د. نضال المجالي يكتب : رئيس حكومة ونكهة مختلفة
نبأ الأردن -
قد تكون النكهة واحدة، فهي سياسة مستمرة لجميع من يكلف بالمنصب رئيسا للوزراء، فنحن نتحدث عن موقع لرئاسة حكومة مملكة وزنها وعمرها ومكانتها وثوابتها قائمة على التطور والتحديث والبناء للأفضل في مصلحة الدولة والمواطنين منذ تأسيسها، ولكن يبقى خلف نكهة التكليف ما هو اذواق الجمهور لتقبلها او رفضها او مناقشة جودتها، وللإنصاف كان لكل رئيس حكومة اردنية نكهة ومكانة، ومن تقبلها منا كان مستفيدا او تتوافق مع ثوابته ومصالح الوطن، ومن رفضها منا كان مستثنى وتختلف مع اتجاهاته وحسب رأيه لا تحقق المطلوب، ولكن بعيدا عن قبول او رفض، فالشخصيات هي قرار ورؤية صاحب القرار وسأقبلها بقلب مطمئن وثقة كاملة، منهم من استحقها ومنها من قصّر في مكانتها.
شخصيا تعاملت مباشرة مع عدد من رؤوساء حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بين اتصال ولقاء ومهمة، منهم من كانت غير رسمية لا تزيد في مجموعها عن ايام اقل من شهر قمري في مجمل عمله، ومنهم من تجاوزت عدد ايام سنة شمسية في اتصالها، منهم من تعجبك شخصيته خلف الكواليس وترفضها رسميا وظيفيا، ومنهم من يأسرك خلف الكواليس او امام الجمهور وظيفيا، وكمتحدث عن تجريه شخصية سأنصف رئيس الحكومة السابق، قربا لقلبي وقناعة في كل نقاش او جلسة حضرتها بوجوده، وان لم تعجبني بعض التفاصيل في قضايا معينة، فهو رأي لا يغير من حجم ما اعلمه من مكانة ووعي له.
في حكومة الرئيس الحالي، والتي لا تربطني به اي صله من اي لقاء سابق، ولكن من مشاهدات ومتابعة، ارى اننا نعيش نموذج له نكهة وقرار ومرجعية، تعكسها خطوات اجرائية جريئة وشخصية مختلفة ايجاباً، منها موقف مثلا شهدته قبل تكليفه بفترة قصيرة جدا، في نموذج دخوله لعمل رسمي على بوابة احد الفنادق في العقبة، بمركبة منفردة ينزل منفردا، يفتح صندوقها دون نزول سائقها ويحمل حقيبة ملابسه الشخصية، متوجها بعد وقوف كامل المدة في منطقة "كاونتر" الاستقبال، متوجها بعدها لتناول وجبة الافطار في المطعم الرئيسي، وهو نموذج موظف الدولة الطبيعي بغض النظر عن مسماه وما كان يشغله حينها، في وقت شهدت غيره بمنصب اقل وظيفيا في المهمة، كان حوله جوقة تحمل حتى سجائره وتنتشر في المكان، ويجلس في زاوية هامة في مطعم كبار الشخصيات في ذات الفندق لذات المناسبة، وعودة للرئيس بعد تكليفه، شهدت سيرة ومسيرة يومية، أتابعها منذ تشكيل حكومته كغيري من الاردنيين، تجعلني أتراجع كليا عن حكم قاصر حدثت به نفسي، دون مشاركته مع احد عند تكليفه، باننا "دخلنا في الحيط"، لأكتشف كل يوم ان حكمي خاطئ، ولا اعلم حتى لِما كنت قد حدثت به نفسي، وقد يكون لعدم توقعي الاسم قبل التكليف لا اكثر.
في حكومة دولة الرئيس الحالية رأيت جولات حقيقية في برنامجه لكل محافظة ومرفق خدمي، بتوجيهات واضحة ومتابعة منه وبقلة من بعض وزراء حكومته المميزين بإعادة الزيارة والمتابعة لها، بالرغم من قلة الحيلة المالية للتغير جوهريا، في حكومته رأيت تعين صاحب الكفاءة والخبرة الفنية، لمن تدرج في عمله ليكون مديرا لدائرة عملها فني متقدم كالجمارك الأردنية، فكان الاختيار والتثبيت صائبا، متجاوزا قائمة تطول من الطامحين للموقع من غير اصحاب الاختصاص بالرغم من ثقل "واسطاتهم"، ليعزز بالقرار موقف واهمية كل موظف في اي مؤسسة او وزارة ان يقدم الأفضل، ففرصة تدرجه للإدارة العليا اكبر، في حكومة دولته رأيت سرعة ترجمة حديث وتوجيهات القائد لاهمية ومكانة المتقاعدين العسكريين، ليكون اول من يتابعها عاجلا، بتصويب راتب التقاعد للمتضررين دون تردد، مع الأمل الكبير ان يلحق ذلك التفكير والإجراء بالمتقاعدين من غير العسكريين في القطاع الحكومي، فكل قدم وخدم، في حكومته ارى سردا اعلاميا للمنجزات، وان كان في طموح الانجاز متواضعا لكن يتم ربطه بمؤشرات رؤى التحديث الثلاث للتقييم، في حكومته ارى دولته شخصا يطمح لضمان طباعة اسمه كرئيس حكومة انجز وقدم ضمن قائمة رؤوساء لم ينساهم الشعب بالشكر والثناء والذكر الطيب، وهذا ارث هام يخدم الوطن، في حكومة دولته تتبع لكافة مهام وزراء حكومته، الذين يدعوهم احيانا قبل الثامنة صباحا لمهمة واجتماع، في حكومته زيارة لأسواق وأندية ومراكز صحية ومدارس من برامج زيارات غير تقليدية، في حكومته نموذج قريب من الشارع نبضا حتى اليوم.
في مقالي هذا وان كان هناك من يراه ثناء ومدح لمواطن اردني بمنصب رفيع في الدولة، إلا انه دعوة وأمل كثيرون بان يبقى كما بدء، ويستمر كما يفعل، ويحقق كما نأمل جميعا، فيكون على قدر ما حمله كتاب التكليف السامي، ليخالف حديث صالونات لم يعجبها حضوره، ويشيرون بأننا نعيش حالة مؤقتة تنتهي بواقع الحال وواقع الاقتصاد، واقول له ان كانت العقبات كثيرة فاجزم كمتابع ايضا للمشهد ان بين وزراء حكومتك من هم على اعلى قدر من المسؤولية والعطاء ونحن كما انت نعلمهم ونجلهم، وان كان التعطيل مستمرا فهم بعض من وزراء ومدراء حكومتك التقليديين في قدرتهم على السير بسرعة وثقة ورؤية ووتيرة خطوات تتطلبها المرحلة، ولو سألتني مباشرة سأذكرهم دون تردد، فمنهم من يحمل اسم وزارة او مؤسسة حكومية اكبر من حجم عمله السابق، ومنهم من يحمل استراتيجيات وزارة او مؤسسة اكبر من علمه القاصر، ومنهم من يحمل إرثا لموقع او مساحة اوسع من حدود مخيلته المتواضعة، مما يستوجب اعادة التفكير بهم وبمواقعهم وببقائهم، فمن كان سابقا مؤهلات اختياره لغاية الثقة فقد منحت لكم، ومن كان اختياره لغاية جغرافية فنجاح الوطن رسمة جغرافية واحدة، ومن كان اختياره بالتوصية والمحبة اجزم انك علمت انه قادر او غير قادر على النجاح، ولهذا لا تتردد دولة الرئيس بخطوتك القادمة وامضي لمصلحة الوطن والمواطن والإيفاء بما حملته من ثقة القائد لاختيارك.

























