الدكتور محمد جرار آل خطاب يناشد جلالة الملك لإنقاذ جامعة الحسين بن طلال: "صرح الحسين لا يجوز أن يذبل وهو يحمل اسمه"

{title}
نبأ الأردن -

إلى المقام السامي لحضرة
صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظكم الله ورعاكم.

مولاي المفدّى،
يا من حملتم راية المجد، وورثتم عهد النهضة من الحسين الباني، ومضيتم بها إلى ذُرى الرفعة، وخطوتم بالوطن على طريق العزّ والعلم والعدالة، نرفع إلى مقامكم السامي هذا الخطاب، ونحن مفعمون بالرجاء، وواثقون بأن صوتنا سيصل إلى قلبكم الكبير وعقلكم البصير، الذي لطالما أنصت لهموم الوطن، واستجاب لنداءات أبنائه من كل بقعة على ثرى الأردن العزيز.

مولاي،
من جنوب الوطن، من معان الوفية، التي لم تخبُ فيها جذوة الولاء، ولم تخمد فيها نار العزيمة، نكتب إليكم نحن أبناء جامعة الحسين بن طلال، من حملوا أمانة التأسيس منذ أن صدحتم بمكرمتكم السامية بإنشائها، عن همٍّ ثقيل، وعن صرحٍ علميّ عظيم بات اليوم مهددًا، لا فقط بالإفلاس المالي، بل بالغياب عن خريطة الأمل والتنمية.

جامعة الحسين بن طلال، التي نشأت في عهدكم الزاهر كأول جامعة أردنية تُؤسَّس بإرادتكم الملكية الحكيمة، وتحمل الاسم الأغلى، اسم الملك الحسين بن طلال، طيّب الله ثراه، تجد نفسها اليوم محاصَرة بالأزمات، مكبّلة بالعجز المالي، وقريبة من التوقّف عن أداء رسالتها النبيلة.

مولاي،
هذه الجامعة لم تكن مجرّد حرم أكاديمي، بل كانت وما تزال شريانًا نابضًا في جسد الجنوب، ورمزًا للعدالة التنموية التي آمنتم بها، وركنًا من أركان مشروعكم الوطني في النهوض بالتعليم، وتجذير التنمية في الأطراف، وتمكين الشباب، وتكريس الانتماء من خلال المعرفة.

لقد لعبت جامعة الحسين بن طلال، منذ تأسيسها، دورًا رياديًا في إنعاش محافظة معان، فتحوّلت من مدينة مغيّبة عن التنمية إلى مدينة أمل، تنبض بالحياة في قاعات الدرس، وتسري فيها الحركة في الأسواق، وتتنفّس عبر آلاف الطلاب الذين وفدوا من شتى المحافظات، فأسهموا في دمج الثقافات، وتوسيع المدارك، وتنشيط الاقتصاد المحلي، وخلق فرص العمل، وتحفيز الاستثمارات.

كما ساهمت الجامعة في بناء نخبة أكاديمية من أبناء الجنوب، وأتاحت الفرص للمرأة والطالب الفقير، وأقامت جسور الشراكة مع المجتمع المحلي، وربطت بين البحث العلمي والاحتياجات المجتمعية، فكانت بحقّ محرّكًا للتغيير والتقدّم.

إلا أنّ الأعباء المالية، وتراجع الدعم الحكومي، وغياب المشاريع الاستثمارية التي ترفد موازنة الجامعة، إلى جانب الظروف الاقتصادية الصعبة، قد أثقلت كاهل هذا الصرح العظيم، حتى بات عاجزًا عن دفع رواتب موظفيه، ومدخرات متقاعديه وحقوقهم التقاعدية، وتأمين مستلزمات طلابه، وإدامة عملياته اليومية. وما يبعث على الألم أكثر، أنّ هذا الانهيار يهدد طلاب العلم، ويحاصر طموحات آلاف الأسر.

مولاي جلالة الملك،
إنّ إنقاذ الجامعة اليوم، ليس مجرّد قرار إداري، بل هو قرار وطني بامتياز، ووقفة في وجه التراجع، وتأكيد على أن التنمية لا تتجزأ، وأن معان – المدينة التي احتضنت أولى بدايات الثورة العربية الكبرى، ورفعت راية الهاشميين – تستحق أن تبقى منارةً للتعليم، لا أن تغرق في الظلام.

وأن جامعة الحسين، التي وُلدت في عهدكم، وترعرعت على أرض الحسين، لا يجوز أن تذبل وهي تحمل اسمه، ولا أن تُترك وحدها تصارع مصيرها.

لذلك، فإننا نلتمس من جلالتكم – وأنتم أهل الفضل والقرار – توجيه الحكومة الرشيدة والجهات المختصة للنظر العاجل والجدي في إنقاذ الجامعة، وتخصيص الدعم المالي الكافي، ومعالجة جذور الأزمة، حتى تستعيد دورها ورسالتها.

ونحن على يقين، يا مولاي، أنكم لن تتركوا هذا الصرح يذوي، ولن تسمحوا بانكسار إرادة العلم، وأن إنقاذ الجامعة سيكون خطوة جديدة في مسيرتكم الحافلة بالعطاء والبناء، وخير تجسيد لمعنى الوفاء للإرث الحُسينيّ، الذي لم ينقطع يومًا عن هذا الوطن.

حفظكم الله، وسدّد على طريق الخير خُطاكم، وأدام عزّكم، وبارك ملككم، وجعلكم ذُخرًا لأردننا الغالي وأبنائه الأوفياء.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير