د . بسام العموش يكتب : حكومات الاقتراض
نبأ الأردن -
نعم لست متخصصا في الاقتصاد ولا المالية لكنني أزعم أن لي خبرة حصلتها من مجلس النواب ومجلس الأعيان والعمل سفيرا وحكومتين خدمت فيهما ، ودرست موازنات وتقارير ديوان المحاسبة ، كل ذلك يدفعني لأدلي بدلوي غيرة على بلدي الذي أراه يغرق في المديونية ببركة سياسات الاقتراض الدائم الذي صار نهجا لازما لوجود الحكومات والتي لم يخرج علينا فيها كلها رئيس ليقول لنا شيئا عن خطته في تقليص المديونية وصولا إلى القضاء عليها . المديونية تعني بيع البلد ورهن ما نملك ، وعلى أقل تقدير جعل استقلال البلد برسم البيع في ظل الحديث عن سايكس بيكو جديد ،لأن المدين لا بد أن يدفع أو يخضع . اذكر كلمة قالها لي الراحل عدنان أبو عودة في بيته -- الأردن بلد معتمد بفتح الميم الثانية ، ومعتمد بكسر الميم الثانية -- والخوف أن ينتهي اعتمادنا للغرض الذي فكر فيه المستعمر ، وعندها لن يضع في يدنا اي شيء !.
كانت مديونيتنا عام 1998 ثمانية مليارات بينما الان وصلنا الى ما يزيد عن خمسين مليار دينار . السبب كرم الحكومة في الاقتراض الذي صار قدرا مصنوعا لنا ، وآية حكومة لا تقترض لا لزوم لها . ليخطب النواب في الموازنة وليطلعوا على تقارير ديوان المحاسبة لكن ذلك لا ولن يؤثر في سير مركب المديونية . اذا كانت الحكومة الحالية قد اقترضت قبل نيلها الثقة فذاك له دلالة واضحة لكل عاقل . اذكر انني زرت وزارة المالية عام 1998 لأطلع على خطاب النوايا أي نية الحكومة في تسديد ما عليها ، فوجدت الخطاب غير مقنع للبنك الدولي والذي /اقترح علينا تخفيض عدد أفراد الجيش!!!/ . كنا نسدد 500مليون هي فوائد الدين بينما رقم الدين كما هو بل يزيد بعامل تأخر الدفع أو إعادة الجدولة أو بالاقتراض الجديد . ونحن الشعب لا نرى اي انعكاس لتلك القروض علينا بل نرى لهيب الاسعار يأكل جيوبنا حتى وصلنا نحن بلد البندورة أن يكون سعر الكيلو سبعين قرشا !! .مع أن جيوبنا مأكولة من كل السلع ومخالفات السير وفواتير الشركات ماء وكهرباء ونت ووو، و التي تسقط على رؤوسنا مثل المطر الذي حبسه الله عنا .
لا بد من الاتفاق على معايير وطنية الحكومة وكيف نصدر الحكم عليها خلال وجودها وبعد رحيلها ، ولن يكون من المعايير تحرير فلسطين ولا إنقاذ السودان الذي دمره العسكر ولا مساعدة لبنان وسوريا ، بل هي معايير محلية تتعلق بالتوبة عن الاقتراض ووجود برنامج لتخفيض المديونية والرقابة على الأسعار وإيقاف الجشعين واللصوص وإعادة النظر في الرواتب الفلكية بدءا براتب دولة الرئيس ووزرائه والنواب والأعيان والشركات الحكومية ووجود خطة قابلة للتطبيق فيما يتعلق بالبطالة والفقر ، أما الخطابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع فلسنا بحاجة لها فكلنا نؤمن ببلدنا وأمنه واستقراره.