معركة الكرامة: انتصار الإرادة الأردنية في وجه العدوان

نبأ الأردن -
كتب خالد شطناوي - تعد معركة الكرامة واحدة من أهم المعارك في التاريخ العربي الحديث، حيث شكّلت نقطة تحول في الصراع العربي-الإسرائيلي، وأثبتت قدرة الجيوش العربية على التصدي للاحتلال إذا توافرت الإرادة والعزيمة. وقعت المعركة في 21 مارس 1968 بين القوات الأردنية والفدائيين الفلسطينيين من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، على أرض غور الأردن، وانتهت بانتصار أردني واضح عزز الروح الوطنية والقومية في المنطقة.
خلفية المعركة:
بعد نكسة يونيو 1967، كان الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتعزيز سيطرته على الأراضي العربية المحتلة وفرض واقع جديد. وفي هذا السياق، خططت إسرائيل لشن هجوم عسكري على منطقة الكرامة الأردنية، بحجة القضاء على الفدائيين الفلسطينيين هناك، لكنها كانت تسعى أيضاً لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية من خلال السيطرة على مناطق إستراتيجية شرق نهر الأردن.
تفاصيل المعركة:
في فجر يوم 21 مارس 1968، بدأ الجيش الإسرائيلي هجومه عبر نهر الأردن مستخدماً الدبابات والمدفعية الثقيلة، إضافة إلى الغطاء الجوي. لكن القوات المسلحة الأردنية، بقيادة الملك الراحل الحسين بن طلال، كانت على أهبة الاستعداد، حيث خاض الجنود الأردنيون معركة شرسة، أظهروا فيها بسالة نادرة وصموداً أسطورياً أمام قوة الاحتلال المدججة بالسلاح.
استمرت المعركة قرابة 16 ساعة، واجه خلالها الجيش الأردني موجات متتالية من الهجمات، لكنه نجح في التصدي لها، بل وأجبر القوات الإسرائيلية على الانسحاب، تاركة وراءها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وهو ما شكّل ضربة قاسية لهيبة الجيش الإسرائيلي الذي كان يُنظر إليه آنذاك على أنه "لا يُهزم".
نتائج المعركة:
1. انتصار معنوي وعسكري: رسخت معركة الكرامة صورة الجيش الأردني كقوة قادرة على مواجهة العدوان وإلحاق الهزيمة به، مما عزز الروح المعنوية لدى الجيوش العربية.
2. دحض أسطورة الجيش الذي لا يُهزم: شكّلت المعركة صدمة لإسرائيل، حيث أثبتت أن الجيش العربي المنظم والمستعد قادر على مواجهة جيش الاحتلال وهزيمته.
3. تعزيز الوحدة الوطنية: وحّدت المعركة الجبهة الداخلية في الأردن، وزادت من الالتفاف الشعبي حول القوات المسلحة الأردنية.
4. دعم القضية الفلسطينية: أعطت المعركة دفعة قوية للمقاومة الفلسطينية، حيث أظهرت أن الاحتلال الإسرائيلي ليس قوة لا تُقهر، وهو ما انعكس لاحقاً على تصاعد العمل الفدائي ضد الاحتلال.
الخاتمة:
لا تزال معركة الكرامة رمزاً للصمود والإرادة في الذاكرة العربية، حيث جسدت قدرة الشعوب على الدفاع عن حقوقها وسيادتها رغم الفارق في العتاد والإمكانيات. وهي تُدرّس اليوم كنموذج للبطولة والتخطيط العسكري الناجح، مما يجعلها فخراً لكل عربي يؤمن بالحرية والكرامة.