مهاجر في ملبورن يقود جنوب السودان في كأس العرب
نبأ الأردن -
سيعتمد منتخب جنوب السودان في مشاركته الثانية بكأس العرب على مجموعة تضم لاعبين لاجئين عادوا إلى بلدهم الذي وُلد في عام 2011 بعدما غادروه بسبب الحرب الأهلية.
ويتطلع المنتخب إلى الوصول إلى مجموعات بطولة كأس العرب لكرة القدم بعدما كانت مشاركته في التصفيات السابقة محبطة بعد خسارته اعتبارياً أمام الأردن لظروف قاهرة، لكنه يصطدم في النسخة الحالية التي تقام في قطر بمنتخب سوريا، يوم الثلاثاء.
ويشارك الفريق الملقب بـ "النجم الساطع" في البطولة بدعوة، ويمثل اللقاء ضد سوريا تحدياً هائلاً للاعبين لإثبات قدرتهم على التنافس في مثل هذه المستويات، وبالنسبة لجنوب السودان، الهدف هو اكتساب خبرة دولية قيمة مقروناً بتقديم أداء مشرف.
وبالنسبة لجنوب السودان الذي انضم إلى مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في 2012، فإن كرة القدم تُلعب في كل مكان، من الملاعب في العاصمة جوبا إلى القرى النائية وصولاً إلى مخيمات النازحين في جميع أنحاء البلاد.
اشتهر البلد الذي انفصل عن السودان في 2011 بعد حرب أهلية استمرت نحو 60 عاماً، بعشق كرة السلة بالنسبة للشعب الذي بات ينظر إليها كالرياضة الأكثر شعبية واللعبة الأولى في البلاد الإفريقية، إلا أنها في ذات الوقت تمتلك وفرة من المواهب الكروية في مختلف أنحاء العالم، والكثير منهم لم تتمكن المنتخبات الجنوب سودانية من الاستفادة منهم بسبب تمثيلهم لدول أخرى أمثال دينيس زكريا، اللاعب الحالي لمنتخب سويسرا ونادي موناكو الفرنسي، إضافة إلى عدة نجوم في منتخب أستراليا.
من لاجئ إلى قائد
سيذود ماجاك ماويث عن مرمى جنوب السودان أمام سوريا، يوم الثلاثاء، بعد قصة مثيرة حولته من لاجئ إلى قائد للمنتخب.
في منتصف شهر أكتوبر الماضي، ارتدى ماجاك ماويث شارة القيادة، وقاد منتخب بلاده في مباراة ضمن تصفيات كأس العالم 2026. في جوبا، عاصمة جنوب السودان.
كان مشهدًا لم يكن والداه ليتخيلاه مطلقًا، حتى في أقصى أحلامهما، عندما وُلِد ثاني أكبر أبنائهما السبعة.
ولم يكن الأمر بسبب أي شكوك حول مهارته في التعامل مع الكرة، بل كان لسبب أكثر وضوحًا يتمثل في أن دولة جنوب السودان لم تكن قد وُجِدت بعد في ذلك الوقت. وما كان موجودًا بالفعل هو سلسلة من التضحيات الاستثنائية التي قدمها والدا ماويث من أجل عائلتهما، والتي كانت بمثابة بداية لرحلة شهدت عودة اللاعب، البالغ من العمر 26 عامًا حاليًا، ليصبح جزءًا رئيسيًا من المنتخب الوطني في أحدث دولة في العالم.
وُلد ماويث في مخيم للاجئين في كينيا، على بُعد حوالي 300 كيلومتر جنوب شرق جوبا، ثم انتقل مع عائلته وهو في الخامسة من عمره إلى أستراليا، حيث وقع في حب كرة القدم وشاهد إعلان استقلال جنوب السودان في يوليو 2011.
وقال قائد جنوب السودان في مقابلة مع موقع "فيفا": ولدتُ لاجئًا في مخيم كاكوما بكينيا، وبقينا أنا وعائلتي هناك لمدة خمس سنوات. وكما هو الحال مع الكثيرين، فرّت عائلتي من الصراع، وساروا لأيام طويلة فقط للوصول إلى كينيا، لا توجد كلمات تصف تضحيات والديّ، وأنا حريص على أن أمنحهما الحياة التي يستحقونها.
وأضاف: الآن، إنه لأمر رائع أن نعلم بأن بلدنا قد نال استقلاله، وفي كل مرة تتاح لي الفرصة للعودة إلى الوطن، أرغب في القيام بشيء من أجل هذا البلد، أحيانًا لا يعرف الناس القصة الحقيقية، وتسمع أشياء على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. إن هذا البلد جميل للغاية، وطعامه رائع، وشعبه أيضًا. لدينا أشخاص رائعون في جنوب السودان، وكل شخص تقابله وتتفاعل معه يترك فيك أثرًا جميلًا.
وبشأن المشاركة في كأس العرب، أوضح: بطولة مهمة حقًا بالنسبة لنا، لقد كانت هدفنا، وهي فرصة لنُظهر للعالم جوهر منتخب جنوب السودان. للأسف، لم نتمكن من تحقيق ذلك قبل أربع سنوات، لكننا جاهزون الآن، ومستعدون بشكل أفضل بكثير، والفريق يبدو في وضع لا يُصدق، لقد كنا معًا طوال الأشهر الثلاثة الماضية، نخوض المباريات باستمرار، ونشعر أننا جاهزون تمامًا، نحن فريق قوي بدنيًا، سيُقاتل دائمًا ولن يستسلم أبدًا. نعرف جيدًا مَن يقف خلفنا، وهذا يمنحنا شعورًا بالحماس للقتال من أجل تقديم نتائج مُرضية لجماهيرنا دائمًا.
وأصبح ماويث الآن الحارس الأول لمنتخب بلاده، وقد كانت مصادفة عابرة في ملبورن هي ما وضعته على طريق مسيرته الكروية؛ ولولا ذلك، لكانت الأمور قد سارت بشكل مختلف تمامًا.
في الخامسة عشرة من عمره، انطلق ماويث مع مجموعة من أصدقائه لمشاهدة حصة تدريبية لناد محلي في الدوري الأسترالي، وهناك شاهده ستيف ماوتوني، مدرب حراس المرمى في ملبورن فيكتوري، وهو يرتدي قفازات. وسرعان ما تبع ذلك دعوة لإجراء اختبار ثم الانضمام إلى أكاديميته الخاصة، وهذا بدوره قاد اللاعب للانضمام إلى فرق الشباب في ملبورن فيكتوري، وملبورن سيتي (بطل الدوري المحلي الحالي).
وبعد أن نشأ ماويث في مجتمع جنوب سوداني مترابط إلى جانب نجوم أمثال جارانغ كول، نجم منتخب أستراليا، فإنه يدرك تمامًا مدى جودة لاعبي جنوب السودان.
وبينما يتمثل التحدي المباشر في ضمان تقديم بطولة ناجحة في كأس العرب، فإن التركيز بعد ذلك ينصب بشكل كبير على التطور المستمر والارتقاء إلى الصدارة القارية.
أندية وأسماء غريبة
وبدأت أندية جنوب السودان في الظهور على مستوى البطولات الإفريقية، ولكن لم تشتهر الفرق بسبب مستوياتها داخل أرضية الملعب، بل بسبب الأسماء التي انتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، بداية من نادي أطلع برة الذي جاءت تسميته على خلفية الحرب الأهلية في السودان قبل الانفصال، عندما كان أفراد الجيش السوداني يقومون بدخول أحياء جوبا، عاصمة جنوب السودان حاليا، ويطلبون من الرجال الخروج من منازلهم ليلاً تحت تهديد السلاح باستخدام كلمة "أطلع برة".
وبحسب التقارير الإعلامية تحول اسم النادي لاحقاً إلى جاموس الذي شارك في النسخة الحالية من التصفيات التمهيدية لدوري أبطال إفريقيا وودع على يد الهلال السوداني.
























