جهاد مساعده يكتب : حكومة جعفر حسان... نموذج لترجمة التوجيهات الملكية إلى واقع ميداني
نبأ الأردن -
لطالما كان التخطيط السليم حجر الزاوية في تحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بأداء الحكومات، لكن الفارق الكبير بين التخطيط الناجح والتخطيط التقليدي يكمن في موقع انطلاق هذا التخطيط. فالتجربة أثبتت أن التخطيط الذي يبدأ من ميدان العمل، مستندًا إلى فهم دقيق لاحتياجات المواطنين والتحديات الفعلية، يكون أكثر فعالية من التخطيط الذي يُعد خلف الأبواب المغلقة أو من وراء المكاتب العاجية. في هذا السياق، تُعد حكومة جعفر حسان أنموذجًا يُحتذى به في إرساء أسس التخطيط الميداني القائم على التفاعل المباشر مع الواقع.
في الوقت الراهن، يُعد التخطيط الذي ينبع من الميدان ضرورة ملحّة، وهو النهج الذي تميزت به حكومة جعفر حسان من خلال اعتمادها على جولات ميدانية مكثفة إلى المحافظات والمناطق النائية، لفهم احتياجات المواطنين الحقيقية والتحديات التي يواجهونها. هذا النهج أتاح لها أن تضع خططًا وبرامج تستجيب بشكل مباشر للواقع، بعيدًا عن الافتراضات النظرية التي غالبًا ما تفشل في ترجمة طموحات المواطنين إلى حلول عملية ملموسة.
النهج الذي اتبعته حكومة جعفر حسان كان قائمًا على عدة ركائز أساسية.
أولها، التواصل المباشر مع المواطنين، فبدلاً من انتظار التقارير المكتوبة أو الاجتماعات التقليدية، كان المسؤولون ينزلون إلى الميدان للاستماع إلى شكاوى المواطنين ومقترحاتهم، مما ساهم في بناء الثقة بين الحكومة والشعب.
ثانيًا، التقييم الميداني للتحديات، حيث أجرى فريق الحكومة زيارات ميدانية للوقوف على حقيقة الأوضاع، سواء في المنشآت الشبابية والرياضية، أو المدارس، أو المستشفيات، أو مشاريع البنية التحتية. هذه الزيارات كشفت عن فجوات كبيرة بين التخطيط من وراء المكاتب والتخطيط على أرض الواقع، مما ساعد الحكومة على تحديد أولوياتها بشكل أفضل.
علاوةً على ذلك، تميزت حكومة جعفر حسان بإشراك أصحاب العلاقة في عملية التخطيط والتنفيذ. لم تكن القرارات تُتخذ في عزلة عن المواطنين، بل كانت تستند إلى حوار بناء مع المجتمعات المحلية. هذا النهج يعزز من شعور المواطنين بالمُلكية المشتركة للمشاريع الحكومية، ويساهم في نجاح هذه المشاريع واستدامتها.
التخطيط الميداني الذي انتهجته حكومة جعفر حسان لم يكن خاليًا من التحديات، فقد واجهت الحكومة مقاومة من بعض الأطراف التي اعتادت سابقًا على أسلوب العمل التقليدي القائم على القرارات غير المستندة على التخطيط السليم. ومع ذلك، تمكنت الحكومة من التغلب على هذه التحديات من خلال التركيز على النتائج الملموسة وإثبات جدوى النهج الميداني.
النهج الذي قادته حكومة جعفر حسان يُبرز دروسًا مهمة للحكومات والمؤسسات على حد سواء. أهم هذه الدروس أن التخطيط السليم لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن الواقع الميداني. فالبيانات المكتبية قد تعطي صورة عامة، لكنها لا تعكس التفاصيل الدقيقة التي يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في صياغة الخطط ورسم السياسات وتنفيذها.
كما تؤكد التجربة أن النزول إلى الميدان لا يعزز فقط من دقة التخطيط، بل يعكس أيضًا التزام الحكومة بمبادئ الشفافية والمساءلة. عندما يرى المواطنون المسؤولين يتفاعلون مباشرة مع قضاياهم، يتولد لديهم شعور بالثقة بأن الحكومة تعمل بجدية لتحقيق مصالحهم.
إن حكومة جعفر حسان قدمت نموذجًا عمليًا في كيفية تحويل التخطيط من عمل نظري إلى ممارسة ميدانية فعالة. هذا النموذج ليس مجرد تجربة ناجحة، بل هو درس يُلهم الحكومات والمؤسسات بأن التغيير الحقيقي يبدأ عندما تخرج الخطط من خلف المكاتب إلى أرض الواقع، حيث يوجد المواطن، وحيث تكمن الحاجة إلى الإصلاح والتطوير.
هذا النهج يعكس جوهر التوجيهات الملكية السامية، التي شددت دائمًا على أن نجاح الحكومات في خدمة المواطنين وتحقيق التنمية المستدامة يعتمد على تواجدها الفعلي في الميدان. فقد أكد جلالة الملك عبدالله الثاني مرارًا على ضرورة أن تلامس خطط الحكومات احتياجات المواطنين اليومية، وأن تكون السياسات مبنية على الواقع الحقيقي، وليس مجرد افتراضات أو نظريات بعيدة عن التطبيق.
التوجيه الملكي السامي كان دائمًا واضحًا في ضرورة تعزيز الشفافية، المساءلة، والعمل القريب من الناس، وهو ما جسدته حكومة جعفر حسان من خلال تبنيها نهجًا عمليًا ركز على المواطن كأولوية أساسية في عملية التخطيط والتنفيذ.
من خلال هذا التوجه، أثبتت حكومة جعفر حسان أن العمل الحكومي الفاعل يجب أن يكون انعكاسًا للرؤية الملكية، التي ترى في الميدان المصدر الحقيقي لصياغة السياسات والخطط القادرة على إحداث الفرق الحقيقي في حياة المواطنين.