د. أحمد فايز العجارمة يكتب : الأمة مصدر السلطات أم الشعب مصدر السلطات؟

{title}
نبأ الأردن -
في النسخة الأكثر تقدماً من العقد الإجتماعي جعل الفيلسوف الفرنسي من أصل سويسري جان جاك روسو (1712-1784) تنازل الأفراد الأحرار عن حريتهم الطبيعية لا يكون للحاكم المستبد كما قال هوبز وليس للسلطة الشرعية كما قال جون لوك بل للإرادة العامة، والتي هي أرادة مجموع أفراد المجتمع ككل.
فالأفراد الأحرار كانوا يعيشون في براءة وسلام في حالة الطبيعة، متصالحين مع أنفسهم ومع الطبيعة حتى تطورت المجتمعات وظهرت الملكية الخاصة، فظهر معها اللامساوة والصراع. ومن أجل التغلب على هذا الصراع; دخل الأفراد في عقد اجتماعي تنازلوا فيه عن حريتهم المطلقة التي اكتسبوها طبيعياً الى الإرادة العامة. ومن خلال هذا العقد يصبح الأفراد متساوون في الحقوق والواجبات ويخضعون للقانون الذي هو تعبير عن أرادتهم المشتركة أو )الإرادة العامة(.
فالإرادة العامة أذا هي الإرادة المشتركة للأفراد المتمثلة بكيان معنوي يسمى الأمة، ومنها تنبثق جميع السلطات بوصفها مصدراً لها، فالأمة مصدر السلطات كونها المملثة للإرادة العامة، وقد بُنيت معظم دساتير الدول الديمقراطية الحديثة على هذا المبدأ، الذي تم التعبير عنه بصيغتين صيغة (الأمة مصدر السلطات)، وصيغة (الشعب مصدر السلطات).
والحقيقة أن هناك فرق دقيق في المعنى بين هاتين الصيغتين أورده الدكتور منذر الشاوي في مجلده الضخم الموسوم بـ "فلسفة الدولة"، ولهذا الفرق علاقة وثيقة بمفهوم الإرادة العامة عند روسو، إذ أن الدساتير في النظم البرلمانية غالباً (ومنها الدستور الأردني مثلاً) تورد هذا المبدأ بصيغة (الأمة مصدر السلطات)، وذلك على اعتبار ان الإرادة العامة فيها ممثلةً بكيان معنوي تجمعت فيه كل إرادات الأفراد في المجتمع، وهذا الكيان يسمى (الأمة)، ويتم تمثيله من خلال البرلمان الذي هو (مجلس الأمة). والذي بدوره يعطي الشرعية للسلطة التنفيذية للقيام باعمالها عن طريق منح الثقة.
أما في الدول ذات النظم الرئاسية غالباً ما يأتي فيها هذا المبدأ على صيغة (الشعب مصدر السلطات) وذلك لأن السلطة التنفيذية في تلك الدول والمتثملة برئيس الدولة، تأخذ شرعيتها مباشرةً من الشعب عن طريق الإنتخابات الرئاسية، وليس من مجلس الأمة، ولذلك كان الأنسب لهذه الحالة هي صيغة (الشعب مصدر السلطات).
وأياً كانت الصيغة في النظم الرئاسية أو البرلمانية فالمهم هو مدى تطبيق هذا المبدأ الدستوري والديمقراطي الهام، فهو يمثل شرطاً اساسيا في بناء دولة مدنية حديثة تُحترم فيها كرامة الإنسان، ويُعتبر شرطاً أساسياً لتحقيق التنمية والازدهار المستدام.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير