الدكتور محمد جرار آل خطاب يكتب: مازن الفراية: رجل الدولة في مرمى الحملات.. حين تصبح المسؤولية هدفًا للإغتيال الشخصي

نبأ الأردن -
قبل أن تنبري الأنفس المسمومة في كيل الاتهام لي أؤكد انني لم التقي يوما معالي الوزير مازن الفراية او احادثه هاتفيا ولا يربطني به أي مصلحة سوى واجب الدفاع عن احرار الوطن، ومحبة في قلبي لم ابح بها لهذا الرجل يوما، فإن كنتُ حنبليَّ الهوى في عشقِ معان، فأنا صوفيُّ الوجدان في حبِّ الكرك، وفي كلِّ شبرٍ من ترابِ الأردن، قرية كانت أو محافظة.
فلا يخفى على أحد أن موقع وزير الداخلية في أي دولة هو من أكثر المواقع حساسية، وأن القائم عليه يتعرض دائمًا إلى النقد والاتهامات من مختلف الجهات، خاصة في أوقات التحديات الداخلية والتغيرات السياسية أو الأمنية، وفي الأردن، يُعد مازن الفراية واحدًا من أبرز الشخصيات التي تحملت عبء هذا الموقع بشجاعة وحكمة، إلا أن بعض الحملات الأخيرة التي تستهدفه تطرح تساؤلات عميقة حول مدى إنصافنا للرجال الذين يتحملون عبء الدولة في أصعب الأوقات.
لقد نشأ مازن الفراية في بيئة عسكرية ووطنية جعلته يدرك مبكرًا معنى الانضباط والمسؤولية، شغل عدة مناصب أمنية وعسكرية قبل أن يُكلف بإدارة ملفات حساسة في الدولة، أبرزها دوره البارز في مركز إدارة الأزمات خلال جائحة كورونا، حيث ظهر للعامة بصفته مسؤولًا منضبطًا، صريحًا، يعمل بصمت دون استعراض أو استغلال إعلامي، هنا فقط عرفه عامة الشعب الأردني واستطاع أن يكسب محبة الجميع لقربه من المواطنين وواقعيته التي لمسها الجميع.
حين أُسند إليه منصب وزير الداخلية، لم يكن ذلك محض صدفة، أو تسلقا على اكتاف زملاءه، بل هو امتداد طبيعي لمسيرة مهنية حافلة بالمسؤولية والالتزام، ما جعله أهلًا للثقة الملكية التي أُسندت إليه.
ومنذ توليه منصب وزير الداخلية، واجه مازن الفراية عدة حملات إعلامية واتهامات مباشرة وغير مباشرة تتعلق بإدارته للملفات الأمنية، وبعض القرارات المرتبطة بتنظيم التظاهرات أو التعامل مع بعض الأحداث المجتمعية، خاصة أن فترة تكليفه جاءت في أوقات حرجة واضطرابات اقليمية ألقت بطبيعة الحال بتبعاتها على الوطن، وفي الوقت الذي نُؤمن فيه بحرية التعبير، وندرسه لطلبتنا في الجامعات، ونؤكد عليهم الالتزام به كحق دستوري، يجب التفرقة بين النقد البناء والحملات التي تتبنى أجندات تشويهية تستند إلى معلومات مجتزأة أو مغلوطة.
بعض هذه الحملات جاءت عقب إجراءات أمنية اتخذتها الوزارة في إطار القانون، هدفها حفظ الأمن العام، فهل يُعقل أن يُدان وزير الداخلية لأنه قام بواجبه؟ أليس من المفترض أن نقيّم الأداء على أساس المخرجات، لا بناءً على الرغبة في الإثارة أو التحريض؟
أي متتبع رصين للواقع الأردني يدرك حجم الضغوط الأمنية والسياسية والاجتماعية التي يواجهها الوطن، من قضايا المخدرات العابرة للحدود، إلى الحراك المجتمعي، إلى تنظيم التجمعات العامة التي تبذل فيها وزارة الداخلية الجهد العظيم في ضبطها، ومحاولة البعض إخراجها عن أهدافها المعلنة لتحقيق أهداف باتت مكشوفة لأبناء الشعب الأردني، وصولًا إلى التعامل مع ملفات حساسة تتعلق باللجوء والعمالة والتوازنات الداخلية.
كل هذه الملفات تقع على عاتق وزارة الداخلية، ويقودها مازن الفراية بروح رجل الدولة، لا السياسي الباحث عن الشعبية. فهو يدرك أن قراراته قد لا تُرضي الجميع، لكنها تُرضي ضميره المهني، وتحافظ على استقرار البلد.
لقد تعامل الوزير مع العديد من الأزمات بحكمة، سواء كانت أحداثًا ميدانية، أو مطالب شعبية، أو قضايا عشائرية، وكان دائمًا حريصًا على تغليب لغة الحوار دون المساس بهيبة الدولة، وجميع المتابعين شاهد كيف قام الوزير بتلبية نداء مواطن أردني وفتح أبواب وزارة الداخلية في عطلة عيد الفطر المبارك خدمة لمواطن عادي من وجهة نظر البعض لكنه من وجهة نظر معالي الوزير أردني اقسم معالي الوزير على خدمته.
في خضم الضجيج، يغفل البعض عن إنجازات وزارة الداخلية في عهد الفراية، فقد تم تعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية، وتحديث آليات ضبط الأمن، وتبني نهج استباقي في التعامل مع التهديدات، كما شهدت فترات وجوده تحسنًا في مؤشرات الأمن الداخلي، وتراجعت بعض مظاهر الفوضى في أماكن كانت تُعد بؤرًا للقلق.
على صعيد العلاقات مع المجتمع المحلي، كانت الوزارة حاضرة في جلسات الحوار، ومنفتحة على المطالب الشعبية، وهو أمر لا يفعله وزير "منغلق" كما يروّج البعض.
وأعيد التأكيد أن الدفاع عن مازن الفراية ليس دفاعًا شخصيًا، بل هو دفاع عن قيمة الدولة نفسها، عن هيبتها وهيبة مؤسساتها، عن عائلاتنا الأردنية وضرورة حمايتها من اقحامها في اي خلاف سياسي، وعن العدالة في التقييم، فلا يوجد مسؤول فوق النقد، لكن لا يجوز أن يتحول النقد إلى تشويه أو اغتيال معنوي، أو استهداف شخصي وعائلي.
وزير الداخلية ليس صانع قرارات فردية، بل جزء من منظومة سيادية متكاملة، يعمل وفق توجيهات واضحة ومحددات دستورية، وإذا كانت هناك تحفظات على بعض السياسات، فالقنوات القانونية والرقابية مفتوحة للجميع.
إن المرحلة التي يمر بها الوطن الأردني تحتاج إلى خطاب عقلاني، متزن، يُفرق بين المسؤولية والتجريح، وبين النقد والتشهير، ومن الظلم أن يُستهدف مازن الفراية لمجرد أن قام بواجبه، أو لأنه رفض المساومات التي تمس هيبة القانون.
إن إنصاف المسؤولين المخلصين لا يعني التملق او كما يطلق الغوغائيين عليه التسحيج فلا مصلحة لدى اكاديمي في التملق لوزير لا يرتبط مع وزارته بأدنى مصلحة شخصية ، بل هو واجب وطني، فلم يعد مجالا للسكوت او الحياد، لأن الهدم أسهل من البناء، واغتيال السمعة أسهل من إنصافها، والحق لا يُقال دائمًا بصوت مرتفع، لكنه يبقى حقًا.
آن الأوان أن نذود عن وطننا ضد الأقلام المسمومة، وأصحاب قنوات الإثارة والمواقع الإلكترونية المشبوهة، وآن لنا أن نواجه أصحاب الهتافات التي تمسّ جيشنا وأجهزتنا الأمنية، وأن نرفع الصوت عاليًا: كفى! فالجيش هو أيقونة الصبر، والعشق، والعطاء، ولن نقبل أن تُدنّس صورته بهتافاتٍ مغرضة، ما دام فينا نبضٌ ينبض بحبّ هذا الوطن.
وهذه دعوة صادقة أوجهها إلى أصحاب الأقلام المنصفة في وطني، وهم كُثُر، أن يُبْروا أقلامهم للدفاع عن المخلصين من أبنائه، وعن دوره القومي، وإنجازات قيادته، وجيشه العربي، وأجهزته الأمنية.
لقد طال سكوتنا عن الرد على المتربصين، حتى فسّره البعض ضعفًا، لا ترفّعًا عن صغائر الأمور. فظنّ الطامعون والحاقدون على تراب هذا الوطن وقيادته ومخلصيه، أن صمتنا تراجع، لا حكمة.
لكن لم يعد يليق بنا الصمت، فقد حان وقت رفع الصوت بالتصريح، لا بالتلميح.