عريب الرنتاوي يكتب:في الحاجة لـ “نظرية جديدة" للمجتمع

{title}
نبأ الأردن -
لا تدّعي هذه المقالة، إسهاماً تأسيسياً لنظرية جديدة للمجتمع المدني العربي (الفلسطيني بخاصة)، ولا تحتمل دوراً كهذا، بيد أنها إسهام في مراجعة جذرية يتعين على نشطاء هذا المجتمع ومنظريه، القيام بها، في ضوء حصاد تجربة الثلاثين عاماً الفائتة، وبالأخص، ما شهده العامان الأخيران، من تطورات وانقلابات في المشهدين الإقليمي والدولي، إثر طوفان الأقصى وحرب التطهير والإبادة.
بعضٌ من دروس
شهد المجتمع المدني العربي طفرة واسعة في العقود الثلاثة الأخيرة، استحدثت انقلاباً في مكوناته وطبيعة القادمين الجدد إلى ملعبه، وتبدلاً في توازنات القوى بين أركانه، تزامناً مع انطلاق مسار برشلونة للشراكة المتوسطية، الذي تزامن وتوازى، مع الاختراق الحاصل في مسار مدريد، وصولاً لأوسلو ووادي عربة...غابت المنظمات ذات العضوية الجماهيرية الواسعة من نقابات واتحادات على اختلاف تصنيفاتها عن الواجهة، لتحل محلها، مؤسسات ناشئة، غالبيتها العظمى، تدور حول شخص واحد، أو حفنة قليلة من الأشخاص، الذين لا صفة تمثيلية لهم، بخلاف النقابات والاتحادات، مؤسسات طغى على الكثير منها سمة "المؤسسة العائلية – Family Businesses”، أغدق عليها المانحون من أموالهم، وحجبوه عن منظمات وازنة، إن لعوائق قانونية وإدارية، أو لمواقف مسبقة لهذا المنظمات من "التمويل الأجنبي" وغالباً لمخاوف لدى مجتمعات المانحين، من ذهاب أموال دافعي الضرائب في بلدانهم، إلى غير الأهداف والبرامج التي يتطلعون لتنفيذها...تكفي الإشارة إلى حالة تسيّدت فيها جمعيات لا تضم أكثر من حفنة من الأفراد على المشهد المحلي، وبما يفوق إدوار منظمات جماهيرية راسخة، عمر بعضها من عمر استقلالات بعض البلدان العربية.
ستتراجع فكرة "العمل التطوعي" في أوساط الشباب والأجيال الناشئة، تحت وابل كثيف من الأموال، وقدر نادر من المحاسبة والشفافية والمساءلة، وستصبح هذه المؤسسات هدفاً لموجات من "الهجرة" من الأحزاب السياسية الجدّية، المكلفة في الغالب، سيما في دول الفساد والاستبداد، إلى فضاءات العمل المدني المريحة، مدفوع الأجر تحت مسميات مختلفة، ولتصبح قاعات الفنادق الفاخرة، بديلاً عن الاحتشاد في الشوارع والميادين والعمل بين صفوف الناس في مواقعهم.
وستعمل حكومات وأنظمة عدة، على إغراق المجتمع المدني بمؤسسات من صنعها، وتحت إدارتها وإشرافها، إن بهدف مقاسمة المجتمع المدني الفاعل موارده، أو بالأحرى، لتجفيف موارد هذا النوع من مؤسسات المجتمع المدني، أو للعمل على احتوائه وتدجينه، وتوظيفه في غير "تفويضه" و"وظيفته" كفاعل مستقل بين المواطنين والسلطة التنفيذية، ستصبح ألوف وعشرات الألوف من هذه المؤسسات، أدوات للتشغيل ووسيلة لامتصاص فائض العمالة، ووظيفة لمن لا وظيفة له
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير