د.وليد العريض يكتب: وليمة الذئب: من يوميات قطيع الطواويس

نبأ الأردن -
في غابةٍ بعيدة حيث لا تغرّد العصافير بل تُصفّر الرياح، اجتمع مجلس الحيوانات الأليفة لإحياء مناسبة عظيمة: استقبال الذئب الرمادي العجوز الذي كان – برغم أنيابه الملطّخة – ضيف الشرف في حفلة السلام الأبدي.
كانت الطواويس تتقدّم المجلس ريشها ملوّن وقلبها مكسور… لكنّها تحبّ الرقص أمام الضواري.
قال الطاووس الأكبر وهو يعدّل التاج المصنوع من ريش طيور مهاجرة:
نحن نعرف الذئب أكثر من الذئاب أنفسهم… وهو صديق قديم للأسرة.
في مكان آخر من الغابة وقف الثعلب العجوز أولمورت وهو يبكي على أطلال الضمير:
لقد مزّق الذئب أشبال الأرانب... ولطّخ أنيابه بلحم الخراف... إنه يرتكب مجازر كل يوم!
لكنّ صوت الثعلب لم يصل إلى مجلس الطواويس فقد كانت الموسيقى عالية… ومكبرات الصوت موجهة نحو الضباع.
حتى الكلب المرقّط رون فاينر والذي خدم طويلاً تحت الذئب قال وهو يمسح دمعه:
أنا أرفض تنفيذ الأوامر... لقد طلبوا مني أن أعضّ الرضيع وقلت: هذا كثير حتى عليّ!
لكنّ القرد الكاتب في الجريدة الرسمية قال:
الكلب فاينر ناكر جميل… لا يمثل الغابة.
أما البومة العالمة فقد صرخت بصوت يملأ الغابة:
ما يجري هو إبادة جماعية! الخراف تُشوى حية، والمياه سُمّمت، والعشب أُحرِق!
لكن مجلس الطواويس أرسل لها دعوة أن تهدأ وتحضر مأدبة التفاهم.
وفي قاع الغابة كانت الضفادع تغنّي:
سلامٌ على الذئب... طالما أنه يدعنا نغنّي في مستنقعه.
حتى النمر الأسود الذي خسر نصف غابته بسبب الذئب، قرر أن يعطي فرصة للسلام.
وسمّاه البعض: النمر العاقل... لأنّه يعرف متى يخفض مخالبه.
وأمام كل هذا، كان الحمار الأبيض (وهو مثقف الغابة) يسأل:
لماذا حين يعترف الذئب بجرائمه لا نصدّقه؟ بل نعتذر له؟
فصاح فيه الطاووس الأصغر: احذر من الفتنة يا حمار! نحن نعرف مصلحة الغابة.
وحين انتهت الحفلة عاد الذئب إلى وكره ممتلئًا من لحم العصافير المشوية…
ونظر إلى نفسه في المرآة ثم قال:
يالهم من مخلوقات… يعطونك المفاتيح،ثم يطلبون منك أن تأخذ راحتك!
وضحك الذئب وبصق عظمة خروف قائلاً: لو لم أكن ذئباً… لتمنيت أن أكون طاووسًا عربيًا!
نهاية الحكاية... أم بدايتها؟
الغابة لا تتغيّر ما دامت الطواويس تعتقد أن الرقص مع الذئاب يُكسبها شرعية.