيلّا ،وقال البروفيسور ملاعبة إنها المدينة التاريخية في منطقة قويلبة،موضحا إن التحولات اللونية في تربتها يعود لوجود المغنيسيوم والبازلت فيها،موضحا أن عدد مدن الديكابولوس إرتفع مؤخرا إلى 21 مدينة،بعد أن كانت سابقا عشرا فقط.
**بيت رأس
تحدث البروفيسور ملاعبة عن الكثافة السكانية لبعض المدن الأردنية إبان الحقبة الرومانية ،منوها إلى أن بيت راس كانت مشهورة بأشجار العنب،وقال الخبير ملاعبة أن بيت رأس مدينة آثار أثرية وكانت مكتظة بسبب موقعها المرتفع ووجود البرك المائية الكبيرة فيها،كاشفا أن بيت رأس الحالية مبنية فوق إمبراطورية بيت رأس القديمة، مضيفا إن نفق عين التراب يبدأ من سما وسط البلد وبطول 5 كم حتى عين التراب ،بهدف تقويتها.
** نفق حبراص
مررنا بحبراص بإتجاه وادي عقربا ،بمواجهة جبل الشيخ ،وقال الخبير ملاعبة أن الإهتمام بالترميم معدوم في هذه المنطقة،مضيفا إن منطقة قويلبة مشهورة بالحجارة كونها تجمعا عالميا للصخور ،لأنها محطة عالمية للنحت في المنطقة،موضحا أنها تشتهر رخام من عدة دول مثل إيطاليا واليونان ومصر وسوريا والاردن ،لافتا أن نفق حبراص يبلغ طوله 10 كم،وهو من أجمل المقاطع.
**بلدة اليرموك
وفي طريقنا إلى بلدة اليرموك ،مررنا بعين قويلبة التي تعد بأنها من أقوى العيون، لافتا ان التجريف في المنطقة عشوائي ،وقد ألحق الضرر بآثار وقبور المنطقة،وناشد الحكومة والبرلمان بالعمل على تأهيل النفق،وحذر من الإعتداء على الآثار من قبل الطارئين على المنطقة.
ظهرت أمامنا قبور بواباتها من حديد ،ووصلنا إلى كنيسة أم العمد ذات الأعمدة المميزة،وبرزت أمامنا تل أبيل ومعصرة الزيتون الأكبر في العالم، وكذلك القبور والكهوف ووادي أبيلا ومدرجات أبيلا الثلاثة ومدخل نفق أبيلا وتجمع النقش العالمي، مشيرا إلى إن شمال الأردن برمته كله فسيفساء.
** بلدة سمر الكفارات ومقبرة شهداء معركة اليرموك المهملة
مررنا بحبراص فوق أنفاق قويلبة ،وبعين حبراص الجافة ومدخل الشلال المطمور، ورأينا مسجد حبراص القديم ذو المحرابين غير المرمم،وقال البروفيسور ملاعبة أن قصة معركة اليرموك الخالدة غير متخيله، إذ تمكن 40 ألف محارب مسلم من الحاق الهزيمة بالرومان، مضيفا انه لا توجد قرية في المنطقة إلا وفيها كنيسة ومسجدا دلالة على التسامح الديني.
وصلنا بلدة سمر الكفارات بعد مرورنا بالرفيد ورأينا كنيستها ،وقال الخبير ملاعبة إن مسقط رأسه بلدة سمر الكفارات تضم 18 عائلة أبرزها الكناني والملاعبة والعمري والكنعان والبطران والجلايلة وملاعبة والمشاعرة والعمور والرفاعي وسعيفان وغيرهم الكثير وهي مشهورة بالتمازج العشائري المضمخ بالمحبة والود.
وقال البروفيسور ملاعبة أن الثورة الأولى ضد اليهود والاستعمار الإنجليزي إنطلقت من الشمال الأردني، عندما إنطلق الشهيد مفلح كايد العبيدات ومعه 140 فارسا أردنيا (منهم 6 من عشيرة الملاعبة تذكر منهم نهار عبد المحسن الملاعبة ومحسن عبدالغني الملاعبة) بإتجاه فلسطين لمقاتلة اليهود والإنجليز وكان أول شهيد أردني في فلسطين، وقضى معه كافة الفرسان شهداء بإذن الله عام 1920م في معركة تلال الثعالب المشهورة،
** مقبرة سمر .. شهداء معركة اليرموك
وكان أكثر ما أزعجنا وأثار إستياءنا هو واقع مقبرة شهداء اليرموك المهملة التي كان عبارة عن أرض يغطيها الشوك،وأوضح البروفيسور ملاعبة انه تم التحقق من حقيقة القبور وعثر على سيف في قبر أحدهم خلال تسوير المقبرة.
قدم البروفيسور ملاعبة شرحا وافيا لمعركة اليرموك الخالدة ،وبيّن أثرها وكيف دخلت الحيرة والعراق ومصر وشمال إفريقيا الإسلام بعدها ،مستشهدا بمقولة للألمان الذين يقولون :" نشكر المسلمين الذين هزموا الرومان، وتجرأنا نحن والأوروبيون بعدهم على التحرك ضد روما وإنهاء وجودها في عموم أوروبا".
** سحم الكفارات والشعلة
غادرنا سمر الكفارات إلى سحم الكفارات حيث موقع تجمع جيوش معركة اليرموك الرئيس ودارت المعركة على ثراها،وكانت الجولان قبالتنا ،وإتجهنا إلى الشعلة وهي موقع معركة اليرموك حيث انتهت الرحلة.ِ